kayhan.ir

رمز الخبر: 29613
تأريخ النشر : 2015November18 - 20:36

تغوّل كردي أم تقزّم عراقي؟!

بداية لست من دعاة الشوفينية والعنصرية والعرقية بكل انواعها وانتماءاتها.. ولا أتحدث هنا عن الأكراد كشعب ومكون أو العراق ايضا كشعب وناس عاديين، بل عن السياسيين الذين استبدلوا التحالف التاريخي ضد الدكتاتور بصراع دكتاتوري أشد وتعبئة عنصرية ضد الآخر.

فمنذ سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد بالغزو عام 2003 والزعامات الكردية تعزف على وتر منفرد.. تأكل من خيرات الفيدرالية التي كانت في طليعة الداعين اليها وتهدد يوميا بالانفصال.. تتحدث عن الدستورية والقانون وهي أول من يخرج عليه ويتجاوزه عندما يتعلق الأمر بالحكومة المركزية في بغداد.. يجتاح مواطنوها العراق من الفاو حتى آخر نقطة على حدود اقليمهم، فيما تمنع أهل الوسط والجنوب من دخول محافظاتها الثلاث الاّ وفق ترتيبات خاصة.. تستقطع 17% من عائدات وميزانية العراق وتصادر النفط الذي تستخرجه (900 ألف برميل يوميا حسب آخر تصريحات لمسؤوليها) من اراضي الاقليم لصالحها.. تشارك المركز في المناصب السيادية (ومنها رئاسة الجمهورية) وفي الرواتب والمواقع والوظائف الاتحادية، لكنها لا تسمح بجندي اتحادي يدخل حدود اقليمها حتى لو كان الموضوع سياديا ويتعلق بأمن العراق كلّه..

الموقف الكردي وللأسف الشديد استغلالي وغير نزيه، يحاول التمدد على حساب المكونات الأخرى حتى لو كان ثمن ذلك الدم!

وقد ظهر ذلك بوضوح في الحوادث التي تلت هجوم "داعش" واحتلالها للموصل، فرغم كل التبريرات التي طرحتها سلطة أربيل بسبب تقاعسها، بل استغلالها الحدث من اجل ان تحتل المناطق التي "انسحبت" منها قطعات الجيش العراقي.. تحت شعار أفضل من أن تقع بيد "داعش"!

وكأن المعادلة المطروحة أمام العراقيين: أما "داعش" أو البيشمركة!!

لكنها احتلت فقط المناطق "المتنازع عليها" والتي تسعى القيادة الكردية الى ضمها للاقليم منذ 2003، وتركت قوات "داعش" تسرح وتمرح في المناطق الأخرى وهي التي يتولى أحد قدامى بيشمركتها قيادة الاركان العراقية!

ولم تصطدم بـ"داعش" الذي كان يفصله عن بيشمركتها في بعض الأحيان سوى بضعة أمتار، بل هناك افلام وفيديوهات توثق مصافحات بين البيشمركة وقوات "داعش" قبل ان تلتف الاخيرة وتتجه نحو أربيل.. وهذه ايضا أشك في أهدافها عل اساس النتائج التي حصلت منها.

بهذه الخلفية تغولت الزعامات الكردية حتى وصل الأمر بها الى الاستنكاف عن زيارة بغداد.. بينما مسؤولي الكتل والتنظيمات في الوسط والجنوب يحجون كل يوم الى أربيل!

ولم لا تستنكف أربيل وهي التي تتسلح وتحظى بدعم أميركي وأوروبي وخليجي واردني وتركي و"اسرائيلي" خارج نطاق سلطة الدفاع العراقية، بل وتعمل على تسليح وتدريب المكون السني فضلا عن التنظيمات الانفصالية الكردية خارج نطاق الحدود العراقية، وتحتضن قيادات الخيانة التي سلمت الموصل وباقي المحافظات الغربية في العراق لـ"داعش" والتي بدأ مسلسل خيانتها من خيام الطائفية (الاعتصام) وتفرض معها عدم مشاركة الحشد الشعبي العراقي الذي يمثل اكثر من 70% من العراقيين في تحرير الموصل والانبار!

