دور ايجابي أوروبي للحل السياسي في سوريا، الطرف السعودي يرفض الحوار
أکد نائب وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان، أن الاتحاد الأوروبي يمکنه أن يلعب دوراً ايجابياً في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وإذ رحب بفکرة إجراء محادثات ثنائية مع السعودية، لفت إلي أن الطرف السعودي يمتنع عن الدخول في أي حوار، مشيرًا إلي أن الحکم الجديد في السعودية يفضل اللجوء إلي القوة بدلا من الحوار.
وأوضح تقرير لوکالة
الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) من بيروت أن مواقف
أمير عبداللهيان هذه جاءت في سياق حديث أجرته معه صحيفة "السفير” اللبنانية علي هامش زيارته إلي بروکسل، وتطرق فيه لمجمل
مستجدات وحيثيات الأزمة والحرب في سوريا، مع تعريج علي
أوضاع المنطقة وتحديدا العلاقة مع الرياض.
وردًا عن سؤال حول نتائج زيارته لبروکسل والتي تعتبر أول اجتماع في سياق تشکيل مجموعة اتصال دولية حول الحل السوري. أوضح أمير عبداللهيان في حديثه الذي نشرته "السفير” اليوم
الأربعاء، قائلاً: 'کان اجتماعنا وحوارنا
مع السيدة موغيريني بنّاء، وهي قدمت أفکار بناءة وإيجابية جداً. تبادل الآراء بيننا شمل القضايا المتعلقة بالمنطقة ومکافحة الإرهاب، وناقشنا بالتفصيل ما يتعلق بالعملية السياسية في
سوريا'.
أضاف: 'نحن نري أن الاتحاد
الأوروبي يمکنه أن يلعب دوراً ايجابياً في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. سنواصل هذا النوع من الاتصالات والمفاوضات، علي المستويين الإقليمي والأوروبي. الموضوع الأساسي لنقاشاتنا
کان يتعلق بإيجاد آراء وأفکار متنوعة في
ما يتعلق بالحل السياسي. ونعتقد أن هذا التبادل لوجهات النظر مثمر جداً'.
وتابع: 'لم نصل بعد إلي نتيجة أنه يمکننا أن نشکل مجموعة دولية رسمية لإيجاد حل في سوريا. السيد دي ميستورا (المبعوث الأممي إلي سوريا ستيفان)
قدم خطة اقترح فيها أن تشکّل مجموعة اتصال. في هذه اللحظة تحاول الجمهورية الإسلامية الإيرانية الاتصال والحديث مع کل الدول الشريکة المؤثرة واللاعبين. أحد هؤلاء اللاعبين
المؤثرين هو الاتحاد الأوروبي، ويمکنني
إعادة التأکيد علي الدور الخاص الذي يمکن أن تلعبه موغيريني'.
وعمّا قاله دي ميستورا بأنه إذا کان بإمکاننا إيجاد أي مجموعة دولية، تجمع إيران والسعودية معا، فحينها
يمکن إيجاد حل للازمة في شهر، لا سنة ولا
سنوات، أجاب أمير عبداللهيان: 'ليست لدينا أية مشکلة في الحديث مع الشرکاء السعوديين، وفي مرات عديدة کانت هناک إشارات عديدة من الجانب الإيراني تظهر استعداده للحديث مع
السعوديين.. إنها مبالغات من هؤلاء الذين يزعمون
أنه إذا کانت إيران والسعودية علي الطاولة يمکن حل وإنهاء کل شيء في غضون شهر. إنها مبالغة، لأن هناک الکثير من التعقيدات في القضايا الإقليمية، وهناک عدد کبير من اللاعبين
الإقليميين والدوليين منخرطون في
المسألة. لکن نعتقد أن المحادثات والنقاشات يمکنها أن تحدث بين طهران والرياض، وهذا يمکنه أن يکون فعالاً جداً'.
