السفير الدكتور غضنفر ركن ابادي شهيداً ام أسيراً ؟
حسين الديراني
أكثر من عشرة ايام مضت على كارثة التدافع في منى والتي نُصر على أنها مفتعلة ضمن خطة إستخباراتية إجرامية مشتركة بين الكيان الصهيوني والسعودي ضد ايران, ما زالت عوائل الشهداء تصطف لاستقبال جثامين ذويهم الطاهرة القادمة في نعوش تم التعرف على هوية ضحاياها, وتم تشييعهم الى مثواهم الاخير وسط مشاعر من الحزن والاسى والصبر , وشارك في هذه المراسم كبار المسؤولين الايرانيين والشعب الايراني بأكمله.
تسليم ووصول جثامين الشهداء على مراحل جاء بعد تهديد قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي للسلطات السعودية وتحميلها مسؤولية مصير الحجاج الشهداء والمفقودين حيث تلقفت الادارة الامريكية هذا التهديد على نحو الجدية والسرعة وأمرت صنيعتها السعودية للتجاوب والاسراع في تسوية هذه الازمة قبل نفاذ صبر أيران لانها لا تستطيع حمايتها في مثل هذه الظروف الاقليمية والعالمية, بادرت السعودية لاستقبال وزير الصحة الايراني وفريق طبي من الهلال الاحمر الايراني ومندوبي منظمة الحج والزيارة الايرانية, ايام قليلة وأذا بأرقام الحجاج الشهداء ترتفع من 130 شهيد الى 465 شهيد مما يشكف عن نجاح الفريق الايراني في سرعة الكشف عن هوية الشهداء الذين كانوا في عداد المفقودين , وكذلك يكشف عن مدى إستهتار السلطات السعودية بارواح الشهداء, وكانت ترفض تسليم المفقودين وتعتزم على دفنهم بشكل جماعي لاخفاء الحقيقة التي تكمن وراء هذه المجزرة المفتعلة.
بعد الاعلان عن عدد الشهداء من قبل منظمة الحج والزيارة الايرانية سارعت بعض الصحف الايرانية وأعلنت عن إستشهاد 4 دبلوماسيين ايرانيين بحادثة تدافع منى, وهم كل من السفير الايراني السابق في لبنان غضنفر ركن ابادي, ومساعد شؤون دائرة الممثليات والتشريفات والضيافة بوزارة الخارجية أحمد فهيما, والقنصل العام الايراني في مرو حسن حسيني, والسفير الايراني السابق في سلوفينيا محمدرحيم آقليي.
تضارب الانباء حول مصير غضنفر ركن آبادي.
ما إن أعلنت الصحف الايرانية خبر إستشهاد غضنفر ركن آبادي مع الدبلوماسيين الثلاثة الاخرين حتى سارع أحبته بنعيه عبر الصحف والمواقع الرسمية, ومواقع التواصل الاجتماعي كلاً على طريقته الخاصة التي عبرت عن مدى الحزن والالم لفقدان هذا الطود الشامخ والمجاهد الاكبر والناصر للمقاومة والمستضعفين والمحرومين, فكل من عرفه عن قرب, ومن لا يعرفه إلا من خلال مسيرته تألم لفقده ونبأ إستشهاده, ونحن من الذين نعوه بدمع العيون وحسرات القلوب بعد تواتر الانباء الواردة عن إستشهاده.
ساعات قليلة وبتاريخ 1-10-2015, ظهر شقيقه احمد ركن آبادي على قناة العالم قال : " وفقاً لآخر الاخبار التي تلقيتها من المسؤولين في منظمة الحج والزيارة الايرانية وبعثة قائد الثورة في مكة انه لم تكن هناك أية أخبار مؤكدة حول صحة او إستشهاد شقيقه الدكتور ركن ابادي, وعلينا الانتظار كي نتوصل الى اخبار أكثر دقة بعد البحث في الحاويات التي تضم الجثامين الطاهرة للحجاج المتوفين ".
بتاريخ 2-10-2015, نقلت وكالة أنباء فارس الايرانية خبراً يقول: " بعث رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية علي اكبر صالحي برسائل تعزية الى عوائل شهداء الدبلوماسيون الذين سقطوا في كارثة منى والتي ذهب ضحيتها 465 من الحجاج الايرانيين " بتاريخ 5-10-2015, نفى مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون القنصلية حسن قشقاوي وفاة السفير ركن آبادي, ولا سيما أن جثته ليست بين جثامين الضحايا الايرانيين, ومضيفاً انه لا يمكن تأكيد خبر إختطافه في السعودية, رغم أنه شخصية ايرانية معروفة إقليمياً, واضاف قشقاوي الذي كان يؤدي فريضة الحج, انه من المحتمل ان يكون بين من تبقى من المفقودين الايرانيين من الشهداء او الجرحى المتواجدين في المستشفيات السعودية, قائلاً إن إحتمال إعتقالهم من قبل السلطات السعودية قائم كذلك ".
