لا رهان اليوم الا على الجيش العربي السوري؟!
هشام الهبيشان
تزامنآ مع الوقت الذي عادت فيه الأحاديث والتحليلات والتصريحات عن إحياء مؤتمرات خاصة لانهاء فصول الحرب المفروضة على الدولة السورية، موسكو 3، جنيف 3، القاهرة3،فيينا 3،مبادرة ديمستورا 2،ومؤتمر يسعى ويحشد أولاند لعقده تحت عنوان باريس 1، تسود حالة من التشاؤم في خصوص الجدوى من عقد هذه المؤتمرات، وبرغم زحمة هذه المؤتمرات نستنتج من تجارب ودروس التاريخ أن جميع هذه المؤتمرات لا يمكن التعويل عليها، كنافذة للخروج من تداعيات الحرب على سورية، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم وبقوة: ماذا بعد كل هذه المؤتمرات؟ وماذا استفاد السوريون الذين هم في وسط هذه الحرب ويتحملون كل تداعياتها من هذه المؤتمرات؟.
ومن خلال استعراض اللقاءات والمؤتمرات التي عقدت، في هذا الإطار، نجد أن كل ما قامت به هو إشباع الإعلام بالصور النادرة عن نجاحات الدول الوسيطة في التفاوض وعن فرص للتقدم المأمول،وهذا ما جرى ترويجه للإعلام من خلال مؤتمر فيينا "2”الأخير ، مع أن تلك الدول جميعها تدرك أن الوصول إلى نتائج فعلية ليس ممكنا في هذه المرحلة ، وفي حال التوصل إلى حل ما فإنه سيكون مرحليا، أو خطوة في طريق طويل صعب ومعقد، ستبقي سورية في معمودية النار حتى وقت غير محدد.
تعلمنا من التاريخ دروسا بأن أزمات دولية – إقليمية محلية مركبة الأهداف، كالحرب التي تدار حاليا ضد سورية، لا يمكن الوصول إلى نتائج نهائية لها بسهولة، لأنها كرة نار متدحرجة قد تتحول في أي وقت إلى انفجار إقليمي، وحينها لا يمكن ضبط تدحرجها أو على الأقل التحكم بمسارها، فالحلول والتسويات تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والرد قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بضرورة وقف الحرب، وفي هذه الحال، لا يمكن التوصل إلى حل في المدى المنظور، ما لم تنضج ظروف التسويات الإقليمية والدولية.
اليوم هناك أحاديث تدور بمجموعها حول تفاهمات لقوى دولية هدفها الربط بين مقررات "جنيف 1″ وبنود مؤتمر "فيينا 2″، الواضح أن هذا الحديث وهذا الربط هو مدعاة للسخرية فمؤتمر "جنيف 1″ كان شاهدآ على مهزلة سياسية وأخلاقية، حيث اتضح أن المطلوب، من وجهة نظر المعارضة الخارجية الممثلة بما يسمى الائتلاف وداعميها، هو تسليمها السلطة، وكان مؤتمر "جنيف 1″، بفصوله كاملة، شاهدآ على طريقة تعامل الأمم المتحدة والموفدين الدوليين من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي إلى استيفان دي ميستورا مع فصول الحرب على الدولة السورية ،”جنيف بكل فصوله "كان امتحانا لمؤسسة الأمم المتحدة، والدول الداعمة للإرهاب على أرض سورية لكشف نواياهم الحقيقية وأهدافهم من عقد هذه المؤتمرات بفصولها المختلفة،وتدرك تلك الدول أن أي تسوية فعلية للحرب على الدولة السورية يجب أن تعكس أولا تفاهماتها على مجموعة من الملفات، وبعد وصولها إلى تسويات حقيقية، عندها يتم الحديث عن إمكانية وضع أطار تفاهمي لانهاء مسارات الحرب على الدولة السورية.
ختامآ ،من الواضح أن جميع المعطيات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة، تشير إلى تصعيد واضح بين الفرقاء الإقليميين والدوليين ،وخصوصآ بعد التدخل الروسي لمواجهة الارهاب المتمدد بالمنطقة، تزامنآ مع حديث حلف واشنطن عن تصعيد وتيرة دعمه للمجاميع المسلحة في سورية ،وهذا بدوره سيؤدي إلى المزيد من تدهور الوضع في سورية وتدهور أمن المنطقة ككل، وهذا ما تعيه الدولة السورية، فمجموعات القتل المتنقلة في سورية ما زالت تمارس علانية القتل والتخريب التدمير، ولدى المنظمات الدولية، بما فيها المنظمات التابعة للأمم المتحدة، أدلة كثيرة وموثقة على عمليات القتل والتعذيب والتخريب التي تقوم بها العصابات الإرهابية،ولهذا تستمر عمليات الجيش العربي السوري على الارض ،لإن الحل بالنهاية هو بالميدان السوري ،وكل ما تقدم الجيش العربي السوري وبدعم من حلفائه بتحرير جزء من الجغرافيا السورية المحتلة من قبل العصابات الارهابية العابرة للقارات وداعميها،كل ما دفع ذلك الدول الشريكة بالحرب على سورية إلى التراجع بمواقفها المعادية للدولة السورية ،فاليوم لا يمكن التعويل على مؤتمرات "غامضة "لانهاء الحرب على سورية بقدر التعويل والرهان الكامل على جهود الجيش العربي السوري بالميدان لحسم هذه الحرب على الارض .