عن الأمن القومي الذي تحفظه.. “القبة الحديدة” و”مقلاع داود!"
نبيل نايلي
"هذا التعاون الضمنيّ بين إسرائيل والعرب السنّة، يستند على التقاليد القبلية التي تقول عدو عدوّي هو صديقي، والعدو هو إيران”. توماس فريدمان، Thomas Friedman.
كشفت القناة التلفزيونية الأمريكية، فوكس نيوز، Fox News، أن دول مجلس التعاون الخليجي، البحرين، العربية السعودية وغيرها من الدول الخليجية الأخرى، تقوم بإجراء مفاوضات بغية شراء منظومة قبة الكيان الحديدية، Iron Dome، المضادّة للصواريخ بوساطة تقوم بها شركات أمريكية!
منظومة الكيان إن كتب للاتفاق أن يرى النور، ستتولى إرسالها شركة Raythen، أكبر مُزوّد للمؤسّسات العسكرية في الولايات المتحدة، إلى الدول المعنية، أو تؤمّنها شركات أمريكية أخرى كانت ساهمت في تطوير منظمة”القبة الحديدية "بالاشتراك مع شركة "رفائيال Rafael ” الإسرائيلية.
مستندة إلى تصريحات وزير خارجية البحرين، خالد بن محمد آل خليفة، مفادها أن إيران سوف تطوّر، على الأرجح، إمكاناتها الصاروخية العسكرية بعد توصلها إلى اتفاقها التاريخي شأن برنامجها النووي، تعلّل فوكس نيوز الخطوة الخليجية بحاجة دول مجلس التعاون إلى المنظومات الدفاعية الصاروخية "لضمان أمنها وحمايته من تطوّر وتوسّع الترسانة الصاروخية الإيرانية”!
تكشف القناة، نقلا عن مسؤول خليجي رفيع قوله: "لو تصرّف بنيامين نتنياهو بحكمة أكثر، واقتدى بالرئيس المصري أنور السادات، لكنّا سعداء باقتناء منظومة الصواريخ.. فورا”!
يتزامن هذا الخبر مع صفقة أمريكية-سعودية، بلغت قيمتها ما يناهز النصف مليار دولار، لشراء تسع طائرات هليكوبتر من طراز بلاك هوك، Black Hawk. صفقة اعتبرتها وكالة التعاون الأمني والدفاعي التابعة للبنتاغون، أنها "ستساعد على تحسين أمن السعودية” التي تتوجّس خيفة من المشروع النووي الإيراني ولكي تعزّز قدراتها العسكرية وهي الغارقة وحلفائها، راغبين ومكرهين، في الوحل اليمني.
المملكة السعودية وقعت أيضا، الأسبوع الماضي، اتفاقا مع الحكومة الأمريكية لشراء 320 صاروخا إضافيا من طراز باتريوت باك ثلاثة، Patriot PAC3، ما سيضطرّها لشراء أنظمة ثاد THAD، للدفاع الصاروخي، طويلة المدى.
الرياض كانت قد اتفقت مع باريس أيضا، خلال زيارة رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، Manuel Valls ، على اقتناء مروحيات عسكرية وثلاثين طرادا بحريا فرنسيا، بموجب اتفاقية شملت كذلك تزويد السعودية بأقمار صناعية خاصة بالاتصالات والمراقبة، وذلك ضمن صفقة بلغت قيمتها 10 مليارات يورو.
صفقات وصفقات مثل غيرها من التي توقّعها دول مجلس التعاون، شهريا تقريبا، في تبديد لمقدراتها ومقايضة لأمنها ولسيادتها، في مسلسل الابتزاز الذي لا ينتهي، مرة بشماعة حروب الوكالة وطورا ببعبع التنظيمات الإرهابية المهجّنة استخباراتيا!
صفقة أخرى ستكلف دول مجلس التعاون الخليجي، والعهدة دائما على القناة التلفزيونية الأمريكية، فوكس نيوز، "عشرات المليارات من الدولارات وربما مئات المليارات”، مشدّدة على أن هذه الدول تنوي الحصول على منظومة الدرع الصاروخية و "مقلاع داود” والمنظومة المضادة للصواريخ من طراز "حيتس 1″ و”حيتس 2، Arrow I and Arrow II "!
