أنقرة والانصياع للامرالواقع
مهدي منصوري
كانت تركيا تعتقد وبتحالفها مع دول المنطقة تستطيعان تحقق اهداف اسيادها الاميركان وغيرهم في تفتيت او ازالة قوى المقاومة للمشروع الاميركي- الصهيوني، وقد اختبرت وفي بداية الامر لتنفيذ هذا المخطط استهداف سوريا والتي تمثل احد اضلاع هذه المقاومة. وقد كانت تتصورانقرة وحلفائها انهم قادرون على تغيير قواعد اللعبة بحيث يتمكنون ان يحققوا الهدف الاكبرالتي اعلنت عنه واشنطن وهو تقسيم بلدان المنطقة لتحقيق مشروع الشرق الاوسط الكبير.
ولكن وبعد مرور اكثر من اربعة سنوات والصمود الملحمي للشعب والجيش السوري افشل كل المحاولات الاستكبارية والاقليمية، وتمكن ان يكون سدا منيعا من ان يتحقق المشروع الصهيو ــ اميركي من خلال انهزامه او كسر شوكته.
واليوم وبعد ان وقعت انقرة في الفخ الارهابي قبل غيرها بحيث دق ابوابها بالامس وبصورة واضحة من خلال الانفجارين الذي راح ضحيتها الكثير من الابرياء.
مما فرض عليها ومن خلال الضغط الذي مارسه الشعب التركي من خلال التظاهرات المستمرة التي امتدت الى مختلف المدن التركية متهمة اردوغان ورئيس وزارئه مباشرة بما جرى وسيجري مستقبلا على الارض التركية. وكذلك والاهم في الامر ان انقرة ادركت جيدا ان ما تقوم به من دعم واسناد منقطع النظير للارهابيين، قد ادخلها في نفق مظلم ومتاهات لا اول لها ولا آخر، بحيث سلب من شعبها الامن والاستقرار. وكذلك فان الهدف الذي كانت تصر عليه بل وتدافع عنه وهو اسقاط الرئيس الاسد قد ذهب ادراج الرياح ولم ولن يتحقق بعد اليوم بسبب الانتصارات التي يحققها الجيش السوري على المجموعات الارهابية والتي اصبحت تبحث عن ملجأ لها يقيها ضراوة هذه الضربات ولم تجد امامها سوى ان تهلك أو تعود من حيث اتت وقد تكون انقرة محطتها الاولى والاخيرة.
ودخول روسيا على خط المواجهة مع الارهاب والذي وضع تحالف واشنطن امام الحقيقة التي طالما حاول اخفاءها والا وهي خداعه للعالم من انه يحارب الارهاب الا ان الواقع قد اظهر عكس ذلك تماما.
ومن الطبيعي ان التدخل الروسي المباشر في محاربة الارهاب خاصة في سوريا قد غير قواعد اللعبة، كما اعلن ذلك بالامس الاتحاد الاوروبي. بحيث اكد من ان الرئيس الاسد سيبقى على رأس السلطة وسيتم تنفيذ برنامج المصالحة الوطنية بين المعارضة والحكومة السورية وبصورة يمكن القول الوصول الى حل سلمي للازمة السورية. وهو ما كانت ترفضه انقرة بالدرجة الاولى معتمدة على تحالف واشنطن تل ابيب.
لذلك فان انقرة قد قرأت الرسالة وفهمتها بوضوح مما فرض عليها ان تنصاع وتخضع لارادة شعبها اولا، الذي طالبها بالكف عن التدخل في الشأن السوري الداخلي، من خلال عدم الارهابيين القتلة، وكذلك لارادة المجتمع الدولي الذي رأى ان مسار الازمة السورية ينبغي ان يأخذ طريقا آخر يختلف عما بدأ به.
وبناء على ما تقدم وكما ذكرته وسائل الاعلام ان انقرة قد اسلت رسائل لكل من ايران وروسيا اوضحت فيه موافقتها الى اجراء حوار مع هذين الدولتين لحل الازمة السورية وبالطرق السلمية، مما يعكس ان انقرة قد انكفأت على نفسها وادركت خطأ تصورها وتفكيرها، وكذلك اسلوبها العنجهي الذي كانت متمسكة به، والذي اوصل الامر في سوريا الى ما هو عليه اليوم، وفي بلادها الى حالة قد لا يرغبها الشعب التركي ولا يريدها وهو سلب آمنة واستقراره وان تكون بلاده مرتعا للارهابيين والقتلة من شذاذ الافاق.