kayhan.ir

رمز الخبر: 3022
تأريخ النشر : 2014June30 - 22:00

نتنياهو ومساميره الثلاثة

خيري منصور

حكاية جُحا الذي دق مسماره في بيت الجيران كي يبقى الباب مفتوحاً له على مصراعيه، تتكرر لكن بصورة مأساوية، فالسياسة لا مجال فيها للتندر أو الاستطراف، والموقف المتشنج الذي تتخذه حكومة نتنياهو من المختفين الثلاثة، يفتضح الرغبة المزمنة لدى هذه الحكومة في التوتير واصطناع العقبات التي تجعل من أي سلام أمراً مستحيلاً.

وقد تم اعتقال ما يقارب الأربعمئة فلسطيني في الضفة الغربية حتى الآن بذريعة البحث عن المستوطنين الثلاثة.

وثمة خطوات أخرى قادمة تحت الذريعة ذاتها، لأن مسامير نتنياهو هذه المرة ليست كمسامير جُحا، فمن يستخدم الدبابات وطائرات الأباتشي في قصف المدنيين هو شخص أدمن الإجرام وصار يبحث عن مبررات، وحين لا يجدها يخترعها، فما يصدق على المشهد الفلسطيني هو ما قاله الروائي كونديرا حيث هناك على الدوام عقاب "إسرائيلي” جاهز ويبحث عن متهم، وما يؤكد ذلك استمرار الخطاب المتطرف ذاته لعقود عدّة، فتارة يوصف الفلسطيني بأنه غير جدير بالشراكة في عملية السلام، وتارة يصبح الفلسطيني مخيراً بين المصالحة وبين إدراجه في خانة الإرهاب، وقد قالها نتنياهو صراحة غداة المصالحة التي لم تكتمل بين فتح وحماس، فقد قال بالحرف الواحد.. على السلطة الفلسطينية أن تختار بين المصالحة مع حماس وبين السلام.

لهذا، فالحكاية أبعد من اختطاف غامض لثلاثة مستوطنين، إذ ليس من المعقول أن يصبح كل بيت فلسطيني متهماً باختطافهم واحتجازهم، بحيث يجري تمشيط المناطق كلها، وبانتهاكات لا يحدها شيء.

لم يكن جُحا في حكاياته جنرالاً، أو رئيس حكومة لهذا لم تكن مساميره المزروعة في جدران الجيران سبباً كافياً للاحتلال والغزو المتكرر، لهذا يقرأ الناس حكايات جُحا ويضحكون، لكنهم ما أن يقرأوا سطراً واحداً من حكايات نتنياهو حتى تنتابهم القشعريرة، وتمتلئ عيونهم بالدموع.

استراتيجية العقاب يبحث عن متهم، كانت ذات يوم ممارسة نازية، ما دفع كاتباً تشيكياً مثل ميلانو كونديرا كي يكتب عنها وعن كل ما يماثلها في النظم التوتالية أو الشمولية.

ومن يتابع المشهد الفلسطيني الآن يكاد يشك في أن جميع الفلسطينيين من اليمين واليسار والوسط ومن الباقين في الأرض واللاجئين والنازحين، إضافة إلى العالقين قد شاركوا في اختطاف المستوطنين الثلاثة. لكن سرعان ما يتبدد هذا الشك لأن الإعلام العبري يُفرط في استثمار هذه الواقعة، ويوظفها لتبرير عدوان جديد أو إعادة احتلال.