اليمن…. بوابة عبور الغزاة إلى الجحيم
يونس احمد الناصر
الجمهورية اليمنية هي الوحيدة في الخليج التي تطَّور نظامها السياسي إلى النظام الجمهوري , و هي دولة تقع جنوب غرب شبه الجزيرة العربية, و تبلغ مساحتها حوالي 527,970 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها 26,687,000 نسمة حسب تقديرات( 2015 )، ولليمن أكثر من 200 جزيرة في البحر الأحمر وبحر العرب أكبرها جزيرة سقطرى وحنيش , و للجمهورية اليمنية دستوراً ينصُّ على ديمقراطية الدولة وإقرارها التعددية الحزبية والسياسية , وإن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع , واليمن عضواً في جامعة الدول العربية منذ 1945 والأمم المتحدة منذ 1947 وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة التجارة العالمية , وقد تحققت الوحدة بين شطري اليمن في 1990 م.
يعتمد الاقتصاد اليمني على موارد محدودة من النفط والغاز, لم تستغل جيداً , وهنا يبرز تأثير باقي دول الخليج الفارسي و الاستعمار في منع الدولة اليمنية من استثمار مواردها النفطية و الغازية و التي تشير التقديرات بأنها لا تقل عن احتياطيات دول الجوار , رغم ما يعانيه الشعب اليمني من الفقر , مع ملاحظة بأن الشعب اليمني أيضا يختلف عن محميات الخليج بالعلم و الثقافة .
يبدأ تاريخ اليمن القديم من أواخر الألفية الثانية ق.م، حيث قامت مملكة سبأ ومَعيَّن وقتبان وحضرموت وحِميَّر وكانوا مسؤولين عن تطوير أحد أقدم الأبجديات في العالم وهي ما عرف بخط المسند , وقامت عدة دول في اليمن في العصور الوسطى مثل الدولة الزيادية والدولة اليعفرية والإمامة الزيدية والدولة الطاهرية وأقواها كانت الدولة الرسولية .
و قد احتضن اليمن حضارات عديدة و شواهدها سد مأرب و مملكة سبأ و بلقيس أشهر ملكات اليمن و أروى الأقل شهرة و التي حكمت اليمن إلى وفاتها في الثمانين و بقايا قصر الملكة أروى بنت أحمد ( 365 غرفة ) شاهد حضاري على هذه الملكة التي أحبها شعبها وعاش تحت حكمها عشرات السنين , بما يشابه حكم الملكات السوريات أو الفرعونيات كعنوان تواصل حضاري.
و اليمن تاريخياً و حديثاً , هو بلداً زراعياً , أحسن أبناؤه استخدام عوامل الطبيعة , فأقاموا السدود و زرعوا أرضهم, كما استفادوا من واردات ممرات اليمن البحرية وموانئه
واليمن التي عرفها الرومان باسم العربية السعيدة , ، وقال العرب بأن اسمها مشتق من اليُمن أي البركة وهو نقيض الشؤم , أو أنه سمي باليمن لأنه يمين الكعبة..الخ , يعتبر أحد أقدم المناطق المأهولة في العالم وحضارات تسبق المملكة السبئية , مجهولة , بسبب قلة الدراسات الأثرية عن اليمن بسبب عرقلة مدفوعة بعدم الرغبة في إسكتشاف تاريخ اليمن قبل الإسلام و سد مأرب ( القرن العاشر والثامن قبل الميلاد) و حسب الضئيل الذي عثر عليه بظاهر الأرض، يفيدنا بأن اليمن كانت تتاجر بالبخور والبهارات والذهب و كذلك قصة ملكة سبأ وزيارتها للملك سليمان في العهد القديم وقدومها بقوافل محملة بالطيب والذهب , وكذلك الأسد المجنح من آثار مملكة حضرموت و الذي يخلد انتصارات المكرب كربئيل وتر الأول مابين 700 ـ 685 ق.م يروي قليلا من تاريخ اليمن .
