kayhan.ir

رمز الخبر: 28887
تأريخ النشر : 2015November06 - 20:41

الكبتاغون: شهادة إضافية على مسيرة الانحطاط السعودي

عقيل الشيخ حسين

لا يكاد يمر يوم واحد لا نسمع فيه خبراً عن إحباط عملية تهريب مخدرات إلى السعودية. ومن المؤكد أن إحباط بعض عمليات التهريب، هنا وهناك، لا يشكل غير القسم الظاهر من جبل الجليد. إذ يمكن القول بكل ثقة، في ظروف الفلتان والفساد السائدين، أن ما لا يقل عن عشر عمليات تهريب لا بد وأن تصل إلى خواتيمها "السعيدة" مقابل كل عملية يتم إحباطها.

بالأطنان على مستوى الوزن، وبالملايين وعشرات الملايين على مستوى عدد الحبوب المخدرة التي تصب في السعودية. وهذا يبعث على التساؤل عما إذا كان الأمراء السعوديون يفعلون في حياتهم اليومية شيئاً آخر غير تعاطي المخدرات وما يرتبط بذلك من أنشطة انحطاطية.

ألم يكن صاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن وليد آل سعود خاضعاً لسلطان المخدرات حتى أثناء إدارته لعملية التهريب الضخمة التي أحبطت في مطار بيروت ؟

فإذا كان صاحب السمو يفعل ذلك في مثل هذه الظروف الصعبة والدقيقة، فكيف بأصحاب السمو الآخرين في مجالس لهوهم وجشعهم في الإقبال على مباهج الحياة المصطنعة وهم مستقرون في قصورهم آمنون بين أترابهم وأصحابهم وجواريهم ومماليكهم؟

كبتاغون وشريعة

وكل ذلك في البلد الذي تقول الأكاذيب بأن الشريعة الإسلامية تطبق فيه بامتياز، وبأن من يحكمه هو الذي يُطلق عليه اسم "خادم الحرمين الشريفين" و كبير "أولي الأمر" من المسلمين.

بعلمه، بلا أدنى شك. إذ لو استثنينا احتمالات الاستعمال الشخصي الذي تظهر "أعراضه" على وجوه مسؤولين كباراً في المملكة، وفي حركاتهم وعلى ثقل ألسنتهم، فإن أجهزة الاستخبارات السعودية و"الحليفة" هي من الاقتدار بحيث لا تخفى عليها عمليات تهريب وتوزيع ترويج بمثل هذه الضخامة.

وفي هذه الحالة، فإنه يفقد شرعيته بموجب أحكام الشريعة الإسلامية التي يزعم النظام السعودي بأنه يطبقها، في حين أنه يطبق بدلاً منها قواعد تمليها نزوات الحكام ومعتقداتهم الفاسدة وجنونهم بممارسة السلطة والتسلط على ثروات البلاد والتحكم بمصائر العباد.

ويفقد شرعيته، بموجب أحكام الشريعة نفسها فيما لو كانت تتم من غير علمه مثل هذه الممارسات المحرمة -دينياً ومدنياً- والصادرة عن كبار أمراء الأسرة الحاكمة، والمسلحة بشعارات المملكة الملصقة مع اسم العائلة المالكة على صناديق المواد المهربة.

ومعه، يفقد شرعيته كل هؤلاء الفقهاء الذين يسوغون ويبررون للأمراء (لا لشيء إلا لأنهم أمراء) مثل هذه الممارسات الكاشفة عن أبشع أنواع النفاق بما هي خروج سافر على الدين يستوجب إخضاع الجناة لأحكام الشريعة الأشد نكالاً وقسوة.

طبعاً، هذا إذا لم يكن التستر بالدين من قبل حكام السعودية وأضرابهم مجرد وسيلة للانتقام من هذا الدين بأشكال ليس أقبحها تهريب المخدرات وتعاطيها، لا لشيء إلا لأن هذا الدين يدعو إلى العدل والمساواة. ولأن آل سعود وأضرابهم في القديم والحديث يعتبرون أنفسهم من طينة أرقى من طينة البشر.

ولأنه ينهى عن الفحشاء والمنكر اللذين يتصدران لائحة هوايات أمراء آل سعود وأضرابهم. في اليخوت والمنتجعات والفنادق والملاهي والمواخير التي يرتادونها هنا وهناك، يفعلون ما هو أكثر من تعاطي المخدرات وهدر أموال المسلمين على غير مستحقيها بكرمهم المعروف: إنهم يجعلون من العروبة والإسلام محطاً لاستهزاء العالم.

وإلى الفحشاء والمنكر، يضيفون البغي: أموال المسلمين هي ما دفعت وتدفع للولايات المتحدة وحلف الناتو و"إسرائيل" والشركات الأمنية والتنظيمات التكفيرية ثمناً لقيامها بتدمير أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن ... واللائحة تشتمل على جميع البقاع والأصقاع التي يسعى المشروع الصهيو-أميركي إلى بسط هيمنته عليها.

قدرات تدميرية شاملة

المخدرات التي يتم تهريبها بمئات الأشكال إلى السعودية، ولا سيما مادة الكابتاغون التي ضبطت بحوزة الأمير السعودي هي، قبل كل شيء، من إنتاج هذا الربيع العربي الهادف إلى طرد الشعوب العربية إلى مكان وزمان يقعان خلف الفصول والأمكنة والأزمنة. ولا عجب في أن تكون المناطق السورية الخاضعة لسيطرة داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية المدعومة من السعودية وبلدان الخليج الأخرى، وبعض المناطق اللبنانية، هي التي تزدهر فيها صناعة هذه الأصناف من المخدرات ذات القدرات التدميرية الشاملة.

وإذا كانت أصابع الإدانة تتجه نحو السعودية، فإن المقصود بالإدانة هم أفراد الفئات المترفة المسرفة وفي طليعتهم أمراء آل سعود. لأن أكثر من 60 بالمئة من سكان الحجاز ونجد وغيرهما من المناطق التي يسيطر عليها آل سعود، بأشكال مشابهة لسيطرة الإسرائيليين على فلسطين، إنما يعيشون تحت خط الفقر.