kayhan.ir

رمز الخبر: 27940
تأريخ النشر : 2015October19 - 20:42

قراءة لـ”عاصفة السوخوي”.. وهدف “ترحيل” الإرهابيين من سوريا

نبيل هيثم

لبنان ضمن اجندة الاولويات الروسية، وما يعني موسكو على الدوام هو الاستقرار الامني والسياسي في هذا البلد، وكذلك انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن.

ولكن رغم ذلك، ليس لدى الروس، وكما يقول السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين، اية "مبادرة لبنانية”، لا في ما خص رئاسة الجمهورية ولا غير ذلك، لذلك فإن ما اشيع عن مقترح روسي حول انتخاب رئيس للبنان لمدة سنتين او لنصف ولاية او غير ذلك، ليس اكثر من تسريبات "لا نعرف مصدرها”.

والاساس في ما يقوله زاسبكين حول هذا الأمر هو استبعاده ان تبادر روسيا الى مثل هذا الطرح، اولا لانها من حيث المبدأ لن تبادر، وليست في وارد ان تبادر، وثانيا ان هذا الأمر، كما هو مطروح (لولاية رئاسية غير كاملة) يستبطن الدعوة الى تعديل الدستور اللبناني، "وهذا الأمر شأن لبناني داخلي، ونحن نسأل كيف يمكن لطرف خارجي ان يقترح تعديل دستور لبنان؟”.

صحيح ان روسيا مهتمة بلبنان، يقول زاسبكين، "ولكن مثلها مثل سائر الاطراف الاخرى، نحن ندعم لبنان، وغير هذا لا يوجد شيء على الاطلاق، فضلا عن اننا لا نريد أن نؤثر على هذا الموضوع لمصلحة طرف معين. لذلك نحن نتدخل في سياق عام وليس لمصلحة طرف”.

هذه النظرة الرئاسية الروسية للبنان، تقترن في جانب آخر بنظرة روسية مريحة للوضع اللبناني ربطا بـ "عاصفة السوخوي” التي تضرب المجموعات الارهابية في سوريا. يجزم زاسبكين ان "العملية العسكرية الروسية ستنعكس حتما على لبنان بمزيد من تحسين الاوضاع على نحو افضل واحسن، واكثر امنا وامانا”.

هنا يذكّر السفير الروسي بالخطر الكبير الذي كان محدقا بلبنان قبل عدة اشهر، وتحديدا في زمن هجوم "داعش” على تدمر، يومها قيل عن آلاف من التكفيريين سيتمددون الى حمص ومنها الى الشمال اللبناني، "الكل يذكر كم كان هذا الحديث خطيرا، واما اليوم بعد الضربات الاولى التي حدثت في هذه المنطقة، صارت طريق حمص لبنان مغلقة، واعتقد ان الخطر قد زال. وهذه دلالة واضحة على ان هذا الامر كان لمصلحة لبنان. لكن هذا التطور قد لا يمنع مجموعات قليلة وصغيرة ومحدودة من ان تتسرب في اتجاه لبنان، لكن سيكون من السهل على الجيش اللبناني وقوى الامن اللبنانية، القبض على هذه المجموعات ومواجهتها بكل سهولة وفي اجواء مريحة، وليست خطيرة كتلك التي كانت ستطغى لو تمكن آلاف الارهابيين من تدمر الى حمص ومن حمص الى الشمال اللبناني”.

لا يقف السفير الروسي عند الشائعات التي تحدثت عن امكان توسيع نطاق العمليات الروسية لتشمل لبنان، وهنا يجزم بان ما قيل عن طلب روسي الى الجيش اللبناني لتحديد مواقع المجموعات الارهابية غير صحيح على الاطلاق، ثم يضيف "حصل اتصال بين موسكو ودمشق حول التدخل في سوريا وليس التدخل في لبنان، ولقد كان الرئيس بوتين واضحا بأن هذه العملية تتعلق بسوريا فقط. وبالاتفاق مع القيادة السورية. ولذلك لا نستطيع ان نتفق مع سوريا على التدخل في دولة ثالثة”.

اللافت للانتباه ان مقاربة زاسبكين لـ "عاصفة السوخوي”، تقوم على ثقة يقينية لدى الجانب الروسي بأنها ستحقق اهدافها المرسومة، ولعل اهمها "تصفية ظاهرة الارهاب في سوريا، وترحيل الارهابيين من سوريا. هناك ارهابيون اجانب، من 80 دولة يجب ان يرحلوا. والهدف الاساس هو ان نصل الى تسوية سياسية بناء على جهود مشتركة للشعب السوري لايجاد القواسم المشتركة، بما في ذلك انتخاب الرئيس، تسوية تؤكد على وجوب ان تكون سوريا في المستقبل دولة علمانية ديموقراطية تضمن فيها الحقوق لجميع المكونات السورية من دون تمييز”.