أضاف: 'نحن نرحب بفکرة القيام بمحادثات ثنائية مع السعودية، لکن في الوقت الراهن يمتنع الطرف السعودي عن الدخول في أي حوار، وهذا في الحقيقة إشارة استفهام کبيرة للجانب الإيراني حول لماذا تتجنب الدبلوماسية السعودية أي نوع من الحوار. ربما الحکم الجديد في السعودية هو جزء من الإجابة، لقد فضلوا اللجوء إلي القوة بدلا من الحوار، وهذا النوع من اللجوء إلي القوة نراه بعد انقضاء ستة أشهر في اليمن حيث لم يحصلوا علي أي نتيجة علي الإطلاق'.
وأکد أن تغير التوجه السعودي هذا 'يتطلب الإرادة من القادة
السعوديين'. وقال: 'نحن متفائلون بالنسبة
للمستقبل. أرادوا أم لا، فهم جيراننا، وليس هناک أي بدائل عن الحوار.. يمکن للحوار والتعاون بين طهران والرياض المساهمة في إيجاد حلول للمشاکل في منطقتنا. نحن نتفهّم الظروف
التي يجد السعوديون أنفسهم فيها'.
وشدد علي أن 'المسائل والقضايا في سوريا ليست متصلة لا بالسعودية ولا بإيران، وهو أمر يتطلب فقط حلاً من قبل
الشعب السوري بنفسه. کل اللاعبين المؤثرين
في المسألة السورية ينبغي أن يقوموا بجهود متضافرة، بحيث يمکن تحضير الشروط لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، حتي يصل السوريون إلي صناديق الاقتراع ليقرروا مستقبلهم. لا السعودية
ولا أي بلد آخر لديه الحق في أن يقرر حول
مستقبل رئيس هذا البلد أن يبقي أو يذهب'.
وأضاف موضحًا: 'أقصد بشکل أساسي الإصلاحات السياسية في سوريا،
وداخل إطار الإصلاحات يمکن لکلا العمليتين
الانتخابيتين أن تجريا: انتخابات برلمانية وانتخابات الرئاسية. لکن کل هذا يجب أن يتم بناء علي الدستور السوري الموافق عليه من قبل الشعب السوري، وهناک إمکانية أن السيد بشار
الأسد سيکون مرشحاً في الانتخابات
المستقبلية أو التالية. في رأيي، لا ينبغي علينا أن نمنع السيد بشار الأسد من أن يکون مرشحا. يجب علينا جميعا
أن نبذل کل جهودنا لنحاول تحضير وتسهيل الأجواء
لإقامة انتخابات حرة ونزيهة. إذا لم يرغب الشعب السوري في التصويت لبشار الأسد فلن يصوتوا له، ولن يکون هناک بديل أمامه سوي أن يغادر. لذا فالمعايير بالنسبة لنا هي
تصويت الشعب، لکن يجب أن يکون تصويتا حقيقياً'.
وردًا عن سؤال لفت أمير عبداللهيان إلي أن 'بيان جنيف يتضمن نقاطاً إيجابية وفي الوقت ذاته يتضمن نقاطاً صعبة أيضا. دي ميستورا يحاول تحضير خطته بناء علي بيان جنيف، لديه
اتصالاته الخاصة مع مسؤولين سوريين وکذلک
بمجموعات المعارضة، وأحد النقاط التي ذکرت في بيان جنيف هي الحوار الذي يمکن أن يحدث بين الحکومة ومجموعات المعارضة، ونحن نعتقد أن هذه أساسات جيدة، ولکن عندما نتکلم عن
المعارضة، فهي من وجهة نظرنا تلک المعارضة السياسية
التي تؤمن بإيجاد حل سياسي، أما تلک المجموعات المسلحة التي تتعامل وتتعاون مع المجموعات الإرهابية فهم ليسوا مؤهلين بما يکفي للدخول في عملية سياسية. إذا، کل المجموعات السياسية
والمعارضة التي لا تريد التعاون مع
المجوعات الإرهابية مرحب بها للقدوم والانضمام إلي العملية وتقاسم السلطة. لکن مهما کانت الخطوات التي سنتخذها فمن المهم جداً الأخذ بالاعتبار رأي الشعب السوري'.