تشرف اليمن على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي , ويبلغ طول الشريط الساحلي لليمن 2500 كم , مما يعطي لليمن موقعا جغرافيا غاية في الأهمية و مطمعاً لكل القوى الاستعمارية قديماً و حديثاً ومعظم اليمنيين هم من الحضر الذين يعيشون في مدن و قرى متناثرة وتوجد قبائل بدوية في صحراء صيهد , و يعيش 27,3% من السكان في المدن مقابل 73,7% في الأرياف و 75% من السكان أعمارهم أقل من 30 سنة و معدل النمو السكاني واحداً من أعلى المعدلات في العالم, ولذلك يُعتبر اليمنيون شعباً فتياً, يعيش فيه قرابة نصف السكان تحت خط الفقر , بسبب المؤامرة الخارجية و عنوانها الخليجي على اليمن , كي يبقى الشعب اليمني في خدمة الممالك و المهالك الوهابية ( كان زعيم القاعدة ابن لادن يموِّل ثلاث طائرات يملأها بالشباب اليمني للقتال في أفغانستان يومياً ), وعندما قرر اليمن الوقوف بوجه ممالك الخليج , أعلنت هذه الممالك الحرب الظالمة على اليمن ولم تشفع لها شافعية 65% من السكان, فتم استخدام التحريض المذهبي لضرب أبناء اليمن ببعضهم, كما هو الحال في كل الدول العربية الأخرى التي استهدفها مشروع برنارد لويس و أعني الشرق الأوسط الجديد.
و من يقرأ تاريخ الشعب اليمني, يعرف بأنه شعب مقاوم و منتصر على الدوام, و بأن من يدخل اليمن غازياً فمصيره الهزيمة و الاندحار و كشواهد لما نقول : فإن الإمبراطور الروماني أغسطس قيصر كان قد أرسل حملة عسكرية(25 ق.م) بقيادة حاكم مصر الروماني أيليوس غالوس, و بسبب عدم امتلاك الرومان معلومات جغرافية وسياسية عن اليمن, فقد أُبيد الجيش الروماني المؤلف من عشرة آلاف مقاتل أمام أسوار مأرب, و فشلت الدولة العباسية وكذلك الأيوبيين بالسيطرة على اليمن , ونال العثمانيون نفس المصير حتى دعيت اليمن بـ (مقبرة الأناضول ) فخلال الفترة ( 1538 و1547 ) أرسل العثمانيون ثمانين ألف جندي إلى اليمن، نجا منهم سبعة آلاف و قُتل الباقون و مابين (1904 ـ1911) بلغت خسائر العثمانيين عشرة آلاف جندي , و لم يعترف اليمنيون بالمعاهدة الأنجلو-عثمانية بترسيم الحدود الذي قسم اليمن لشمال وجنوب, عام 1915.
اجتاح (ربيع العرب) اليمن عام 2011 م , بعد تونس وليبيا ومصر ولا زالت حالة عدم الاستقرار إلى اليوم , ولا زال اليمنيون يواجهون هذه الهجمة, التي استخدمت الرجعية العربية كرأس حربة لاغتيال اليمن السعيد , من خلال العدوان الوهابي السعودي والذي تؤازره باقي قوى العدوان الوهابي في المنطقة , فيما دعوه "عاصفة الحزم” و الذي تشارك فيه الإمارات والبحرين و للأسف الشديد أيضاً أيَّدته مصر- و إن كان انخراطها في الحرب على اليمن بنسبة أقل من باقي محميات الخليج – بحجة دعم الشرعية و تثبيت عميلهم في اليمن المدعو( عبد ربه منصور هادي) الذي دخل عدن على الدبابات الوهابية متحدياً أبناء بلده و متجاهلاً لجراحهم و دمائهم التي سفكها الوهابيون, كما تناسى آثار اليمن و شواهده الحضارية التي دمَّرها أعداء الحضارة الوهابيون, وبُنية اليمن التحتية , التي بناها أبناء اليمن خلال سنوات الاستقرار من أموال و عرق اليمنيين , و تنحِّي الرئيس علي عبدالله صالح لم يشفع لهذا البلد العزيز, بما يشير إلى المخطط الخارجي لما يحدث في اليمن و غيره من دول " الخريف العربي " الذي عصف بالأنظمة الجمهورية و استثنى الأنظمة الأوليغارشية المتخلفة كالممالك و الإمارات الخاضعة للهيمنة الأمريكية في المنطقة , وأخيراً فإن هزيمة الحلف الوهابي وعاصفة الحزم كما أعتقد محققة , وانتصار الشعب اليمني المقاوم هو بحكم الثابت لديّ , ولدى كل من يعرف الشعب اليمني جيداً .