الأسد ،عندما يقود الحرب على الإرهاب .
أحمد الحباسى
بعد مرور خمسة سنوات على بداية المؤامرة القذرة على سوريا ، قليلون من لا يزالون يتحدثون عن كيان مصطنع اسمه ” الثورة السورية ” أو عن شيء اسمه "المعارضة السورية ” أو دكان اسمه "الائتلاف السوري المعارض ” أو مجموعة إرهابية مشبوهة اسمها ” الجيش السوري الحر ” ، بنفس المنطق ، يلاحظ المتابعون انخفاض منسوب ” العنف اللفظي ” لبعض قيادات المؤامرة على سوريا وفي طليعتهم طبعا العميل أوردغان ووزير خارجية العدو السعودي عادل جبير ، هذا الأمر ينطبق أيضا على قنوات التضليل والنفاق الخليجية اللبنانية المتحالفة مع المشروع الصهيوني لإسقاط النظام السوري ، هناك ملاحظة مهمة تتعلق بسقوط نهائي لدور الجامعة العربية و"اعتزال” نبيل العربي للسياسة ، وحالة من الارتباك الواضحة في مواقف التيار الحريري من مجمل الأحداث الجارية وبالأخص التدخل العسكري الروسي للقضاء على منابع الإرهاب في سوريا .
لعل الجميع يتذكرون اليوم بكثير من الحسرة تصريحات العقيد القذافى عندما وصف هؤلاء ” المعارضين” لنظامه بالإرهابيين والمدمنين على المخدرات الذين تقودهم المخابرات القطرية والصهيونية ، طبعا ، فعلت محطات التضليل الصهيونية وفي طليعتها قناة الجزيرة كل شيء للتعتيم على حقيقة ما يحدث في ليبيا وهوية الجماعات الإرهابية المدمنة المخدرات التي قادت ما يسمى نفاقا "بالثورة الليبية” القذرة ، اليوم ، كشفت وسائل الإعلام والوقائع على الأرض أن الإرهاب هو من قاد الحرب على النظام السابق وأن الموساد والمخابرات الاميركية هما من خططا لهذه ” الثورة” تماما كما يحدث اليوم في حملة ” طلعت ريحتكم” اللبنانية ، بالتوازي يتذكر الجميع خطب الرئيس الأسد طيلة مراحل هذه المؤامرة التي تعرضت إلى كل الأطراف الخليجية والغربية الممولة والمشاركة وكشفت أن هؤلاء "المعارضون” هم الواجهة القبيحة التي تتخفى وراءها منظومة تنفيذ هذه المؤامرة ، ورغم كل الوثائق والدلائل والتصريحات فقد رفضت بعض الأطراف الاقتناع تحت ذرائع مختلفة كثيرة أهمها على الإطلاق ما سوقه الإعلام المضلل من وجود ثورة على الرئيس وأن ما تشهده سوريا هو امتداد لثورات "الربيع العربي” المشبوهة .
يعلم المتابعون أن اميركا هي من صنعت الإرهاب وأن المخابرات الاميركية بالتعاون مع المخابرات الباكستانية والسعودية قد استغلت هذه الجماعات الإرهابية لمواجهة المد الشيوعي في أفغانستان ، يتفهم الملاحظون أيضا أن تنقل هذه المجموعات الإرهابية من بعض الدول الغربية مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا لا يتم دون علم ومساعدة مخابرات هذه الدول ، هذا ما أكده التحقيق الأخير في عملية "شارلي هيبدو” وفي وقائع 11 سبتمبر 2001 بالذات ، بعلمية جمع وطرح منطقية يتبين أن الإرهاب صناعة دول معينة وليس حالة اعتباطية عرضية يمكن التخلص منها بسهولة ، وعندما يتحدث نظام آل سعود ونظم ” الديمقراطية” الغربية عن محاربة الإرهاب فهذا الزعم المضحك لم يعد يصدقه أحد ، فالجماعات الإرهابية تتحرك وفق أجندا صهيونية خليجية اميركية وهي تهدف إلى إسقاط حلف المقاومة سواء في مفهومه الواقعي العسكري السياسي الاقتصادي أو بمفهومه الوجداني كعقيدة ترفض الوجود الصهيوني الخليجي في المنطقة العربية بالذات .
