الأهمية الاستراتيجية لاستعادة مطار كويرس
شارل أبي نادر
لم يقتصر الإنجاز المهم الذي حققه الجيش العربي السوري والذي تمثل بالصمود الأسطوري لحامية مطار كويرس في ريف حلب الشرقي لمدة قاربت الثلاث سنوات، في مواجهة جحافل المسلحين الإرهابيين الذين تناوبوا على محاصرتهم ومهاجمتهم العنيفة بشكل يومي وبواسطة عمليات انتحارية في اغلب الاحيان، ومن خلال قصف عنيف طال كافة مواقع تمركزهم وانتشارهم داخل حرم المطار، بل هناك إنجاز آخر تمثل بالنجاح اللافت لعملية الاختراق الحساسة للوصول الى حامية المطار وتحقيق التواصل الميداني معهم، وذلك عبر بقعة روع تمتد لمسافة عشرات الكيلومترات داخل قطاع واسع ينتشر ويتحصن فيه عدد كبير من مسلحي التنظيم الإرهابي داعش.
مطار كويرس
وعليه، ربما سيكتشف داعش قريبا ما مدى أهمية الإنجاز الذي حققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في معركتهم الأخيرة ما بين السفيرة في ريف حلب الجنوبي وكويرس في شرقه، وبالتالي سوف يكتشف ما مدى الخسارة الحيوية التي مُني بها بعد ان يشهد بداية تحولٍ استراتيجيٍّ نوعي في مناورة الجيش السوري لاستعادة السيطرة على ريف حلب الشرقي والتوسع جنوباً الى مطار الطبقة على امتداد الضفة الغربية لنهر الفرات.
من هنا، يمكن القول ان المناورة الهجومية لدى الجيش العربي السوري قد اكتملت خطوطها العريضة بعد الحصول على جبهة واسعة تمتد غرباً اعتبارا من تخوم بلدة الحاضر المحاصرة في ريف حلب الجنوبي الغربي، وامتداداً على كامل الريف الجنوبي للمدينة لتصل الى وسط الريف الشرقي على علو مطار كويرس شرقاً، وهذه الجبهة صالحة بطبيعتها وبجغرافيتها وبطرقها ومحاورها لتحضن قاعدة انطلاق واسعة للعمليات الهجومية التالية:
- مهاجمة أماكن تواجد التنظيم الارهابي شرق حلب في مدينة الباب مرحلة أولى وامتدادًا الى مدينة منبج فالضفة الغربية لنهر الفرات مرحلة ثانية وذلك اعتبارا من شرق كويرس.
- مهاجمة أماكن تواجد التنظيم في الريف الجنوبي الشرقي في تل حافر وامتدادًا الى مسكنة مرحلة اولى ومن ثم الى مطار الطبقة العسكري في ريف الرقة الغربي مرحلة ثانية.
هذه المناورة الهجومية المزدوجة والمذكورة اعلاه سوف تحقق للجيش العربي السوري الاهداف التالية:
- السيطرة على قسم كبير من البقعة الحيوية في الشرق السوري والذي تتواجد فيه عناصر داعش .
- تنفيذ فصل كامل لبقعة انتشار "داعش" في ريف حلب الشرقي والجنوبي الشرقي وبالتالي قطع اي تواصل بين وحدات هذا التنظيم غرب نهر الفرات بين الرقة وأقصى ريف حلب الشرقي وريفها الشمالي حتى الحدود التركية ضمناً مدينة جرابلس الاستراتيجية .
- استعادة السيطرة وتحرير بقعة واسعة جدا من الشمال السوري بقيت تعاني من ارهاب المسلجين لمدة تزيد على الثلاث سنوات .
- استعادة السيطرة على قسم كبير من المراكز الحيوية والاقتصادية للدولة السورية وتأمين إدارتها بالكامل .
تتمتع مناورة الجيش السوري الهجومية هذه بنسب نجاح مرتفعة للاسباب التالية :
- الخسائر البشرية الكبيرة التي اصيبت بها عناصر داعش بعد القصف الجوي الروسي السوري المشترك الاخير.
- الدمار الكبير الذي لحق بمقرات القيادة وغرف العمليات وبمخازن الذخيرة لدى التنظيم الارهابي والتي افقدته القدرة على القيادة والسيطرة على عناصره في ادارته لمعركة مواجهة هذه المناورة الهجومية .
- طبيعة الارض المكشوفة التي تميز بقعة العمليات المرتقبة للمناورة المذكورة وبالتالي الفعالية الواضحة التي ستوفرها التغطية الجوية في مراقبة ورماية وتدمير وحدات وآليات التنظيم في كافة اماكن انتشارها وتمركزها وعلى محاور انتقالها .
من هنا تظهر الاهمية الاستراتيجية لعملية فك الحصار عن مطار كويرس كخطوة اولى تحتاج حكماً الى تحصين وتثبيت، والتي ستؤسس لتكون نقطة مفصلية على طريق استعادة الجيش السوري سيطرته على كامل الشمال السوري .