وعمّا يتردد عن إرسال قوات إيرانية إلي سوريا، أکد أمير عبداللهيان أن 'إيران ليس لديها أي جنود مقاتلين في سوريا، لکن لدينا مستشارين عسکريين واختصاصهم هو توفير
المشورة حول مکافحة الإرهاب، وتم
إرسالهم إلي هناک بناء علي طلب أرسلته الحکومة السورية، وأجندتهم هي القتال ضد الإرهاب وليس أي مجموعة معارضة لبشار الأسد، لأننا نحترم المجموعات المعارضة للحکومة السورية، لأن
لديهم الحق في الدخول إلي الحياة السياسية
للبلاد وأيضا في تقاسم السلطة في المستقبل'.
وأوضح أنه يقصد 'نوع المعارضة السياسية المسلحة التي لا تريد قتل الشعب السوري ولا تتعاون مع المجموعات الإرهابية، فهم أيضا واقع ويجب أن يتم الاعتراف بهم کواقع. لکن ما نشير إليه في سوريا هو أن کل المجموعات المسلحة تنجذب إلي "داعش” مثل المغناطيس'.
وأشار إلي أن الهدف الأساسي للنشاطات الروسية داخل سوريا، هو استهداف "جبهة النصرة” وأيضا "داعش”. وقال: 'إيران تدعم أفعال روسيا لمکافحة الإرهاب، ونحن نعتبر أن هذه النشاطات الروسية تضعف الإرهابيين. لکن حول غرفة المراقبة العملياتية في العراق، بالمشارکة مع دول أجنبية، فهذا أمر لا أملک الکثير من المعلومات حوله. ولکن حقيقة أن إيران والعراق وروسيا وسوريا تسير في اتجاه قتال الإرهاب، فهذا أمر إيجابي. ولکن قرار الرئيس الروسي بوتين في القتال ضد الإرهاب، هو في رأيي قرار شجاع اتخذه. وأود أن انتهز هذه الفرصة لأتحدث عن انتقاداتي للسياسة الأميرکية تجاه سوريا. حتي اليوم لم يقم الأميرکيون بأي شي فعال في مکافحة الإرهاب في سوريا'.
ولفت إلي أن العمليات العسکرية الروسية في سوريا ترجي بالتنسيق مع الجيش السوري، وقال: 'إذا طلبوا أي نوع من المساعدة من إيران لجعل هذه العمليات أکثر فعالية، إن مستشارينا العسکريين المختصين في مکافحة الإرهاب سيوفرون بالتأکيد دورهم الاستشاري'.
وأشار أمير عبداللهيان إلي
أن 'المشاکل والتطورات التي تحدث في المنطقة
مترابطة مع بعضها، وموجات الإرهاب في منطقتنا أيضا
مرتبطة ببعضها، والسياسة الخاطئة للقوي الدولية جعلت الإرهاب يتکاثر في المنطقة وفي العراق وسوريا بشکل أقوي. والوجود العسکري للسعودية في البحرين سبب عدم استقرار في
البلاد، وفي حالة اليمن والهجوم واستهداف اليمنيين
الأبرياء، فهذا سبب تنامي هذه الظاهرة. من غير الممکن فصل الإرهاب في سوريا أو العراق، لکن في اليمن وبسبب الحرب المحتدمة يمکننا أن نلاحظ نمو الإرهاب في هذا البلد'.
وردًا عن سؤال أکد أمير عبداللهيان
مجددًا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم إکمال الإصلاحات السياسية في لبنان، معتبرًا أن انتخاب رئيس جديد
للبنان هو 'جزء آخر لاستکمال هذه
الإصلاحات السياسية. لکن الواقع أن ما يحدث في المنطقة لديه تأثيراته الخاصة علي القضايا المتعلقة بلبنان، حتي اليوم نري بعض المجموعات تحاول تحويل أزمة النفايات إلي أزمة أکبر ودولية'.