kayhan.ir

رمز الخبر: 29286
تأريخ النشر : 2015November13 - 21:09

حجب “الميادين” ، سقطة سعودية أخرى.

أحمد الحباسى

أولا ، يجب الاعتراف بأن النظام السعودي الهش قد بدأ حملة الهروب إلى الأمام بعد أن فشل في العراق ، في سوريا ، في مصر ، في لبنان ، في اليمن و في البحرين أيضا ، يجب الإقرار أيضا أن الفشل السعودي قد شمل كل الجوانب ، السياسية ، العسكرية ، الإعلامية ، و هي ” الأسلحة ” المعتادة لكل دولة ، الفشل السعودي بهذا الشكل المتواصل يحتاج إلى علماء الانتـربولـــوجيا ليفككوا الخاصيات السياسية و الاجتماعية و الثقافية لنظام شمولي من هذا القبيل ، حتى نفهم كيف لا يجد النظام حرجا بين ادعاء الفضيلة و بين القتل "اللذيذ” الذي يمارسه في سوريا و بقية الدول العربية دون استثناء ، و حتى نجد الإجابة على كل هذه التساؤلات المهمة فسنحاول بالقدر المستطاع تفكيك هذا المنشار الإرهابي الذي ينفذ مشروع الإرهاب الخلاق في الدول العربية.

لا يمكن للمتابع للشأن السعودي أن يعرف بدقة درجات و مقاييس السخط الشعبي السعودي لأنه لا توجد بمملكة الهلوسة و الإرهاب مؤسسات تعنى بالشأن العام أو باستطلاع الرأي أو بقياس درجات صعود الكولسترول و الدم في البدن السعودي ، وليس في نظام المافيا حكومة نابعة من الإرادة الشعبية و لا مؤسسات تعنى بتنمية الوعي لدى المواطن ، و النظام ينظر إلى الأحزاب بمنظار العدو المنازع المنافس لما يسميها بالشرعية الملكية و المشروعية الدينية ، و حين يشعر نظام شمولي كهذا بأن لوحة التحكم في الشعب قد زاغت من بين يديه الملوثتين بالدم فهو يعمد كغيره من الأنظمة المستبدة إلى استعمال "سلطته الشرعية” الاستبدادية لمواجهة المعارضة مهما كان لونها و توجهاتها ، و باختزال شديد للمشهد السعودي يمكن الحديث انه لا حق في الوصول إلى المعلومة ، و لا هاتف يجيب ، و لا من يشيع الأمل بغد متغير ، فقط هناك العائلة و شيوخ البلاط و خزينة النفط و عسكر التشريفات و أمن النظام.

طبعا ، يتفهم الجميع اليوم مغزى تلك التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن تمويل النظام لعدد هائل من الصحف ووسائل الإعلام و الكتاب العرب و الأجانب لتلميع صورته الدموية الإرهابية القبيحة ، فالنظام يدرك "بالممارسة” أنه قد فعل كل شيء ليشيع حالة من الكراهية داخليا و خارجيا ، هذا ما يقوله الكاتب عبد الباري عطوان في مقاله الأخير بعنوان ” طفح كيلنا من غروركم و غطرستكم يا آل سعود ” ، فالرجل يعلم و هو سيد العارفين بكل ما فعله نظام سلمان و من قبله بكل ” المعارضين” الإعلاميين العرب الذين وقفوا بعض الشيء إلى جانب القضايا العربية العادلة و ضد الشر السعودي المتطاير في كل البلدان العربية ، و لان النظام يمارس الخيانة بالفطرة و بالتعود فقد لجأ إلى وكالات التجميل الإعلامية العالمية و الخليجية لشفط بعض الترهلات المتعلقة بأكداس العمالة و المراهنات على المشاريع الدولية الصهيونية الخطأ ، لكن من الواضح أن النظام قد ارتكب من الزلات و السقوط و الهمجية الوحشية ما عجزت عن تجميله كل أدوات التجميل و التضليل و النفاق الإعلامية التي كرست كل وقتها للوفاء بهذه المهمة القذرة دون جدوى.

النظام يريد تكميم الأفواه ، داخليا و خارجيا ، فهو يريد ممارسة الإرهاب و القتل في صمت و دون محاسبة ، النظام يسعى إلى أبغض الحلال في ممارسة السلطة و هي استعمال القبضة الأمنية ضد المعارضين داخليا و خارجيا بغاية وحيدة و هي الانتهاء من مهمة إسقاط الأنظمة العربية دون شوشرة ، لكن هناك في الوطن شرفاء ينبذون هذا النظام و يسعون إلى تعرية عوراته القبيحة الكثيرة ، و إذا تمكن السلطان من معارضة الداخل بالتكميم و الرعب و الترهيب و الاستبداد فقد لجأ إلى حيل قذرة كثيرة لتكميم الوسائل الإعلامية المخالفة و من بينها محاولة حجب موقع "بانوراما الشرق الأوسط ” منذ أسابيع قليلة بعد أن فشلت محاولاته السابقة في ترهيب الموقع بممارسة الضغوط المباشرة أو باستعمال الوسائل الالكترونية "لوقف البث” ، ممارسة النظام لهذه اللعبة الخطيرة أو دور الانينيموس بشكل آخر هو تعبير واضح عن فشل الدبلوماسية السعودية في إقناع الشعوب العربية بوجاهة المساعي السعودية الإرهابية في سوريا و في بقية الدول العربية ، فشل عمقه تعيين هذا الفاشل عادل جبير بامتياز.

لقد انتقدنا في وقت من الأوقات بعض ” الغموض” في الخط التحريري لقناة الميادين على اعتبار أن معركة سوريا ضد ” أصدقائها” الإرهابيين و من بينهم السعودية و قطر طبعا تحتاج من هذه القناة إعلان موقفها من أمهات القضايا العربية حتى تستحق جنسيتها بداية و تستحق عروبتها ثانيا و تستحق تمسكها بمهنيتها ثالثا ، فهناك صراع بين الإرهاب و المقاومة ، و بين المقاومة و الاستعمار و بين الإسلام و الصليبية و بين المسلمين و المحافظين الجدد و بين القاعدة و الأزهر الشريف و بين الكهنوت القرضاوى و دين التسامح و نشر الفضيلة ، لكن من حق الميادين أن تتمسك بالخط التحريري التي تراه و من حقنا أن نعارضها بكل الوسائل الإعلامية و القانونية المرعية في هذا المجال ، لكن نظام السعودية لا يؤمن بالحوار و حق الرد لأنه نظام تأسس على القمع في كل شيء و على الغرور و النرجسية مع أن حادثة منى و حادثة السيول التي غمرت الشوارع قد أكدت أنه لا شيء يعمل في نظام المافيا و أن السعودية هي دولة متأخرة تمارس فيها العنصرية و الإرهاب ، لذلك فقد كان منتظرا للمتابعين أن يتحسس النظام الفاشل من تعرية قناة الميادين للواقع السعودي خاصة بعد أن فشلت عاصفة الحزم ضد اليمن فشلا ذريعا و تصاعدت أعداد القتلى السعوديين ، وفشلت الحرب الدموية على سوريا ، وفشلت الدبلوماسية و فشل النظام و فشلت آلته الإعلامية ، لكن التفكير في حجب الميادين هو التعبير الأكثر وضوحا عن سقوط نظام الثلاث ورقات السعودي.