kayhan.ir

رمز الخبر: 30126
تأريخ النشر : 2015November28 - 22:01

امطار ممزوجة بالدماء، تروي تونس الخضراء

ميلاد عمر المزوغي

الارهاب لا وطن له، عابر للقارات متعدد الاديان، ينفث سمومه متى كانت الظروف مؤاتية، ربما تكون العوامل الخارجية أكبر من طاقات هذه الدولة او تلك، لكن السلطة السياسية تتحمل جزءا من المسؤولية وذلك لعدم اكتراثها لما يخطط له الاعداء وعملائهم المحسوبون على الوطن، جميعهم يريدون خرابه، ماديا باستهداف المراكز الحيوية التي تدر نفعا على الامة "الاماكن السياحية” والانتاجية، وأحيانا استهداف الافراد لبث الفزع في قلوب المواطنين، وخلق حالة عدم الاستقرار، من حيث اصابة مؤسسات الدولة وخاصة الامنية منها بالشلل ما يجعلها تقف عاجزة عن تقديم الخدمات للمواطن, والسعي الى فرض قانون الطوارئ الذي وان كان يقيد الحريات الا انه يبدو ضروريا في هذه المرحلة في محاولة من اجهزة الدولة لخلق نوع من الامن والطمأنينة في منطقة ابتليت منذ فترة بأزمات عنف متلاحقة مبرمجة ,لأجل التحكم والسيطرة في مقدرات الشعوب التي لم تتمكن "طوعا او كرها” من اقامة الدولة المدنية مدعومة بقوة عسكرية وامنية تكون قادرة على حماية الشعب وممتلكاته.

مرة اخرى يضرب الارهاب تونس، المستهدفون هذه المرة ابناء الوطن، حماة المؤسسات الوطنية تنغص على التونسيين عيشتهم، لقد كان الموسم السياحي لهذا العام ليس كما يرام بفعل الاحداث الارهابية، السلطات اعلنت مجموعة من التدابير منها اغلاق الحدود مع ليبيا التي يرون انها المنفذ الرئيس للإرهابيين الى تونس، متناسين ان حكام تونس السابقين والذين كانوا منضوين تحت مظلة الترويكا هم من ساهموا في تغذية الارهاب عبر تمويله بمئات الشباب العاطل عن العمل ,فمن لم يقتل في سوريا ,لم يعد امامه الا العودة الى ارض الوطن في ظل الضربات الجوية الروسية العنيفة, فهل استطاعت الحكومة الحالية استيعاب هذه الاعداد من خلال خلق برامج ثقافية دينية وتوفير اماكن شغل لهم ليبدؤوا حياتهم من جديد؟ .

اغلاق الحدود مع ليبيا وان لفترة وجيزة سيؤثر سلبا على الفارين من ليبيا في ظل الصراع المحتدم على السلطة، ما الارهابيون فانهم يستطيعون العودة الى تونس عبر منافذ غير رسمية وهي بالطبيعة ليست تحت سيطرة الحكومة ولا اعتقد ان السياج الامني الالكتروني والخندق المحاذي للحدود مع ليبيا بقادر على كشف ذلك او ايقاف تدفقهم.

تونس الرسمية تستقبل قادة التطرف في ليبيا وتفرش لهم البسط الحمراء، والحديث مؤخرا وعلى لسان وزير الخارجية عن انهم غير مرحب بهم، ما هو هروب من الواقع المر الذي تعيشه تونس، فالسلطة التونسية ان القت القبض على اناس تعتقد انهم ارهابيين او يغذون الارهاب، تسارع القوى المسيطرة على الحكم في طرابلس باختطاف رعايا تونسيين للابتزاز ومن ثم المبادلة، هذا ما لاحظناه سابقا ولا اعتقد ان الحكومة الحالية بقادرة على فعل أي شيء بالخصوص، وتستمر دوامة العنف وحصد مزيد من الابرياء.

تونس تقع بين فكي كماشة الارهابيين في ليبيا والجزائر، الارهاب يضرب في كل الارجاء على مدار السنة، شتاء تونس هذا العام جد ممطر ولكنه وللأسف ممزوجا بدماء الابرياء التي تسيل فتسقي اشجار الحرية لتظل تونس خضراء، اما الساسة فانهم يلهثون خلف مصالحهم بإقامتهم العلاقات مع الدول الراعية للإرهاب من خلال اقامة مشاريع، ظاهرها اقتصادي وباطنها امداد التكفيريين لتزداد شوكتهم وليقضوا على ما تبقى من مؤسسات الدولة، الارهاب مخطط دولي سخرت له كافة الامكانيات، فهل يستفيق القادة؟