kayhan.ir

رمز الخبر: 29227
تأريخ النشر : 2015November11 - 19:58

عادل الجبير ومحاولة إنشاء تحالف "وهابي يساري" لعزل إيران!

نبيل لطيف

لا ندرى ان كان ما يدلي به وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ، من تصريحات بشأن القضايا الاقليمية والدولية ، هي من بنات افكاره ، ام ان الرجل يقول ما يُطلب منه ، فان كان مايقوله من بنات افكاره فتلك مصيبة ، وان كان يقول ما يُطلب منه فالمصيبة اعظم ، ففي الحالة الاولى سنكون امام رجل في غاية البلادة ، وفي الحالة الثانية سنكون امام مهرج بليد.

الامر الذي كشف عن بلادة الجبير وتهريجه ، لم يكن سوى عقدة ايران ، فهو يتعرض لايران في كل خطاب او كلمة او تصريح او لقاء ، بغض النظر عن موضوع هذا الخطاب او الكلمة او التصريح او اللقاء ، المهم ان يتهجم على ايران ، ظنا منه ان ما يقوم بمهمة "عزل” ايران ، كما طلب منه اولياء نعمته من آل سعود.

آخر "نشاطات” العقل "الحلزوني” للدبلوماسية السعودية ، كانت تصريحاته على هامش اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول العربية ودول أميركا اللاتينية ، قبيل القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية ، التي عقدت في الرياض ، حيث وصف فيها الإعلان الذي سيصدر عن القمة الرابعة بالتاريخي والشامل والإيجابي ، الا انه تذكر فجأة ايران ، فما كان منه الا ان اضاف : "أن التقارب بين الدول (العربية والامريكية اللاتينية) سيزيد من عزلة إيران عن العالم” .

ولما كان المتحدث هو الجبير ، فلا اعتقد ان القارىء سيكلف نفسه ليسأل عن "علاقة” ايران باجتماع لدول عربية واخرى من دول امريكا اللاتينية؟ ، فمن المؤكد ،وفقا للقارىء، ان هناك علاقة سريالية بين ايران وكل موضوع "يتكلم فيه” الجبير ، لذلك لن يتفاجأ من اقحام ايران في هذا الاجتماع.

فرحة الجبير ب"عزل” ايران لم تتم ، وعلى ذات الهامش ايضا ، اقصد هامش الاجتماع ، كشف وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، عن بروز نقاط خلاف في الإجتماع بين الدول العربية ودول امريكا اللاتينية ، من بينها التحفظ من قبل الدول اللاتينية فيما يتعلق بالجزر الايرانية الثلاث ، حيث رفضت هذه الدول الرواية الاماراتية المدعومة خليجيا بشان السيادة المزعومة على هذا الجزر.

كان الممكن ان يكون الجبير موفقا ، لو حصر علاقة السعودية ، التي تقود وللاسف الشديد في هذا الزمن النكد الجامعة العربية ، مع امريكا اللاتينية بالاقتصاد، ولكن ان يتمدد بهذه العلاقة على مساحات ثقافية واجتماعية وقضايا مكافحة الارهاب وعزل ايران ، يكون قد خرج من دائرة الحقاق الى دائرة التمنيات والاحلام ، فالمعروف ان اغلب دول امريكا اللاتينية ذات توجهات يسارية واشتراكية ، وأصبحت لا تقبل أن تكون حديقة خلفية للامريكا ، ولم تعد تخضع لقرارات منظمة الدول الامريكية (او اي ايه) ، التي كانت بمثابة الحارس لمستعمرات أمريكا الشمالية .

امريكا اللاتينية التي يريد الجبير ببلادته المعهودة ، ان يعقد معها "حلفا وهابيا يساريا” لعزل ايران ، تغيرت كليا بعد ان تسلم الراحل هوجو شافيز الحكم فى فنزويلا ، ومن ثم فوز اليساري العمالي لولا دا سيلفا فى البرازيل ، ومن بعده ديلما روسيف وكرستينا فرنانديز فى الأرجنتين ، و تابري فاسكيز في الاورغواي، انتهاء بايفو موراليس في بوليفيا، فقد اصبحت امريكا اللاتينية باستثناء المكسيك، تحت حكم اليسار ، الذي انقذ شعوبها من الانظمة العسكرية الاستبدادية التابعة لامريكا.

الجبير شكر في كلمة القاها امام الاجتماع التحضيري للقمة مواقف زعماء دول امريكا اللاتينية ، من القضية الفلسطينية ، ولكن لو كان للجبير هذا ذرة من الشعور ، لما تطرق الى هذه النقطة بالذات ، فالمعروف ان زعماء امريكا اللاتينية ، كانوا في مقدمة زعماء العالم في تنديدهم بالعدوان الصهيوني على غزة ، كما وقفوا الى جانب لبنان في حرب تموز ، وبعضهم طرد السفير الصهيوني، وكلنا يتذكر الكلمة التي القتها رئيسة الارجنتين امام الجمعية العامة للامم المتحدة قبل عامين ، حيث شنت هجوما عنيفا على "اسرائيل” وحليفتها امريكا ، دفاعا عن فلسطين وحماس وحزب الله وسوريا ، بينما كانت الانظمة العربية وفي مقدمتها نظام الجبير ، يطعن بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية من الخلف ، ويصف المقاومين بالمغامرين ، وافتى مشايخ الوهابية بحرمة الدعاء لحزب الله ، بل كان التواطؤ السعودي واضحا فاضحا مع الصهاينة ضد الفلسطينيين واللبنانيين.

ان دول امريكا اللاتينية اليوم ، تعرف جيدا ماذا تعني الوهابية ، وما الذي تهدف اليه السعودية ، من وراء كل تحركاتها الاقليمية والدولية ، فهي تحركات تاتي وفقا للارادة الامريكية ، فزعماء هذا الدول اليوم هم من خريجي مدرسة سيمون بوليفار ، بطل حرب الاستقلال في امريكا اللاتينية ، لذلك فهم من اكثر الناس حذرا من السياسة الامريكية واذنابها في المنطقة والعالم ، ولهذا السبب بالذات ، اختاروا ان يقيموا افضل العلاقات مع الجمهورية الاسلامية في ايران ، لانها تشاطرهم في الكثير من المواقف وفي مقدمتها وقوفها بوجه الهيمنة الامريكية ، ومناصرتها لقضايا الشعوب وخاصة القضية الفلسطينية وقضايا التحرر في العالم.

اذا كان الجبير لا يحترم نفسه ولا يحترم ال سعود ، فهذا شان يخصه ، ولكن عليه ان يحترم مستمعيه ، فحكاية ان تتحالف دول امريكا اللاتينية اليسارية مع الوهابية ل"عزل” ايران ، شيء يتجاوز حتى سريالية الجبير فيما يخص ايران ، فهي تثير الكثير من الشكوك حول القدرات العقلية للرجل.