الصحف الاجنبية: اتهامات بوتين لتركيا بمساندتها الارهابيين في محلها
رأى عدد من الكتاب والباحثين الغربيين ان قرار تركيا اسقاط الطائرة الحربية الروسية جاء نتيجة التقدم الذي يحققه الجيش السوري وحلفاؤه على الأرض نتيجة التدخل العسكري الروسي ضد المتطرفين في سوريا. واشار هؤلاء الى ان انقرة لطالما دعمت المتطرفين في سوريا، وتطمح للاطاحة بنظام الاسد بمساعدة "الناتو" العسكرية.
اليأس التركي
نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية مقالة كتبها الباحث "Ranj Alaaldin"، اعتبر فيها الاخير ان اسقاط تركيا الطائرة الحربية الروسية يأتي في سياق التهور التركي الناتج عن حالة يأس لدى انقرة على ضوء التطورات الاخيرة. وقال الكاتب ان انقرة بدأت بدعم الجماعات المتشددة الساعية الى اسقاط النظام في سوريا مند اندلاع الازمة عام 2011، الا انه وبعد مرور اربعة اعوام، فان الامور تتجه نحو بقاء الاسد بالسلطة.
وشدد الكاتب على ان نظام الاسد سيكون جزءا مركزياً من الخطة الانتقالية التي بحثتها القوى الخارجية مؤخراً في فيينا، خاصة وأن المجتمع الدولي لم يعد يركز اهتمامه على هزيمة النظام في سوريا، بل بات مركزاً على هزيمة داعش، ولفت إلى أن هذا التحول بالاهتمامات يشكل نكسة حقيقية لاردوغان، إذ أن أعوام الدعم والاستثمار بالجماعات المتشددة مثل جبهة النصرة واحرار الشام على وشك ان تذهب هدراً، مؤكداً بالوقت نفسه ان انقرة لعبت دوراً كبيراً بالسماح لداعش وآخرين بالتغلغل في سوريا والمنطقة.
واعتبر الكاتب ان لا مصلحة لتركيا بالتسوية السلمية التي تبحثها القوى الخارجية لوقف النزاع في سوريا. وتوقع ان تسعى تركيا لإعادة تركيز الاهتمامات على نظام الاسد والتعويض عن خسائرها في سوريا وكذلك على الصعيد الجيوسياسي. بالتالي رأى ان قرار اسقاط الطائرة الروسية يعود على الارجح الى عوامل سياسية لا ترتبط بالامن التركي، خاصة وان المعلومات المتاحة تفيد بان الطائرة الروسية لم تكن تشكل اي تهديد مباشر للامن القومي التركي.
وتحدث الكاتب عن امكانية ان يكون قرار اسقاط الطائرة الروسية ايضاً وسيلة لتحويل الانظار بينما تسعى انقرة الى تكثيف حملتها العسكرية ضد الاكراد، وحذر الكاتب من ان هذه الاساليب تحمل معها اثمانا على المدى الطويل وتقوض فرص تحقيق السلام في سوريا، اضافة الى تقويض الجهود الغربية لهزيمة داعش. غير انه اعتبر بالوقت نفسه ان تركيا ليست بالحليف الذي لا غنى عنه، داعياً الغرب الى ممارسة ضغوط حقيقية على اردوغان بغية وقف سياسته الضارة.
استبعاد رغبة الناتو بالتصعيد مع روسيا
بدورها، صحيفة الاندبندنت ايضاً نشرت مقالة كتبها مراسل الشرق الاوسط لدى الصحيفة "Patrick Cockburn” اعتبر فيها ان قرار تركيا اسقاط الطائرة الحربية الروسية يعود جزئياً الى ادراك الحكومة التركية بان سياستها الرامية الى اسقاط الاسد قد فشلت و ان تأثيرها على مجرى الاحداث في سوريا يتضاءل، خاصة وان كلا من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وربما بريطانيا في القريب العاجل، سيصعدون العمل العسكري في سوريا.
كما اعتبر الكاتب ان الاحداث التي حصلت في المناطق الكردية السورية ربما ايضاً لعبت دوراً باتخاذ هذا القرار، مشيراً الى ان الاكراد السوريين،الذين تعتبرهم تركيا ارهابيين كما داعش،قد سيطروا على مناطق شاسعة على الحدود السورية التركية و قد يوسعون هذه السيطرة الى المناطق الواقعة غرب نهر الفرات.
الكاتب رجح عدم رفض دول الناتو في اللقاءات المغلقة، اتهامات بوتين بان تركيا متواطئة مع الارهابيين، مشيراً الى ان دعم تركيا للجماعات المسلحة، بما فيها جبهة النصرة واحرار الشام، انما هو واضح ومعروف خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة.كما تحدث عن اتهامات موثوقة بالسماح لداعش ببيع النفط عبر تركيا.
