الإرهاب يرتّد على صانعيه ..سورية تنتصر ومحور واشنطن يتراجع تحت ضغط الإرهاب ؟!
:هشام الهبيشان
تزامنآ مع حديث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن عن قرب انطلاق مسار الحلول والتحالفات الخاصة بالوصول إلى حلّ سياسي للحرب المفروضة على الدولة السورية ولتوحيد الجهود للحرب على الإرهاب بعد أحداث باريس الإخيرة، يبدو واضحاً في هذه المرحلة أنّ مسار الحلول السياسية للحرب على سورية، بدأ يشهد تغيرآ ملحوظآ وخصوصآ في استراتيجية الحرب التي تنتهجها واشنطن وحلفاؤها تجاه سورية،فاحداث باريس الاخيرة بدأت تفرض واقعاً جديداً على واشنطن وحلفائها، ومن ينظر إلى العملية العسكرية الفرنسية الجوية ضد تنظيم داعش بالرقة السورية وحديث الروس والفرنسيين عن مسار تحالفي جديد بين باريس وموسكو بخصوص مشروع الحرب على الارهاب سيجد بشكل ملحوظ تغيرآ ملموسآ برؤية حلفاء واشنطن لطبيعة الحل بسورية .
اليوم،وبعد خمس اعوام من الحرب على سورية لا يمكن إنكار حقيقة إن واشنطن وحلفائها قد ساهموا إلى حد كبير بنمو ودعم ظاهرة الارهاب بسورية ،فهناك معلومات موثقة ، تشير إلى أنّ هناك ما بين 42 و53 ألف مسلح يقاتلون أو قاتلوا بشكل كيانات مستقلة مثل "داعش و”النصرة”، أو في صفوف ما يُسمّى "قوات المعارضة السورية”،وهؤلاء بمعظمهم وصلوا لسورية من حوالي تسعين دولة ووجدوا دعمآ تسليحيآ وماليآ ولوجستيآ كبيرآ من واشنطن وحلفها .
وهنا، عندما نجد أنّ كمّاً هائلاً من المسلحين العابرين للقارات والمدجّجين بالسلاح قد أدخلوا إلى سورية خلال فترة الخمس أعوام الماضية إلى اليوم ، يتضح لنا أنّ الهدف الرئيسي كان من التوريد المستمرّ للإرهاب هو ضرب منظومة صمود سورية وعقيدة جيشها واستنزاف قدراته اللوجستية والبشرية، لأنّ تفكيك الدولة وجيشها الوطني هو الشرط الأساسي لاستكمال تفكيك مجتمعها،ومع عجز الدول الشريكة بالحرب على سورية عن أسقاط سورية ،بدأت اليوم تعاني من ظاهرة عودة الارهاب والارهابيين إلى اراضيها ،فما جرى بباريس وغيرها هو امر متوقع لغالبية المتابعين ،فطابخ السم آكله .
اليوم ومع استمرار انتفاضة الجيش العربي السوري الأخيرة والمدعومة بسلاح الجو الروسي وقوى المقاومة في وجه كلّ البؤر المسلحة في شمال سورية "حلب وقريبآ ادلب " وفي جنوب سورية درعا والقنيطرة ،هذه الانتفاضة والتقدم السريع للجيش العربي السوري بمحافظة حلب وريفها الغربي والجنوبي الغربي والجنوبي والشمالي الشرقي ، شكلت حالة واسعة من الإحباط والتذمّر عند المجاميع الارهابية العابرة للقارات بعموم هذه المناطق ،وهناك تقارير دولية عدة إكدت عودة المئات من المقاتلين الاوروبيين والعرب والشيشان الفارين من زحمة هذه المعارك بالشمال السوري إلى بلدانهم الاوروبية وبعضهم توجه إلى ليبيا وافغانستان واليمن والسعودية وبعضهم أستقر بتركيا .
هؤلاء المقاتلين الفارين من معارك الشمال السوري أكدت التقارير الدولية أنهم بصدد تنفيذ عمليات أرهابية بالدول التي عادوا اليها أو استقروا بها ، وهذا بدوره ما ساهم بخلط أوراق وحسابات شركاء الحرب على سورية ،فعودة هؤلاء الارهابيين إلى دولهم وتنفيذ عمليات إرهابية كالتي حصلت بباريس ،شكلت حالة صدمة كبرى عند الدول الشريكة بالحرب على سورية ،فارهابهم الذي دعموه لإسقاط سورية يرتد عليهم اليوم ،ولذلك هم اليوم بصراع مع الوقت لإيجاد حل ما يضمن القضاء على هذه المجاميع الارهابية بسورية وعدم السماح بعودتها إلى بلدانها وداعميها ،فحديث جون كيري بالأمس عن تعاون تركي –أمريكي ،لاغلاق الحدود السورية من جهة تركيا بالكامل هو بهدف عدم السماح للمجاميع الارهابية بالعودة إلى بلدانها .
بهذه المرحلة من الواضح أن جميع الدول الداعمة للارهاب وللحرب على سورية بدأت تخشى فعليآ من عودة الإرهاب وارتداده عليها وآثار هذه الأردتداد وهذا الارهاب على هذه الدول مستقبلآ سياسيآ واقتصاديآ وثقافيآ وفكريآ وحتى داخل البنية المجتمعية المكونة لهذه الدول ،ولهذا بدأت اليوم بمراجعة مواقفها ورؤيتها لمستقبل ونتائج وتداعيات الحرب على سورية .
ختامآ ، اليوم بدأ واضحآ لمحور واشنطن ،أن هناك فشل في سياسة أميركا في قيادة الحرب على سورية ،وهذا ما هو إلا دليل على سقوط جميع رهانات واشنطن وحلفائها على اسقاط سورية ، وبذلك بات واضحاً أنّ بعض القوى التي كانت سابقاً شريكاً أساسياً في الحرب على سورية بدأت بالاستدارة والتحوّل في مواقفها، وقامت بمراجعة شاملة لرؤيتها المستقبلية لهذه الحرب، وهذه الاستدارة لم تأت إلا تحت ضربات وانتصارات الجيش العربي السوري الميدانية، وبعد تضييقه الخناق على المسلحين في كثير من المناطق السورية ، مما ساهم ببدأ عودة الارهاب إلى صانعيه ، من هنا نستطيع أن نقرأ أنّ الأدوار والخطط المرسومة، في شأن الحرب على سورية، قد تغيّرت، وبذلك تكون سورية الدولة قد شارفت على حسم حربها، بعد أن تحسم مبكراً هذه الحرب المفروضة عليها.