kayhan.ir

رمز الخبر: 28742
تأريخ النشر : 2015November03 - 21:22

التوسع الايراني: الحقيقة والأوهام

عبد الله حبيب – شاهد نيوز

ربما لا ينافس في الشارع العربي الخلافات والانقسامات حول فرق كرة القدم سوى الموقف من ايران، فلو أنك طلبت من شخصين مثلاً التعليق على اللافتات المنتشرة في شوارع إيران والمكتوب عليها (القدس ١٢٤٨ كيلومتر – دمشق ١١٥٣ كيلومتر – كربلاء ٤٢٤ كيلو متر) لقال لك الأول "يا لشدة ارتباطهم بنا وبقضايانا”، أو إن ايران "تدعم الشعوب المظلومة”، ولقال الآخر "بل هو مشروعهم التوسعي”،”مد فارسي.

عادة، لا يمكن الوصول إلى نتيجة من خلال هذا النقاش، لأن كلاً من الطرفين لديه شواهده وحججه حول وجهة نظره، لكن ماذا لو توقفنا قليلاً وطرحنا الأسئلة التالية:

هل إيران فعلاً تحمل هذا الايمان بقضية فلسطين ومناهضة "الاستكبار” الغربي وتنطلق من هذه المبادئ في مواقفها تجاه المنطقة العربية؟

في المقابل، ما الذي يدفع بها إلى تحمل كل هذه الضغوطات والحصار والحرب عليها من أجل قضايا نعتبرها نحن العرب من شأننا؟

أليس من حقها، شأنها شأن باقي الدول السعي لأن تكون دولة كبرى وصاحبة قرار ووجود فاعل في المنطقة والساحة العالمية؟

أليست كغيرها من الحضارات والثقافات تسعى للتتمدد والتوسع وطمس الحضارات الأخرى؟

هذه بعض الأسئلة التي من الواجب الإجابة عنها لتحديد الموقف من ذلك الجار الملاصق لحدودنا والذي تزداد قوته وحضوره يوماً بعد يوم.

إن أفضل طريقة للإجابة عن هذه التساؤلات هي الدخول إلى داخل العقل والفكر الإيراني ودراسة مواقف القادة والشعب من مختلف القضايا.

بالنسبة الى قضية فلسطين، فهي من حيث العنوان قضية العرب الأولى والمركزية، هي أيضاً قضية مركزية لإيران بل هي بوصلة لتحديد المواقف والسياسات منذ اللحظة الأولى للثورة الإيرانية. وحتى الساعة بذلت الجمهورية الاسلامية مختلف الجهود لدعم هذه القضية، والأمثلة أكثر من أن تذكر، وكان هذا الدعم على قاعدة مساندة المظلوم في وجه الظالم واسترجاع الحق المسلوب وأن فلسطين هي أرض عربية من حق أهلها العودة إليها وواجب على كل الشعوب العربية والمسلمة العمل على ذلك.

اللافت هو الدعوات المتكررة من قبل إيران، للوحدة بين الدول العربية، ومد يد العون لأي فصيل مقاوم ينهض في مواجهة الاحتلال، وذلك طبعاً من دون النظر أو التفكير بالاختلاف الفكري والعقائدي والمذهبي بين ايران والفصائل الفلسطينية المقاومة.

في السنوات الأخيرة الماضية، برز موضوع الملف النووي الايراني والذي اعتبره الغرب بمواقفه المعلنة تهديداً لأمن المنطقة إن وصلت قدرة إيران لإنتاج سلاح نووي، أما المواقف غير المعلنة فتتراوح بين الحسد من هذه الدولة الفتية التي وصلت إلى الفضاء في غضون سنوات بعد نجاح ثورتها رغم الحصار والحرب التي فرضت عليها في بداية نشأتها، اذ باتت تملك معدلاً عالياً جداً على مستوى الأبحاث والتطوير في مختلف المجالات الهامة، وبين الخوف من هذا التقدم السريع لأنها تتحول إلى دولة قادرة وصاحبة موقف مستقل بعد ان كانت بيدقاً في يد الغرب.

قد يكون مبرراً في العقلية الغربية هذا الهلع من التقدم العلمي والاقتصادي من دولة فتية تدخل المنافسة وتعيد تنظيم الاوراق. لكن المستغرب من دول المنطقة المجاورة لايران هذا الموقف السلبي منها برغم انها وعلى لسان مسؤوليها أبدت استعدادها لنقل الخبرات والتقنيات التي توصلت إليها للدول العربية والاسلامية بالمجان، لكن لم يكن هناك من مجيب عليها، بل على العكس من ذلك فقد وقعت بعض دول الخليج الفارسي عقوداً مع دول غربية للتطوير في تلك المجالات.

ربما من الواحب على بعض دولنا العربية شعوباً وحكومات إعادة النظر في السياسات الخارجية وتحديد العدو من الصديق بناء على منطلقات سليمة – فلسطين والقدس مثلاً تشكلان بوصلة واضحة بالنسبة لايران- والاكيد أن تحديد المواقف من الدولة الجارة بناء على منطلقات مذهبية لا يعود على شعوبنا ومجتمعاتنا إلا وبالاً وانقساما وتراجعا متزايدا.