بتاريخ 6-10-2015, قال مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين عبداللهيان ان السفير الايراني السابق في لبنان الدكتور غضنفر ركن آبادي ما يزال مفقوداً جراء كارثة منى , والمساعي ما زالت مستمرة بصورة جادة لتحديد مصيره”
لماذا الغموض في مصير الدكتور غضنفر ركن آبادي بالذات ؟ .
خبر الاعلان عن إستشهاد الدكتور غضنفر ركن آبادي أفاد الكيان السعودي وأراحه قليلاً من مسؤولية إحتمال خطفه وتسليمه للكيان الصهيوني كما فعل حزب القوات اللبنانية الذي يتزعمه سمير جعجع حين خطف الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة وسلمهم الى العدو الصهيوني عام 1982 خلال الحرب الاهلية اللبنانية, لكن خبر إستشهاده جاء من خلال الصحف الايرانية وليس من قبل وزارة الخارجية الايرانية او بعثة الحج والزيارة الايرانية, لهذا لا يمكن للكيان السعودي التهرب من المسؤولية والاعتماد على ما ذكرته الصحف والانباء العالمية والمواقع الاخبارية لانها لا تعتمد على الدقة في اغلب الاحيان, وافاده في امكانية إغتياله فيما لو كان كان جريحا ورمي جثته بين جثث المفقودين, لكن بما انه ما زال مفقوداً هذا يعزز من نظرية الاحتمال الاكبر وهو الاعتقال ونقله الى جهة مجهولة.
كذلك يمكن التساؤل لماذا إدعت السعودية بأن ركن آبادي وهو من بين 65 الف حاج ايراني لم يدخل السعودية بشكل رسمي ؟ مما إضطر منظمة الحج والزيارة الايرانية لابراز صورة عن جواز سفره وتأشيرة الحج من السعودية ظاهرة عليه عبر الوسائل الاعلامية لدحض المزاعم السعودية التي تخفي شيئا ما وراء هذه المزاعم الكاذبة.
كثير من التساؤلات تظهر في قضية مصير الدكتور غضنفر ركن آبادي التي يمكن ان تتحول الى قضية مشابهة لمصير الامام موسى الصدر الذي اختطف في ليبيا عام 1978 في ليبيا من قبل النظام الليبي, لكن هل يستطيع الملك سلمان الذي لا يدري ماذا يدور حوله إخفاء مصير ركن آبادي كما فعل القذافي بقضية الامام الصدر ؟.
وتبقى قضية ركن آبادي قضيتنا التي لن يهدأ لنا بال قبل معرفة مصيره, إن كان شهيداً فهنيئاً له الشهادة التي طالما تمناها ورغبها, ولكن تمناها على ايدي الصهاينة وليس على ايدي ال سعود حلفاء الصهاينة, شهيداً تحمله أكف ذويه وأحبائه والملائكة الى روضة من رياض الجنة, وإن كان أسيراً فتتحمل السلطات السعودية سلامته والتي تساوي سلامة الكيان السعودي باكمله.
الكيان السعودي أصبحت خياراته ضعيفة جداً ولا يملك سوى الاعلان عن مصير ركن آبادي شهيداً كان ام أسيراً, وفي كلا الحالتين فإن ركن آبادي سهماً إنطلق ليصيب قلب هذا الكيان المترهل شهيداً كان ام أسيرا.
إننا نعتبر لهذه اللحظة الدكتور غضنفر ركن آبادي أسيراً لدى الكيان السعودي الارهابي الغاشم ما لم يتم التعرف عليه بين باقي جثث الشهداء المفقودين, وبقاء مصيره مجهولاً لن يخدم هذا النظام القبلي بتاتاً, فالجمهوية الاسلامية الايرانية المقتدرة لا تترك شهدائها من دون مراسم دفن وعزاء, ولا تترك اسراها في السجون.
الكيان السعودي يمارس الانتحار في خياراته العدوانية ضد سوريا والعراق وايران واليمن ودول المنطقة, عدوانيته تعدت كل الحدود التي لا يمكن لدولة مثل ايران الصبر عليه, والعض على الجراح, وباتت شعوب المنطقة تنتظر لحظة التاديب لهذا الكيان العدواني الارهابي.