تركيا والتخبط في المجهول
اسقاط الطائرة الروسية سوخو ــ 24 بالامس من قبل مقاتلتين تركيتين من نوع "اف 16" فوق الاجواء السورية يشكل منعطفا خطيرا في مسار العلاقات بين البلدين وكذلك الازمة السورية خاصة وان هذه الطائرة لم تدخل الاجواء التركية بل كانت في حركة موازية للحدود التركية وبمسافة كيلومتر واحد داخل الاراضي السورية وفقا لما قاله الرئيس بوتين والامر الاخر ان هذه الطائرة ووفقا للمهام الموكولة اليها وهذا ما تعلمه انقرة ايضا لم يكن لديها أي نوايا عدوانية ضد اهداف تركية حتى يستدعي اسقاطها بهذا الشكل المتعمد ولو كان لدى الطيار الروسي مهمة داخل تركيا لا تخذ الاحتياطات اللازمة وتجنب الاحتكاك بالمقاتلات التركية.
واذا افترضنا جدلا انه دخل الاجواء التركية خطأ يتطلب التحذير اولا فان لم ينصاع فيجبر على الهبوط حتى تكشف مهمته لانه لم يكن بين البلدين حالة عداء قبيل اسقاط هذه الطائرة حتى يستدعي الاقدام على هذه الخطوة.
يبدو ان هزيمة الجانب التركي الذي وضع كل بيضاته في سلة اسقاط النظام السوري بات في الافق ولم ير له اي خط رجعة مع التقدم الملموس للجيش السوري والقوى المتحالفة معه في المحافظات السورية المأزومة وان نواة داعش المتشكل من قيادات "حزب البعث العراقي" بات في منحدر السقوط سواء في سوريا أوالعراق وان عوائل الداعشيين والاف المقاتلين منهم باتوا يهربون باتجاه الحدود التركية لذلك لم تجد تركية مخرجا لازمتها القاتلة سواء جر الناتو الى المستنقع السوري حسب تصورها الواهي بان اسقاط المقاتلة الروسية يمكن استدراج روسية لمواجهة الناتو والوصول الى مآربها لكن القيادة الروسية واعية لهذا المخطط ولم تنزلق الى هذه الهاوية لان مهمتها الاولى والاساسية هو القضاء على الارهاب الذي راهنت تركيا واسيادها الاميركان وذيولهم في المنطقة يستثمرونه لمصالحهم الدنيئة وهذا لا يعني ان الروس سيغضون الطرف عن قادة تركيا الذين انصاعوا الى الضغط الاميركي فما توعد به الرئيس الروسي بوتين لانقرة كان واضحا وشفافا بان لهذه العملية "عواقب وخيمة" والتي اعتبرها "طعنة في الظهر" من داعمي الارهاب الذي سمى تركيا بالاسم وهذا له مغزى كبير يفهمه العقلاء.
يبدو ان القيادة التركية قد وصلت الى طريق مسدود حيث لم تتعظ من دروسه الفاشلة طيلة الخمس سنوات الماضية من تورطها في الازمة السورية وعدم تحققها لاي من اهدافها لتقدم اليوم على عملية انتحارية حيث تفتح نار جهنم على نفسها لانه منذ خمسينيات القرن الماضي لم يتجرأ الناتو ولا اي عضو فيه من اسقاط طائرة روسية وحتى اليوم. ولا احد يتكهن بما ستؤول الامور لاحقا لكن المهمة الاولى للروس وبالتعاون مع الحلفاء على الارض كنس الارهاب من المنطقة والعالم ثم التفرغ لاحقا لمعاقبة داعمي داعش لكن هذا لا يسقط عملية تقليم الاظافر حاليا.