وشدد الكاتب ايضاً على ان تدهور علاقات تركيا مع كل من روسيا وايران، وهما دولتان مجاورتان قويتان، انما يضر بالمصالح التركية. ورجح ان يسعى قادة دول الناتو الى منع وقوع المزيد من الاعمال العدائية بين روسيا وتركيا، بغية تأمين التعاون الروسي في محاربة داعش وانهاء النزاع في سوريا.
دعم تركيا للتكفيريين
أما موقع "Defense One" الاميركي فنشر مقالة اعتبرت ان فحوى كلام بوتين عن دعم تركيا للارهابيين هو في محله. ورأت ان دور تركيا في الحرب ضد داعش متناقض. وتحدثت المقالة عن تهريب داعش كميات كبيرة من النفط الى تركيا، موضحة أن حجم ارباح التنظيم الإرهابي جراء بيع النفط يصل الى نصف مليار دولار في العام، وأكدت أن انقرة تلعب دورا في تسهيل تهريب الاموال وتسلل المسلحين الى داخل سوريا.
مخطط تركي لجر الناتو الى مواجهة مع روسيا
في السياق نفسه، رأى الصحفي الاميركي المعروف "Robert Parry" في مقالة نشرها على موقع "Consortium News"، أن الرئيس الاميركي مستمر بجر العالم اكثر فاكثر الى مواجهة نووية مع روسيا، واضعا ردة فعل أوباما تجاه اسقاط الطائرة ضمن النهج ذاته. واشار الكاتب الى ان اوباما تحدث عن حق تركيا في الدفاع عن اراضيها بدلاً من توبيخها على "سلوكها المتهور" او التعبير للروس عن تعاطفه.
كما رأى ان اوباما، ولدى تعليقه خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الفرنسي بدا حريصاً اكثر على التعبير عن ازدرائه لبوتين. وشكك الكاتب في ادعاء تركيا بانها وجهت عشر تحذيرات للطيارين الروسيين دون ان تتلقى ردا، ورأى دعوة تركيا عقد اجتماع لحلف الناتو عقب اسقاط الطائرة هدفها كسب الدعم، وتخوف من التصعيد بين الروس والناتو، لا سيما وأن الحلف ينوي إجراء مناورات واسعة قرب الحدود مع روسيا رداً على الازمة الاوكرانية.
الكاتب الذي ذكّر بتورط انقرة في استفزازات خطيرة بالسابق كالادعاء بهجوم الجيش السوري بواسطة غاز السارين على اطراف دمشق في شهر آب/ اغسطس عام 2013، لافتا إلى أنه أحد دوافع اردوغان كان الاطاحة بالاسد، لافتاً الى ان الوضع مشابه اليوم، حيث تقوم روسيا بضرب المواقع التابعة للمسلحين وتضع الجيش السوري بموقع الهجوم مجدداً.
ورأى الكاتب ان اسقاط الطائرة الروسية ثم اللجوء سريعاً الى الناتو ومطالبته بالرد يعني ان اردوغان يمارس لعبة شبيهة بهجوم غاز السارين، إذ يحاول دفع الولايات المتحدة والدول الاوروبية الى مواجهة مباشرة مع روسيا، وفي الوقت نفسه إلى تعطيل محادثات فيينا حول سوريا. وشدد على ان كل ذلك يعزز تحقيق هدفه بالاطاحة بالاسد عن طريق القوة.
وحسب الكاتب، فإن تدفق اللاجئين السوريين الى اوروبا إضافة الى هجمات باريس أجبرت المسؤولين الاوروبيين على أخذ الاحداث بسورية بجدية اكبر، ما أثار اهتمام الاوروبيين بالتعاون المتجدد مع الرئيس بوتين. واضاف ان ذلك قد اغضب المتطرفين الاوكرانيين، حيث ادى الى ابعاد الاهتمام عن الازمة الاوكرانية. وتحدث عن قيام ناشطين متطرفين اوكرانيين بقطع خطوط امداد الكهرباء الى القرم، مرجحاً ان يكون الهدف جراء ذلك اعادة اشعال التوتر بين روسيا والغرب.
هذا وحذر الكاتب من ان اسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل تركيا و"القتل المتعمد" للطيار الروسي قد خلق ازمة جديدة بين دول الناتو وروسيا، خاصة اذا ما استمر الرئيس اوباما وقادة آخرين بالوقوف مع تركيا بهذه الحادثة. غير ان الكاتب شدد في الختام على ان "السؤال الوجودي" هو ما اذا كان اوباما سيواصل الرضوخ لمطالب المحافظين الجدد بتبني لهجة حادة ضد بوتين حتى اذا كان ذلك يحمل معه خطر تعزيز حدة التوتر بحيث قد تندلع مواجهة نووية.