الانتفاضة مستمرة بدماء ابنائها
مهدي منصوري
استمرار المواجهات في القدس الشريف ومختلف مناطق الضفة الغربية، وكذلك ازدياد حالة الطعن لقطعان المستوطنين والشرطة الصهيونية والتي أصبحت اليوم مسلسلا يوميا ليس فقط اخذ يقض مضاجع حكومة نتنياهو، بل ان القلق قد وصل مداها الى الدول الداعمة خاصة اميركا، لذلك نجد ان الادارة الاميركية وانطلاقا من حالة القلق هذه ارسلت وزير خارجيتها كيري الى الارض المحتلة عسى ولعل ان يزرع حالة من الاطمئنان لدى الصهاينة بأن واشنطن لازالت تقف الى جانبهم، وكذلك للتفكير في وضع الخطط من أجل اخماد هذه الانتفاضة من خلال عملائها من السلطة وغيرهم.
لكن من الواضح ومن خلال المؤشرات على الارض تؤكد ان هذه الانتفاضة قد خرجت من رحم معاناة الشعب الفلسطيني وانها لن تتلقى قرارها من قبل أي جهة فلسطينية، لذلك فانها تضمن بذلك استمرار ديمومتها وبقائها والذي يثيرالاستغراب ان المحاولات التي يمارسونها اولئك الفتيان الفلسطينيون الذي لاتتجاوز اعمارهم بين السادسة والسابعة عشرة وبهذه الصورة البطولية الرائعة ورغم كل الاجراءات القمعية والاحترازات الامنية التي تتبعها الشرطة الصهيونية بحيث يتفنون في طريقة المواجهة والتي عجزت كل الاساليب القمعية عن ايقافها.
واللافت في الامر هو ان هذه الانتفاضة رغم قصر مدتها الا انها قدمت اكثر من 70 شهيدا على مذبح الحرية مما يعكس ان هذه الدماء الزكية التي اريقت على ارض فلسطين لايمكن ان تجف الا وان تنتصر هذه الثورة رغم قلة امكانياتها وعدتها المحدودة والبسيطة والتي لا تتعدى الحجارة والسكاكين فقط.
وقد علقت اوساط سياسية واعلامية فلسطينية وغيرها ان الوضع في القدس وباقي مدن الضفة الغربية المنتفضة يفرض على فصائل المقاومة الفلسطينية ان تدعم هذه الانتفاضة بما لديها من امكانيات متطورة بحيث يمكن ان تشكل نقلة نوعية في عمليات المواجهة والتي قد تغير من المعادلة القائمة اليوم، وان لا تكتفى باصدار التحذيرات للصهاينة او التأييد لابناء الانتفاضة الابطال الذين عرفوا الطريق الذي يمكن ان يقهرعنجهيته العدو ويمرغ انفه في التراب كما هو حاصل اليوم.
وكذلك العمل على الصعيدين الاقليمي والدولي من اجل اثارة الرأي العام لابراز حجم الجريمة الشنعاء التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد العزل من ابناء الشعب الفلسطيني ودفع المنظمات الحقوقية والانسانية الدولية لكي تمارس ضغوطها على الكيان الغاصب لان يوقف جرائمه البشعة. خاصة وانها وصلت حدا انه يعدم ابناء فلسطين على الملأ العام دون رعاية لاية اعراف ومواثيق دولية.
الا ان وفي نهاية المطاف لابد التاكيد ان انتفاضة المقدسيين لايمكن ان تقف او تتراجع رغم كل محاولات واشنطن اليائسة التي تقيم بها الان. لان ابناء الشعب الفلسطيني قد ادركوا جيدا ان المواجهة مع العدو الصهيوني هو الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله ان يستعيد كل حقوقه المغتصبة لان الكيان الغاصب للقدس لايفهم ولا يخضع الا لهذه اللغة وهي الوحيدة التي يفهمها جيدا ولذلك فانه وحلفاؤه بدأوا يحسبون لها حسابها.