kayhan.ir

رمز الخبر: 27817
تأريخ النشر : 2015October17 - 20:03

شعبنا ملتفا حول هبته، يعطيها ويحميها بكل الوفاء

عباس الجمعة

امام الظروف التي تعيشها المنطقة يستعيد الشعب الفلسطيني بهبته القضية الفلسطينية الى واجهة الاهتمام ، حيث يواجه الشعب الفلسطيني بصدوره العارية وقبضة شبابه الكيان الإرهابي الغاصب ، وبما لايدع مجالا للشك من هم أولئك الذين يحملون قضية فلسطين في قلوبهم وضمائرهم ويقاتلون ويضحون من أجلها ويتحملون في سبيلها ما لاتطيقه الجبال، ولتكشف هبة شعبنا من هم أولئك الذين يتاجرون بها وبهموم وأحلام شعبها ومصيره، ، ويساهمون بتشجيع الكيان الصهيوني على اضطهاد الشعب الفلسطيني وسلب حقوقه واقتلاعه من أرضه.‏

ومن هنا تأتي الهبة الشعبية العارمة على امتداد ارض فلسطين رغم الحرب القاسية التي تعيشها المنطقة ضد الإرهاب التكفيري المدعوم من قبل القوى الامبريالية والاستعمارية والرجعية ،‏ولكن رغم هذا الوضع العربي المزري والمشوش إلا أن الشعب الفلسطيني لم ييأس، وها هم شباب وشابات فلسطين يرسمون من خلال هبتهم ودمائهم ملامح انتفاضة فلسطينية ثالثة، حيث يقاوموا بصدورهم العارية والحجارة والسكاكين آلة الهمجية والتدمير والقتل والقمع الصهيونية دفاعا عن أرضهم ووجودهم وحقوقهم ومصيرهم ومقدساتهم.‏

الإرهاب والقمع الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني بلغ حدا لا يمكن السكوت عنه على مرأى ومسمع العالم والنظام الرسمي العربي ، وبعض هذا الإرهاب والقمع الوحشي الصهيوني للأسف يبث مباشرة على قنواتهم الفضائية دون ان يتحركون ساكناً تجاه ما يلحق بشعبنا بل لعلهم يشجعون إسرائيل عبر قنواتهم السرية على قتل الفلسطينيين وهدم المسجد الأقصى وتهويد القدس والتخلص من كل ما يمت للنضال الفلسطيني بصلة لكي يتخلصوا نهائياً من عبء هذه القضية الحية في الوجدان العربي.‏

وهنا نتوقف لنقول عن اي مبارة عربية نتحدث هل عن مبادرة سلام هشة مع إسرائيل رغم أن الحكومة الصهيونية رفضتها وداستها بجنازير الدبابات وبقتل الشعب الفلسطيني، ، فكفى ترويجا لهذه المبادرة اليائسة وكأنها باب الخلاص والحل، لاننا ما نراه اليوم يثبت بشكل واضح ان الشباب الفلسطيني هو ما يصنع القرار بتضحياته وليس عبر مد اليد للسلام مع عدو لم يتوقف لحظة عن إراقة دماء الفلسطينيين والعرب واستباحتها، وممارسة أبشع صنوف العنصرية ضدهم، إما بتهجيرهم وطردهم أو بنسف منازلهم على رؤوسهم، أو اغتيالهم أو الزج بهم في المعتقلات، أو محاصرتهم، وتدنيس أراضيهم ومقدساتهم وانتهاك سيادة دولة فلسطين تحت الاحتلال.

لقد أدت المواقف المتخاذلة للمجتمع الدولي ولبعض الانظمة العربية إلى تشجيع الاحتلال وحكوماته ومستوطنية النازيين الجدد على الاستهانة بدماء الشعب الفلسطيني ومطاردة شبابه وقتلهم بدم بارد .

من هنا عندما نتحدث عن الهبة الشعبية العارمة ، نقول القدس ليست المسجد الاقصى ، فالمسجد الاقصى جزء من القدس ومن الارض الفلسطينية ، ونحن نتحدث عن انتفاضات وهبات الشعب الفلسطيني منذ اكثر من سبعون عاما ، ولهذا فأن مشهد اليوم من خلال شباب وشابات فلسطين مختلف حيث ارادوا ان يواجهون الاحتلال وآلاته الفتاكة بملحمية لا توصف، ومن خلال عملياتهم البطولية بالسكين والمقلاع والحجر تأخذ زمام المبادرة بعد أن كانت الدفة تدار بمعزل عنه، صحيح هي بحاجة الى التأطير والتنظيم والعمل الجماعي ووحدة الصف الفلسطيني ونحن ما نتطلع اليه .

وفي ظل هذه الاوضاع يؤكد الشعب الفلسطيني على الحقيقة الثابتة على ان المسيرة مستمرة مهما كانت التضحيات ، لانه يعي جميع ابعاد الصراع في المنطقة، الصراع الحضاري ضد الوحش الصهيوني – الامريكي، فاننا نعرف ان اسطورة الصمود والتحدي في مواجهة هذا الطاغوت الامبريالي – الصهيوني الذي يحاول ان يعلق المنطقة كلها في مخالبه وبين انيابه لن تنجح ، فهذه الهبة الشعبية انطلقت من كبد هذه الجماهير التي نراها في ميادين المواجهة الحقيقية الساطعة ليتعانق شباب فلسطين بوحدة وطنية قل نظيرها ، حيث يصبون جهودهم المتفجرة بينابيعها حماسا ثورياً فريدا .

