الوهابية و”الجهاد المزيف”
نبيل لطيف
نقلت وسائل اعلام عربية تابعة للانظمة العربية الرجعية وفي مقدمتها السعودية، فتوى اطلقها 55 شيخا وداعية وهابي، بعضهم أعضاء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه يوسف القرضاوي، الى "النفير” و”الجهاد” في سوريا لقتال القوات الروسية "الغازية”.
ودعت الفتوى، كما نقلها موقع "سي ان ان "، كل القادرين جميعا إلى القتال في سوريا الى جانب الفصائل التكفيرية الاخرى هناك، وطالبت ايضا قادة الفصائل في سوريا بـ”الوحدة وجمع الكلمة”، في وجه التدخل الروسي.
وفي ذات السياق، سياق الفتاوى المعلبة والجاهزة عند الطلب، والتي تعكس ارادة بعض القوى الاقليمية المعروفة، اصدرت حركة الاخوان المسلمين في سوريا فتوى دعت فيها الى "الجهاد ضد الروس”، وان "جهاد الدفع فرض عين على كل من هو قادر على حمل السلاح” .
وقال رئيس المكتب الإعلامي لحركة الإخوان المسلمين في سوريا عمر مشوح، :”نحن كجماعة الإخوان نؤكد أننا الآن أمام احتلال روسي صريح وواضح، عبر دخول قوات عسكرية روسية وضرب للمدنيين، ومبدأ مقاومة المحتل هو واجب شرعي”.
يبدو ان الدقة التي تستهدف بها الصواريخ الروسية تكفيري داعش والقاعدة من الوهابيين في سوريا، زادت من حمى سوق الفتاوى الوهابية، حيث فتح دعاة ومشايخ الظلام دكاكينهم لبيع الفتاوى على المغفلين والموتورين، على امل انقاذ "ثوار” الناتو والرجعية العربية وتركيا واسرائيل، الذين اخذوا يستشعرون خطرا حقيقيا بعد التدخل الروسي في الحرب المفروضة على سوريا.
من حق كل انسان مسلم ان يسأل، لماذا يخرس هؤلاء الناس، الذين يدعون العلم والفقاهة، ازاء ما تقترفه امريكا في المنطقة من مجازر ضد الشعوب العربية والاسلامية؟، اين هؤلاء "العلماء” من احتلال امريكا للعراق والناتو لليبيا؟، اين هؤلاء "العلماء” من القواعد العسكرية التي تحمي عروض الانظمة التي يسبحون ليل نهار بحمدها؟، لماذا التدخل الامريكي السافر حلال، بينما التدخل الروسي الذي جاء بطلب من الحكومة الشرعية السورية حرام؟، هل شرعية الرئيس بشار الاسد اقل من شرعية عبدربه منصور هادي المستقيل والهارب والمؤلب العالم كله ضد شعبه واهله؟، لماذا فتاوة هؤلاء تصب دوما في صالح الامريكان والصهيونية العالمية؟، لماذا لم تصدر اي فتوى عن هؤلاء "العلماء” لصالح الشعوب والمقاومة؟، لماذا لا نسمع بفتوى من هؤلاء ضد الصهيونية، وحتى لو صدرت على استحياء بسبب المجازر المروعة ضد غزة، لا نرى هناك من يمتثل لها؟.
ان الحرب المفروضة على سوريا، كانت بسبب تحالف غير مقدس بين الوهابية والصهيونية والرجعية العربية وتركيا وامريكا، وقد تم استخدام كل الاسلحة المحرمة وكل ما في جعبة الوهابية من فتاوى، وتم تجنيد كل العصابات التكفيرية في العالم اجمع، وارسالها الى سوريا، فلم يبق اي خط احمر لم ينتهك من قبل هذا التحالف، ولكن بقي الفشل حليفهم، لسبب بسيط، وهو ان الشعب السوري، اكتشف المؤامرة التي دبرت ضده بليل، ولم يعد بامكان علماء السوء ووعاظ السلاطين، ان يفعلوا اكثر مما فعلوا لحد الان، لذلك لن تجد هذه الفتاوى مكانا لها الا مزبلة التاريخ.
سوريا ليست افغانستان واليوم ليس كالامس، فمثل هذه الفتاوى تعكس حالة الاحباط والفشل الذي اخذ يدب في محور الظلام والتبعية، فلم يعد هناك من يصغي لمثل هذا الهذيان الذي يسمى فتاوى، ففتوى حركة الاخوان المسلمين في سوريا، يبدو انها لم تقنع حتى حلفاء الحركة نفسها، من بين "المعارضة السورية "، فقد اعتبر احد قيادي هذه "المعارضة” من القاهرة، هذا التوجه للحركة سوف يزيد من حجم انقسام المعارضة السورية ولن يوحدها لان العديد من التيارت المعارضة تتصل بموسكو منذ عامين لدعم الحل السياسي في سوريا، مشددا على ان توجه حركة الاخوان المسلمين جاء من الدول التي تتبنى النتظيم مثل قطر وتركيا او ربما من السعودية، لذلك سنكون امام حرب طويلة ومستعرة في سوريا وهذا سوف يؤخر الحل السياسي.
ومن اجل ان نكون اكثر موضوعية ودقة، نقول ان مثل هذه الفتاوى ستكون لها صدى داخل المجتمع السعودي فقط، المنخور بالوهابية، ومن الممكن ان يفرز مثل هذا المجتمع بعض المهووسين كالعادة، ويتم تجنيدهم من قبل هؤلاء "الدعاة” اصحاب الفتاوى الامريكية، وارسالهم الى سوريا، ليكونوا هدفا للصواريخ الروسية، التي لن تخطئهم كما تخطئهم الصواريخ الامريكية عادة ومنذ اعوام، ففي ثلاثة ايام فقط من الغارات الروسية تم قتل من الدواعش والقاعدة، بقدر ما قتلته الغارات الامريكية على مدى 400 يوم، ولن تعصم الدواعش والقاعدة والتكفيريين بعد اليوم، فتاوى الوهابية ورفاقهم من وعاظ السلاطين، من مصيرهم المحتوم وهو الموت المحقق