ارادة الشعوب لاتقهر
في عبارة قالها الرئيس الاميركي الاسبق كارتر تفصح عن معنى ومغزى كبيرا يمكن الوقوف عنده خاصة انها جاءت بعد انتصار الثورة الاسلامية وهي "ان الحكام بأيدينا، ولا سيطرة لدينا على الشعوب".
هذه العبارة ذات المعنى الكبير والتي تعكس حقيقة ثابتة لايمكن تغييرها لانه وخلال تجربة مديدة وطويلة اظهرت ان الشعوب عندما تريد ان تستقل وتعيش حياتها من دون املاءات، تتمكن ان تحقق هذا الهدف من خلال اصرارها وصمودها ورفضها. ولذلك تقف كل الارادات الخارجية التي تريد فرض هيمنتها عليها عاجزة بل تتقهقر وتنهار امام هذه الارادة.
ولو اردنا سرد التفاصيل والامثال لايمكن ان تسعها سطور هذا المقال ولكن يمكن الاشارة الى ذلك وبرؤوس اقلام قصيرة، لقد عاشت الشعوب وفي القرن الماضي تحت سلطة الدول الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول وتمكنت من خلال رفضها هذا اللون من الهيمنة ان تتحرر من الاستعمار وتعلن استقلالها ولو كان في بعضها صوريا الا انه عكس حالة الرفض الشعبي، كحالة الهيمنة الاجنبية على ارادتها وقراراتها، وبعد ان انحسرت فترة الاستعمار حاولت اميركا ان تسير بنفس الاسلوب ولكن بصورة اخرى تقوم على نوع من النشاطات السياسية والاقتصادية و العسكرية لتكون بوابة لتدخلها في الشأن الداخلي للشعوب، لكي تفرض عليها ارادتها من خلال تلك السياسات، ولكن الوعي الكبير الذي تمتعت به بعض الشعوب والتي ادركت خطورة هذا الامر، لذلك وقفت صامدة في رفض هذا النوع من الهيمنة، وبذلك مارست دورها وبشكل متسارع ومن خلال صناديق الاقتراع التي كانت النافذة التي من خلالها سيتم رفع هذه الحالة المخزية من على رقابها .
وما حدث في ايران في بداية القرن الحالي وبانتصار الثورة الاسلامية الشعبية المباركة اصبحت القاعدة والحجر الاساس للشعوب الاخرى في نيل استقلالها وسيادتها ورفض الهيمنة الاميركية بكلها بحيث اصبحت نموذجا بارزا دعت تلك الشعوب ان تحتذي بها، وقد تجلى هذا الامر بوضوح في دول اميركا اللا تينية التي صمدت صمودا امام صراع الارادات وتمكنت ان تتحرر من كل قيود الهيمنة خاصة الاميركية، التي حاولت جاهدة ومن خلال دعم العملاء والخونة لاسقاط الارادة الحقيقية الرافضة للهيمنة الاميركية، وانعكس ذلك ايضا على شعوب المنطقة وبصورة ملحوظة خاصة خلال العقد الاخير اذ نجد ان الانتفاضات الشعبية التي اخذت مداها قد صبت جام غضبها على فرض الهيمنة الغربية وبصورة جعلتها تتحمل الكثير من المعاناة من خلال هذا الموقف، ومانراه اليوم في سوريا والعراق واليمن ولبنان الا دليل قاطع على هذا الامر، ولذلك واجهت الحروب والاقتتال الذي فرض عليها من اجل اخضاعها واعادتها الى القمقم المظلم الذي خرجت منه بارادتها.
ومن هنا عكست هذه الصورة حالة العجز الكبير للدول الاستكبارية في تنفيذ خططها التي رسمتها لهذه الدول بحيث لم تجد طريقا سوى ان تخضع وتستسلم لارادة هذه الشعوب بدلا من فرض الارادة بالقوة.
ومن هنا جاءت كلمة السيد قائد الثورة الاسلامية عند استقباله الرئيس الفنزويلي مادورا عندما اكد ان صراع الارادات لايمكن ان يفرض ارادته على الشعوب او ان يسلبها استقلالها فيما اذا ارادت ان تتحرر وتحافظ على سيادتها، وبذلك اصاب عين الحقيقة، ويعيد بنا قول السيد القائد الخامنئي هذا الى ما اعلنه من قبل وابان انتصار الثورة الاسلامية المباركة الى القول التأريخي للشهيد الصدر الاول من ان "ارادة الشعوب اقوى من الطغاة."