kayhan.ir

رمز الخبر: 27616
تأريخ النشر : 2015October13 - 20:29

كوندوليزا رايس: ما هكذا تنشر الفوضى الخلاقة

رائد كشكية

كتبت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس بالاشتراك مع وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس، مقالا تنتقد فيه السياسة الروسية، وتقدم النصائح لأوباما.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، قد تبنت مفهوم "الفوضى الخلاقة"، وأوضحت لصحيفة "واشنطن بوست" عام 2005 كيفية انتقال الدول العربية والإسلامية من الدكتاتورية إلى الديمقراطية (بحسب زعمها )، معلنة أنّ الولايات المتحدة ستلجأ إلى نشر الفوضى الخلّاقة في الشرق الأوسط، في سبيل إشاعة الديمقراطية.

يذكر ان "الفوضى الخلاقة" نظرية سياسية اميركية ترى أن وصول المجتمع إلى أقصى درجات الفوضى متمثلة بالعنف والرعب والدم، يخلق إمكانية إعادة بنائه بهوية جديدة.

بدأت العملية في عام 2011 وحقق المخطط نجاحا باهرا لاسيما في ليبيا والعراق واليمن، لكنه واجه مقاومة عنيفة في سوريا، واصطدم بتحالف شكلت روسيا أهم أعمدته.

ويبدو أن فشل السياسة الأميركية في سوريا اضطر السياسية الموسيقية السابقة للإدلاء بدلوها في سياق الانتقادات التي تتعرض لها سياسة البيت الأبيض، فكتبت مقالا بالاشتراك مع وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس، نشرته الـ"واشنطن بوست" ذاتها، تنتقد فيها السياسة الروسية، وتقدم النصائح لأوباما.

تبدأ رايس مقالتها بتمهيد يقيّم سياسة بوتين، فتعترف له بالحنكة السياسية، "كيف يستطيع فلاديمير بوتين الذي يقود دولة باقتصاد متدهور، وقوات مسلحة من الدرجة الثانية، التحكم في رسم مسار الأحداث الجيوسياسية على هذا النحو؟ .. هو صاحب اليد العليا دائماً". وتتابع رايس أن بوتين يستخدم ما بحوزته من أوراق بمهارة استثنائية، ويعرف تماماً ما يريد فعله.

هذا أمر مزعج طبعا (لواشنطن) أن يعرف بوتين ما يفعل، ويفعل ما يريد، فهو "لا يسعى لتحقيق الاستقرار في سوريا، وفقاً لتعريفنا لمعنى الاستقرار"، فكل ما يقوم به هناك هو من أجل الدفاع عن مصالح روسيا، من خلال السعي لإبقاء بشار الأسد في السلطة.

صدقت الماغنوليا السوداء، فلكي يحقق بوتين الاستقرار في سوريا وفق تعريفها يجب أن يدافع عن مصالح واشنطن، فلا يحمي الدولة السورية، لأن بشار الأسد يرأسها، ولا يضرب المنظمات الإرهابية التي تعارض مصالح موسكو، لأن هذه المنظمات جيدة لا تعارض مصالح واشنطن.

وتؤكد أول وزيرة خارجية أميركية سوداء أن لا حل عسكريا للأزمة في سوريا، لكنها تدرك أن الدبلوماسية تتبع الواقع على الأرض، الأمر الذي تفهمه موسكو جيداً، ولذلك فما ما تقوم به روسيا وإيران، حسب رايس، هو خلق واقع ملائم لهما على الأرض، قبل المفاوضات.

لكن إذا كانت السيدة رايس تدرك هذه المعادلة، فلماذا لم يحاول السيد أوباما تغيير الواقع على الأرض لصالحه؟ لماذا توسع تنظيم "داعش" وقوى في ظل القصف الأميركي خلال عام؟ أم أن أوباما أقل ذكاء من رايس؟.

المشكلة يا سيدة رايس في المفاهيم، والواقع أن واشنطن عملت على تغيير الواقع لصالحها، وحققت بعض النجاح عبر توسع "داعش" و"النصرة" وأخواتهما، لكن المصالح الأميركية لا تتطابق مع مصلحة سوريا، ولا يحق لمن أعلن عن نشر "الفوضى الخلاقة" في الشرق الأوسط، أن يتهم موسكو بأن مصلحة ومصير السكان في سوريا، لا يمثلان موضوعاً ذا شأن بالنسبة لها، فالفوضى الأميركية هي التي قتلت الآلاف وهجرت الملايين، بينما تتدخل روسيا لوقف هذه الفوضى. الأميركي فقط مدعو لتحديد المفاهيم، أما الروسي والسوري فيتكلمان لغة واحدة.

تختم كوندوليزا رايس مقالها بتوصيات تراها ضرورية للولايات المتحدة في مواجهة التدخل الروسي في سوريا، هي فرض واقع أميركي خاص على الأرض كمنطقة حظر طيران، وتوازن عسكري أفضل، مع تلافي الصدام مع الروس في سوريا، لكنها وضعت في الصدارة رفض تبرير هذا التدخل بضرورة المحافظة على منظومة الدولة في الشرق الأوسط.