kayhan.ir

رمز الخبر: 3023
تأريخ النشر : 2014June30 - 22:00
أسئلة مشروعة عن ’الانتحاريين السعوديين’ في بيروت

لماذا لم توقفهما تركيا وكيف يتنقّل مطلوبان بجوازي سفر رسميين؟

تطرح التفجيرات الانتحارية المتنقّلة في لبنان لسلالة التكفيريين الموفدين من دول عربية غارقة في عتمة “القاعدة”، إشكالية التسامح المفرط معهم إلى حدّ الفلتان، في تنقّلاتهم بين الدول التي يفترض انضواؤها في عملية مكافحة العمليات الانتحارية والتخريبية، تمهيداً لوصولهم إلى هدفهم لارتكاب جرائمهم الإرهابية.

علي الموسوي


وبدلاً من أن تتعاون الدول العربية في ما بينها، ومع الدول الأخرى المحيطة بها والبعيدة عنها جغرافياً والتي تربطها بها علاقات دبلوماسية، في رصد المنخرطين في تنظيم "القاعدة” وتوابعه ومتفرّعاته بأسمائها المختلفة، ومراقبة تحرّكاتهم الإفرادية والجماعية في حال حصولها، تلتزم الصمت المطبق، وفي أحسن الأحوال، يطلق سفراؤها تصريحات خجولة لا ترتقي إلى مستوى "التخاذل” في إطلاق يد هؤلاء المجرمين في اقتراف جرائمهم، والتبرؤ منهم، أو تعطي "الأمان” لصحافتها ووسائل إعلامها للحديث عن أنّ الفاعل المعروف الهوّية ملاحق من قبلها وكفى، من دون زيادة حرف آخر، كمن يدرك في قرار نفسه أنّه مخطئ في ما فعل، وأنّه مقصّر في واجبه، إذا كانت النيّات حسنة، وإلاّ فهي على علم مسبق بأنّ عدم توقيفها لمواطنيها الغارقين في الإجرام التكفيري، يحقّق لها مكاسب سياسية في مكان ما في المنطقة، وبالتالي فهم أدوات غير ممسوكة بيديها ولكن يمكن التحكّم بها بطريقة ما.

هذا ما لمسه اللبنانيون بُعيد التفجير في فندق "دو روي” في محلّة الروشة في بيروت، حيث قتل السعودي علي بن ابراهيم بن علي التويني( 20 عاماً) وأوقف مواطنه عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الرحمن الشنيفي( 19 عاماً)، إثر دهم دورية من الأمن العام غرفتهما بناء لمعلومات مؤكّدة عن انتمائهما إلى تنظيم "داعش” وتفجيرهما حزاماً ناسفاً كان معلّقاً خلف الباب الرئيسي.

فقد تبيّن أنّ هذين السعوديين قدما إلى بيروت من اسطنبول ودخلا بطريقة شرعية وقانونية عادية لا لبس فيها، عبر المطار، والسلطات التركية تتعاون مع السعودية وتربطهما علاقات وثيقة تفتخران بها على الملأ، فلماذا لم تقم الأولى بتوقيفهما خلال وجودهما على أراضيها؟ أليس من المفروض أن تكون السعودية قد عمّمت في وقت سابق، اللائحة المنظّمة منها لمواطنيها الإرهابيين، وطلبت من الدول الشقيقة والصديقة، مساعدتها في توقيف أيّ اسم مدرج على هذه القائمة في حال وجوده على أراضيها؟ أليس المنطق يقول إنّ واجب السعودية هو إرسال أسماء المطلوبين إلى منظّمة الانتربول الدولي للتعاون في توقيفهم، وتبادلها مع الدول كافة في سبيل العثور عليهم واعتقالهم وتسليمهم لها بغية سوقهم إلى المحاكمة والسجن والعقاب الرادع لعدم التكرار في أبسط الأحوال؟.

ولماذا لا تتشدّد السعودية في سفر مواطنيها المشبوهين إلى دول أخرى، وتبقيهم تحت المراقبة من خلال تواصلها مع سلطات الدول التي انتقلوا إليها بأسماء واضحة وصريحة؟ وإذا كانوا غير موجودين في أيّة منطقة سعودية، فلماذا لا توقف العمل بجوازات سفرهم وتنهي صلاحيتها، وهي القادرة على فعل ذلك؟، وكيف تعطيهم في الأساس جوازات سفر لاستخدامها براحة تامة في أسفارهم؟ وكيف يتنقّل مطلوبان بجوازي سفر رسميين؟ ولماذا لم تبادر السعودية إلى الابلاغ عن كلّ المشبوهين من مواطنيها إلى لبنان وغيره من الدول لتوقيفهم في حال مرورهم أو دخولهم أراضيه علناً؟ ولماذا لم تبادر تركيا إلى ملاحقة هذين الشابين المغرّر بهما وتوقيفهما، وأقلّ الإيمان إبلاغ السلطات اللبنانية بسفرهما إلى بيروت، إنْ لم تكن راغبة في توقيفهما، أو أنّهما أفلتا منها وهما اللذان استقلا بشكل قانوني وعلني وبجوازي سفر شرعيين، طائرة متوجّهة من مطار اسطنبول إلى مطار بيروت؟.

إنّ التذرّع بعدم معرفة عملهما مع منظّمات إرهابية، مردود على أصحابه، ذلك أنّ منطقة الشرق الأوسط برمّتها تغلي تحت صفيح ساخن أرادته هذه المجموعات التكفيرية حرباً مفتوحة وبشكل علني، لذلك كان من واجب تركيا إخبار لبنان بوجهة سفر هذين السعوديين المنغمسين في التضليل، وعدم التفرّج على مشهد إراقة الدماء في بيروت.

ولا يكفي أن تقول السعودية أنّ فلاناً من رعاياها مطلوب لديها، أو موضوع على لائحة الإرهاب بحسب تصنيفاتها، بل يتوجّب عليها بذل قصارى جهدها لملاحقته واعتقاله، سواء أكان على أراضيها أو خارجها.

ولا يكفي أن يقتصر الموقف السعودي الرسمي على القول إنّ هذا الشخص من ذوي السيرة الإجرامية والسمعة السيّئة وتحوم حوله شبهات، فالواجب يفرض أن تتحرّك لمطاردته أينما كان، وأينما حلّ وسكن وأقام، في الصحراء أو في المدينة، أو في أوكار الإرهاب، خصوصاً وأنّ كلّ الملفّات القضائية والأمنية اللبنانية تؤكّد بما لا يقبل الشكّ، أنّ أغلبية المنضوين في صفوف " القاعدة”، و” داعش”، و” النصرة”، هم من الجنسية السعودية، يعيشون فيها ويكبرون على وقع الدروس التحريضية والمثيرة للفتن، والتي يتلقّونها على أيدي من يسمّون بمشايخ، في حلقات تدريس تنحرف عن مسارها الأساسي المتعلّق بالدين الإسلامي الأصيل، بتوجيههم إلى ارتكاب جرائم قتل ضدّ إخوانهم في الدين والإنسانية.

لو كان المطلوبون من أبناء دولة غيرها، لسعت السعودية فعلياً وإعلامياً، إلى توقيفهم، وتقديم المعلومات عنهم حتّى ولو لم يطأ أحد منهم ترابها، بينما تسترخي إلى درجة التغاضي والتقاعس عن بذل ذرّة عرق واحدة، لملاحقة مواطنيها الواقعين بين فكّي عقل تكفيري لا يرحم، وذلك لإنقاذهم من جراثيمه إنْ لم تكن في وارد محاكمتهم وإنزال القصاص العادل بحقّهم.