يزعم النظام الأردني العميل أنه يحارب الإرهاب ، نفس الزعم تنطقه الإمارات وتركيا الإخوان حلفاء الصهيونية العالمية ، لكن وسائل الإعلام الغربية قد كشفت للعرب تحديدا أن المخابرات التركية والأردنية هي شريك فاعل ومؤثر في رعاية ومساندة الإرهاب بكل الوسائل التقنية والعسكرية والمعلوماتية المطلوبة لكسر عظم المقاومة في لبنان كما حدث سنة 2006 وكسر عظم حلف المقاومة كما حدث منذ سنة 2005 تاريخ الخروج السوري من لبنان ، ولا يخفى أن المخابرات المصرية في عهد العميل عمر سليمان قد كانت شريكة للولايات المتحدة وإسرائيل في محاربة حزب الله بدعوى انتماءه للهلال الشيعي ، وبعد سقوط القذافى تبين للملاحظين أن ليبيا قد تحولت إلى قاعدة عالمية لتدريب الإرهاب وتوزيعه على مناطق المؤامرة الصهيونية في الدول العربية ، وبالمحصلة فلم يبق في محاربة الإرهاب إلا حلف المقاومة.
لا يهتم أحد باميركا ، في علاقة بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب ، فالجميع مدركون طبيعة نشاط الحزب كقوة مقاومة طبقا للمواثيق الدولية ، ولان إيران قد كانت طيلة فترة معينة في صراع استراتيجي وسياسي مع الدول الغربية وبعض أزلامها العملاء الأردن والسعودية والبحرين في مسألة النووي فقد أخذت سوريا بقيادة الرئيس الأسد على عاتقها مهمة محاربة الإرهاب والتصدي لكل مشاريع الهيمنة الاميركية الصهيونية في المنطقة ، أيضا اهتم الرئيس الأسد بالتصدي المتواصل لمشروع التطبيع مع العدو الصهيوني الذي قادته المملكة السعودية في قمة بيروت وفي كل الاجتماعات والمناسبات الدولية ذات العلاقة ، ولعل خطابه التاريخي في قمة الدوحة قد وضع كل النقاط على الحروف أمام المتابع العربي حتى ينتبه إلى طبيعة التحديات التي فرضتها السعودية في سعيها لإسقاط الورقة الفلسطينية من التداول والقبول بالسلام على الطريقة الصهيونية الاميركية ، لم يغفل الرئيس الأسد على العمل المتواصل على تعزيز العلاقة الإستراتيجية مع الحليف الإيراني في كل المجالات الأمر الذي ظهرت فوائده الإستراتيجية والسياسية والعسكرية في حرب السنوات الخمس الدائرة حاليا ، العلاقة مع حزب الله ، العلاقة مع روسيا والصين ، محطات مهمة خدمت مرحلة الحرب السورية على الإرهاب .
لعل دخول روسيا اليوم بثقلها العسكري والسياسي لمواجهة الجماعات الإرهابية السعودية ليس حدثا عابرا بل هو نتاج لنظرة إستراتيجية سورية سابقة لهذه الحرب الإرهابية والروس لم يتخذوا قرار التدخل إلا بعد دراسة كل الاحتمالات مما يعزز القول بأن الأسد قد نجح في إقناع القيادة السورية بمواجهة الإرهاب وليس العكس وأن هذا النجاح ستكون له أثار ايجابية على الوضع السوري وآثار سلبية مؤكدة على كامل المشروع الخليجي الصهيوني لإسقاط النظام باستعمال إرهاب الدولة ، لذلك نلاحظ أن النظرة السورية هي التي فرضت حضور إيران في حوار ” الأربعة” الأخير وهي من فرضت حضور الجانب السعودي بصفته طرفا ممولا ومساندا لإرهاب الدولة للتدخل في سيادة الدول الأخرى ، كما يعتبر وجود الجانب الإيراني إلى جانب الاميركان انتصار مكرر بعد انتصار قضية النووي ، في هذا السياق ، لا يجب أن ننكر أن الغرب قد شكك طويلا في شرعية الرئيس الأسد رغم انتخابه الأخير ، ومجرد استقبال الرئيس في روسيا هو إعلان لدول المؤامرة أن شرعية الرئيس من شرعية الشعب وأن الشعب الذي صنع الصمود وأعطى الشرعية هو الحاكم الفعلي اليوم في سوريا ، وعندما يكون هناك شعب بهذه المواصفات فمن حق الرئيس الأسد أن يتحدث عن الانتصار على الأعداء وأن مسألة الرئاسة هي مجرد تفصيل في المشهد السوري.