نعم بهذا المعنى الحقيقي والتجسيد الواقعي للهبة الشعبية التي فجرها شباب فلسطين ، والذي لن تتوقف امواج زلزالها الا عند ابواب بيت المقدس، حيث ترتفع عليه رايات فلسطين عالية خفاقة شاء الطغاة ام ابوا، رضي المستعمرون الصهاينة ام لم يرضوا، وصوت الشعب الفلسطيني واضحا وضوحا كاملا، بأ ن لا حل، ولا سلام، ولا استقرار في هذه المنطقة بالقفز على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية وحقوقه، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس .

من هنا يجب ان نؤكد بأن خطاب الرئيس محمود عباس لم يغلق خيار السلام بل أكد تمسك الفلسطينيين بالسلام والعدل والحرية والتمسك بالقانون الدولي كعنوان للمرحلة المقبلة، وقد ظهر أنه يتحكم بالمرحلة بقوة مدعوما بتحرك شعبي في كل المدن الفلسطينية وخاصة القدس، حيث تجاهل كل الاشتراطات السابقة ولم ينبذ العنف بل حيا الشهداء، وخاصة الأطفال وذكر أسماءهم، رغم اننا كنا نتمنى ان يكون الخطاب اشمل من ذلك وليعلن دعمه للهبة الشعبية والانتفاضة المتواصلة والتمسك بالمقاومة الشعبية بكافة اشكالها باعتبارها حق للشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة .

لهذا نقول للعرب الذين هم غير مبالين وللمجتمع الدولي الذي يريد من القيادة الفلسطينية العودة الى مسار المفاوضات العبثية ولكل الباحثين عن السلام لن يجدوه إلا عبر القوة والارادة الفلسطينية والعربية الموحدة فالسلام العادل هو سلام الاقوياء وليس سلام الضعفاء والركع، فسلام الضعفاء هو الاستسلام وما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ، وان شعبنا داخل فلسطين المحتلة وخارجها يزداد كل يوم التحاما ووحدة وثباتا من خلال هبته الشعبيه التي تقاوم بالرغم من كل الصعاب والتحديات حتى تحقيق الحقوق المشروعه لشعبنا وحقه في ان يحيا حرا فوق ارضه المحررة.

لهذا نرفع الصوت لنحذر من زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المرتقبة للشرق الأوسط، ونطالب برفض أية ضغوطات يمارسها لوقف الهبة الجماهيرية ومقاومة الاحتلال، او عقد لقاءات هنا او هناك على ارضية وقف الهبة الشعبية من اجل تمرير مشروع معين ، وهذا يتطلب من جميع الفصائل والقوى و جماهير الشعب الفلسطيني إلى اعلاء صوتها في ادانة الموقف الأمريكي وتصعيد هبته الشعبية بمختلف أشكالها تزامنا مع زيارته، فالادارة الامريكية هي من تقف سدا منيعا أمام شعبنا في كل المحافل الدولية وباستخدام سلاح الفيتو عشرات المرات حتى لا يتمكن شعبنا من ممارسة حقه الطبيعي في تقرير مصيره، وهي من تبث سمومها وتصدر الحروب الطائفية والمذهبية للوطن العربي،وهي شريكة أساسية في المجازر التي ارتكبها الاحتلال في كل حروبه ضد الشعب الفلسطيني والامة العربية.

بهذا الوضوح يقف شعبنا ملتفا حول هبته، يعطيها ويحميها بكل الوفاء يذود عنها وتذود عنه لتستمر الشعلة المقدسة وهاجة ولتبقى المسيرة قوية منيعة وليجسد هذا الشعب العظيم حلمه بتحرير الارض والانسان ويرفع علم فلسطين فوق اسوار القدس العاصمة الابدية لدولة فلسطين.

ان الوحدة الوطنية الفلسطينية هي السلاح الامضى في مواجهة الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه ، وهي الصخرة التي تتحطم عليها المؤامرات في مسيرة النضال الشاقة، هذه الوحدة التي تصنعها الدماء الزكية لشباب فلسطين في الضفة وعزة والقدس واراضي عام 1948، وهذا يستدعي مزيدا من الالتحام حول الهبة الشعبية، ومزيدا من رص الصفوف على كافة جبهات النضال ولنعزز هذه الوحدة التي هي الدرع الذي يحمي استمرارية المسيرة .

ختاما : الشعب الفلسطيني بعطائه، وروحه التي لا تأبى الصمت والصبر يترك وراءه صورة ان الطريق إلى فلسطين لها اشكال مختلفة، ولا شك ان هذه الهبة الشعبية ستكتب تاريخ جديد في النضال وان دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دفاع عن الارض والمقدسات ، وهي ستعزز لدى شعبنا روح الآمال الكبيرة في المستقبل الذي ستتحقق فيه الحرية والاستقلال والعودة.