بغض النظر عن صحة الخبر من عدمه، فالتنسيق الأمني والإستخباري مع الكيان يبلغ أوجه في ظل حالة عدم التوازن والتيه الإستراتيجي التي نشهد، منذ أضحى شمعون بيريز، وليس غيره، من يحاضر عبر نظام الفيديو كونفرنس، خلال جلسة افتتاحية لمؤتمر أمني عُقد في عاصمة خليجية، بحضور 29 من وزراء الخارجية العرب، وكبار الشخصيات من دول العالم الإسلامي! محاضرة علّق عليها توماس فريدمان قائلا "إن الظهور غير العادي لبيريز لم يكن بدافع من رياح المصالحة بين العرب وإسرائيل؛ ولكن هذا التعاون الضمني بين إسرائيل والعرب السنّة، يستند على التقاليد القبلية التي تقول عدو عدوي هو صديقي، والعدو هو إيران، التي بدأت بثبات في إرساء الأسس لبناء سلاح نووي.”!!!
يديعوت أحرنوت نقلت يومها تصريح أحد المسؤولين، علق قائلا: "كان هناك حماس كبير من كلا الجانبين -بيريز والمشاركين العرب-والجميع يفهم أن هذا المؤتمر كان حدثاً تاريخياً، فرئيس الدولة العبرية يجلس في مكتبه بالقدس والبقية يجلسون في الخليج الفارسي لمناقشة الأمن ومكافحة الإرهاب، والسلام”! ومنذ أضحى نتنياهو "صاحب رؤية” و”رجل المرحلة” والصديق الصدوق!
وفلسطين؟ والأمة من كل هذا؟؟ ليس قبل انتهاء عباقرة الجيو-إستراتيجية في مجلس التعاون من قطع دابر من يوصّفونها بــ”رأس الأفعى!"
هل تفرض الحاجة عودة أهل النظام العربي إلى إعادة اكتشاف الهوية الأصلية، بل الهوية التي لا بديل منها، لهذه الأمة، ومحاولة إحياء ما تهدّم من روابط حياتهم وأسباب تقدمهم في اتجاه الانتماء إلى العصر… كما حدث مع شعوب العالم المتقدم قبل مائتي عام أو أكثر؟! أم ستطول الغفلة وإنكار الذات والتاريخ، بحيث تتقاسم هذه المنطقة مشاريع الهيمنة التركية والإسرائيلية تحت المظلة الأميركية؟
لا جدال، مطلقا، في حق الدول الخليجية في امتلاك أسباب وناصية القوة، والدفاع عن مصالحها، وحماية أمنها، كما لا تثريب عليها وهي تنسج التحالفات التي تحقّق لها هذه طموحاتها المشروعة، شريطة أن يتم كل ذلك بناء على تقييمات إستراتيجية واعية ومسؤولة، مستأنسة بالدراسات والمقاربات المستقلة التي تضع مصالح الأمة وشعبها فوق الاعتبارات، أمريكية مفروضة، لا أن ترتمي في الحضن الصهيوني الذي يُشبّه لها، أنه ما عاد العدو المركزي!
كيف يمكن لمن يستجدي بماله اقتناء أسلحة يصرّ الصهاينة أن تحافظ صفقاته على الخلل التوازن الإستراتيجي والنوعي في موازين القوى العسكري، أن يتصوّر للحظة أن الكيان وقبته الحديدية ومقلاع داوده سيضمنون له أمنه المستباح؟ أ ليس ذلك أشبه بحلم إبليس في الجنة؟!
في زمن الانعطافة الأمريكية استعدادا لقرن تريده الولايات المتحدة باسيفيكيا، وفي ظلّ زحمة المشاريع في المنطقة، من صهيو-أمريكية إلى فارسية وتركية وغيرها، وفي زمن حروب الوكالة، واستحضار المسالخ الطائفية، تأسيسا للكيانية بديلا عن الدول الفاشلة، وأمام حالة عدم التوازن والتيه الإستراتيجي التي تلازم "النظام” الرسمي، قديمه ومُحدثه، باتت الصحوة العربية أكثر من مصيرية!
الشرخ مقدمة للصدع بعدهما يأتي الطوفان!!