يعكس السفير الروسي عدم اكتراث موسكو بالمنطق القائل أن التدخل الروسي في سوريا تم من خارج اطار الشرعية الدولية، "الشرعية الدولية حكر على الغرب”، ثم يقول بلغة الحسم: "التدخل الروسي في سوريا تم وفقا للشرعية الدولية، وطبقا لاتفاق بين السلطات الروسية والسورية في اطار الشرعية الدولية. واذا كان ثمة من يسأل عما اذا كان هذا التدخل تم بالتفاهم مع الغرب، فإنه مع الاتفاق بين الدولتين الروسية والسورية، لا حاجة لبحث هذا الامر مع اية دولة اخرى غربية او غير غربية”.

ثم يتابع مؤكدا ان "الافق الزمني ليس مفتوحا للعملية العسكرية، خاصة وانها عملية محدودة بهدف تنفيذ مهمة معينة، وخلال فترة زمنية محددة، نحن نعرف الى اين نحن متوجهون، الخطة الروسية تنفذ كما هي مرسومة، ونحن سوف ننفذها خلال الوقت المحدد. (يذكر ان بعض الخبراء الروس حددوا للعملية ما بين 3 الى 4 اشهر.)

كان على رد الفعل الاميركي حيال التدخل الروسي في سوريا ان يكون ايجابيا وهادئا، يقول زاسبكين، فالتحالف الدولي الذي تقوده اميركا ضد الارهاب، مضت عليه فترة طويلة من دون ان يحقق نجاحات ضد الارهاب، والآن جاء الروس ليضعوا جهودهم في نفس الاتجاه المعلن من قبل التحالف. الاميركيون يعلمون، نوعا ما، ان التدخل الروسي يساعد التحالف الاميركي، ويدركون ايضا انهم غير قادرين اليوم على تغيير الموقف بالنسبة للرئيس بشار الاسد، خاصة وان النظام قوي.

ويؤكد زاسبكين "نحن لا ننتظر ترحيبا من قبل الاميركيين والغرب بما نفعله في سوريا، كما لا ننتظر، بل لا نريد ان يخلقوا المشكلات معنا، علما اننا لا نخاف شيئا ولا من اي شيء. العملية العسكرية في سوريا هي لمصلحة المجتمع الدولي، ومن حيث المنطق يجب ان يكون جواب وردود فعل المجتمع الدولي، على الاقل يكون نوعا ما ايجابيا”.

واذ يلفت الى ما يمكن ان يلجأ اليه المعسكر الآخر، الذي يرى ان من الضروري اسقاط النظام السوري وليس مكافحة الارهاب، فإن وقوف هؤلاء بكل قدراتهم ضد الجهود الروسية في ضرب الارهاب، فقد يخلقون الصعوبات امامنا نظرا لامتلاكهم الكمّ الهائل من الاموال والتسليح والتجنيد، ولكن هذا لا يعني ان العملية العسكرية ستتوقف بل هي مستمرة. "وفي اي حال نحن ننتظر من الاميركيين والاطراف الاقليمية مواقف معقولة. نحن لدينا اجندة بناءة لاننا نريد الوصول الى الهدف اي الاستقرار في المنطقة. فلماذا الفوضى الى الابد؟ ما حصل في ليبيا وكذلك في العراق لا نقبل به لأنه يؤدي الى الفوضى، وموسكو لا تريد تكرار هذا الامر في سوريا. إنهم يريدون الاستنزاف. الغرب يريد استمرار التوسع في عدة مناطق بما في ذلك الشرق الاوسط”.

يشير زاسبكين إلى ان موسكو تتبنى موقف النظام السوري، "كل من يصنفه النظام ارهابيا تعتبره موسكو ارهابيا. لا يوجد اتفاق عالمي على تعريف الارهاب، وفي غياب هذا الاتفاق فإن كل الاطراف تتصرف وفقا لمعاييرها وتسمياتها وتصنيفاتها. ولذلك فإن موسكو طرحت الشهر الماضي في مجلس الامن مشروع قرار لتعريف الارهاب”.

الكل باتوا مقتنعين أن "داعش” هو الخطر الاساسي، يقول زاسبكين، "الا ان الدعاية الغربية استخدمت موضوع داعش لاتهام روسيا بانها ضد المعارضة المعتدلة، لان داعش فقط هو الارهاب، اما الاخرون فهم معتدلون. هذا غير صحيح ونحن لا نوافق على هذا التصنيف، وعندما نحن نقول ان داعش اخطر من الآخرين، هذا لا يعني اننا فقط ضد داعش بل ضد الاخرين الذين يعتمدون اسلوب داعش ويحملون السلاح ايا كانوا، ويقتلون الناس”.

يستغرب زاسبكين، المنطق الذي يروج بان التدخل الروسي جاء للحد من النفوذ الايراني، "في وقت تتفاعل موسكو وطهران مع بعضهما البعض بمنتهى الايجابية والتعاون، خاصة وانهما يدركان ان لديهما عدوا واحدا هو الارهاب، لذلك اي كلام عن خلاف روسي ايراني غير منطقي”.

تعالت بعض الاصوات التي تنذر بتورط روسي مستجد في "افغانستان السورية”، وهو كلام لا قيمة له بحسب التقييم الروسي.