kayhan.ir

رمز الخبر: 27302
تأريخ النشر : 2015October09 - 19:50

العنصرية العثمانية تطل برأسها مرة أخرى في عهد أردوغان

نبيل لطيف

كان واضحا منذ اليوم الاول لصعود حزب التنمية والعدالة بقيادة رجب طيب اردوغان ، ان هناك نفسا عثمانيا طائفيا بدأ يطغى على السياسة التركية على الصعيدين الداخلي والخارجي ، فلم يتدخر اردوغان جهدا على الصعيد الداخلي ، لاعادة "مجد” اجداده العثمانيين عبر اعادة بناء صروحهم التي اندثرت ، وبناء صروح جديد كقصره الاسطوري المؤلف من 1115 غرفة ، واما على الصعيد الخارجي ، فكانت احلام اعادة بناء الامبراطورية العثمانية في مواقفه من سوريا وحلب والعراق وكركوك ، ومصر ، وتدخله السافر في شأن هذه الدول.

ليس خافيا الموقف الشاذ الذي انفرد به اردوغان ومازال ، ازاء الحرب المفروضة على سوريا ، ودعواته المتكررة لفصل الشمال السوري لبناء جيب عميل تسيطر عليها ميليشيات من القومية التركمانية ، لتكون قاعدة اولية للانطلاق من اجل فصل حلب عن سوريا ، وهذا الموقف تكرر ومازال ازاء العراق وكركوك ، بالاضافة الى تصريحاته الاستفزازية الطائفية ضد الحكومتين العراقية والسورية ، واحتضانه كل المطاردين من قبل هاتين الحكومتين ، لتورط باعمال ارهابية ، واستقبالهم كرموز لاهل "السنة” المضطهدين في العراق وسوريا.

وغاب عن اردوغان ان الاكراد الذي يتعامل معهم بعنصرية مكشوفة ومفضوحة ، هم ايضا من اهل السنة ، ولكنهم لا يتمتعون بمعشار ما يتمتع به اخوانهم السنة في ظل الحكومتين العراقية والسورية ، الا انه ولاسباب باتت معروفه نراه بين وقت واخر يرفع لواء الدفاع عن اهل السنة ويذرف دموع التماسيح عليهم.

آخر نماذج التعامل العنصري الشوفيني "العثماني” مع الاكراد ، رغم انه يمثلون نسبة 20 بالمائة من الشعب التركي ، حيث يصل عددهم الى اكثر من 15 مليون نسمة ، سجلته عدسة قوات امن اردوغان ، التي قامت بسحل مواطن كردي في الشوارع رُبط من رقبته في مركبة مدرعة تابعة للشرطة، وتم تسريب الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ، وهو ما اضطر رئيس وزراء تركيا أحمد داوود أوغلو للقول ان :”من غير المقبول معاملة أي جثة بهذه الطريقة حتى لو كانت جثة إرهابي”.

وتبین ان جثة القتیل الذي يرتدي قميصا أحمر وسروالا أسود وقد لف حبل حول عنقه ، وجرى سحل الجثة عبر الشوارع المظلمة ، تعود لصهر أحد نواب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي ، وان الحادثة وقعت في مدينة شرناق يوم الجمعة الماضية .

المعروف ان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بقيادة صلاح الدين دمرداش هو الذي جرد حزب اردوغان من الاغلبية التي كان يحتاجها للهيمنة على تركيا وتغيير الدستور ، الامر الذي دفع اردوغان الى انتهاك وقف اطلاق النار مع الاكراد من طرف واحد ، واعلان الحرب ضدهم ، لكسب ود القوميين الاتراك في الانتخابات التشريعية القادمة في تشرين الثاني/ نوفمبر.

المطلع على تاريخ الدولة العثمانية ، وما انزلته من ويلات وكوارث ومآسي بالشعوب العربية وغير العربية ، خلال مئات السنين ، سوف لن يتفاجىء بالفيديو ، فهذه الممارسة ، كانت ممارسة يومية لولاة العثمانيين في البلدان العربية وغير العربية ، ضد كل المعارضين لها ، بل ان السياسة العنصرية التي اعتمدتها الدولة العثمانية في تتريك الشعوب التي كانت تئن تحت وطأة الاحتلال العثماني ، وخاصة الشعوب العربية ، كانت سياسة تهدف الى محو الهوية العربية وغير العربية ، ومحاربة اللغة العربية ، رغم ان العثمانيين يزعمون انهم خلفاء النبي (ص).

السياسة العثمانية العنصرية كانت اكثر قسوة على الشعوب غير المسلمة وخاصة المسيحيين ، فالتاريخ مازال يذكر وبكل أسى المجزرة التي تعرض لها الامن على يد العثمانيين ، بتهمة الخيانة ، حيث قام العثمانيون بتهجير الملايين من البشر من اوطانهم ، حيث مات العديد منهم من البرد والجوع ، وتم قتل الباقي على يد الجيش العثماني.

هذه الثقافة والرؤية الى الاخر ، لدى العثمانيين ، هي التي جعلت حكومة التنمية والعدالة تحتضن كل المجرمين والافاقين والطائفيين والتكفيريين في العالم ، ك”داعش” و القاعدة ، وتمدهم بكل اسباب القوة ، دون ان تستشعر باي تأنيب للضمير مما يقترفوه في العراق وسوريا من جرائم ضد الانسانية ، فمثل هذه السياسة كانت تعتمدها الدولة العثمانية من قبل ، ضد كل المعارضين ، لذا لم يجد اردوغان من ضير باعادة الروح اليها وبعثها من جديد ، عبر الخطاب الطائفي البغيض وتجنيد التكفيريين ، اعتقادا منه انه اقصر طريق لاعادة الروح الى الجسد العثماني الميت ، ولكن فاته ان الشعوب العربية وغير العربية في المنطقة ليست كما كانت في ظل الدولة العثمانية ، فهذا الشعوب مازالت تعتقد ، واعتقادها جازم، بأن كل الذي تعانيه اليوم من ضعف وتشتت ، مرده الفترة السوداء من حكم اجداد اوردغان المنخور طائفية وحقدا.