بينما هي (القيادة الكردية) تستورد مقاتلين من خارج الجغرافيا العراقية لضرب الحشد في طوزخورماتو قبل ايام واحراق بيوت التركمان الشيعة ومتاجرهم وفي قتل واحتجاز ابنائهم وأسرهم، وهم لا يكفون عن استفزازهم منذ سنوات بغية أخراجهم وتهجيرهم من مدينتهم التي يشكلون أكثر من 65% من سكانها، بينما نسبة الاكراد لا تزيد عن 15%.

والاعتداء على أهل طوزخورماتو جاء على خلفية "تسليم" سنجار الى البيشمركة من قبل "داعش" في صفقة حضرها الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي، حسب ما صرح هو بنفسه.

لانه من الغباء ان نفرض استسلام "داعش" بهذه السهولة في منطقة استراتيجية تربط بين عاصمة خلافته (الموصل) ومعقله وعاصمته الاقتصادية (الرقة).. علما ان البيشمركة لم يكونو بعيدين عن الخط الاستراتيجي الرابط بين الموصل والرقة على مدى السنة الماضية واكثر، لكن القيادة الكردية في أربيل والقوات الأميركية هي التي كانت تمنع المقاتلين من ضرب أو الاخلال بطريق امدادات "داعش".. وهذا ايضا موثق بالصوت والصورة ويعترف به عناصر البيشمركة!

نعم رفعت قوات الاقليم علمها على سنجار بعد ان تركت الدواعش يبيدون أهلها قبل سنة ولم تتحرك "النخوة" الكردية في بيشمركتها حين ذاك، وبعدها صارت "شنكال".. لكنهم أخطأوا عندما رفعوا علمهم في الطوز وسقطت معادلتهم: بيشمركة او دواعش!

هذا التغول الكردي له أسباب كثيرة، لعل في مقدمتها "تقزّم" الموقف الاتحادي في بغداد ومن يصنعه لاسباب لا اريد نكأ الجراح بذكرها وما دام الكثيرون يعرفونها.. واصرار بعض الاطراف في بغداد على مداراة الأكراد حتى لو كان الثمن دماء ابناء العراق، بعد ان عجزت أموالهم وثرواتهم من وقف عدوان الأكراد وأحلامهم!

في وقت تمر فيه قيادة الاقليم الكردي بأسوء أوضاعها وارتفاع الاصوات ضدها من داخل كردستان وخارجها، بسبب التمسك بالسلطة وغياب الديمقراطية الحقيقية والفساد المالي والاثراء القبلي على حساب غالبية الناس رغم كل موارد الاقليم وبسبب فشل البروباغندا الشوفينية التي تبعها الأكراد ضد شركائهم في الوطن.

ان عجز ساسة بغداد (الحكومة والقوى الداعمة لها) عن حقيقة الانهيار الذي تواجهه القيادة الكردستانية وأسوء أزمة تمر بها منذ 1991، هو الذي جعلها تغط في صمت القبور أمام رصاصات الطيش والتغول الكردي التي صوبها "ابطال" البشمركة نحو صدور ابناء الحشد التركماني وأهالي الطوز العزل وتكتفي باطلاق المبادرات لحلحلة "الازمة" بينما كان رئيس الاقليم يرسل تعزيزات عسكرية لضرب الأهالي والحشد أكثر، حتى وصلت رصاصات البيشمركة الى استهداف المسؤولين عن مبادرة احتواء الازمة!

ولولا غيرة ونخوة المقاومة الاسلامية من عصائب وكتائب وبدر والشرفاء في البرلمان لما أوقف بيشمركة بارزاني سياسة الأرض المحروقة والتهجير التي يتبعونها أزاء المكونات الأخرى.

وهنا لا أريد ان اقسم الحشد الشعبي البطل، فجميعهم يتبعون لعقيدة جهادية واحدة، لكن فصائل المقاومة الاسلامية فيه هي التي أستعادة بعض الكرامة المهدورة وأنقذت مستضعفي الطوز من ظلم وتغوّل المستكبرين المحليين والقبليين..

نفهم أن الحشد الشعبي مستهدف من قبل أميركا وحلفائها في العراق والمنطقة وسوف يزداد استهدافه كلما اقتربنا من الانتخابات القادمة، بل سيعمل البعض على وضعه خارج المعادلة بكل قوة.. ولكن مالا نفهمه هو أن يُستهدَف الحشد أو يُخلى ظهره من قبل البعض الذي يدعي الأنتماء اليه!

علاء الرضائي