الصحف الأجنبية: سقوط الأسد تهديد لأمن أميركا...وعجز في نظام آل سعود
هيمن اللقاء الذي عقده الرئيس الاميركي باراك اوباما مع نظيره الروسي فلادمير بوتين على هامش جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك على الصحافة الغربية، اذ حذر صحفيون اميركيون بارزون من التعاون مع بوتين في سوريا، فيما رأى باحثون غربيون آخرون ان هذا التعاون هو السبيل الحقيقي الوحيد لهزيمة "داعش”، الذي بات الهدف الاساس لكل من موسكو وواشنطن.
من جهة اخرى، حذرت صحيفة "الغارديان” البريطانية، من المخاطر التي يواجهها نظام آل سعود جراء مواصلة ارتباط شرعيته بالتيار الوهابي.
سياسة اوباما في سوريا على ضوء الخطوات الروسية الاخيرة
الصحفي الاميركي المعروف ديفيد اغناتيوس، رأى ان كلام الرئيس الاميركي أمام الجمعية العامة للامم المتحدة تضمن اعترافًا بالفشل، وذلك لجهة إخفاق الولايات المتحدة في تنظيم استراتيجية ناجحة للتصدي لداعش، لافتا إلى أن بلاده تنازلت لصالح بوتين عن هذه المهمة لاعطائه الفرصة في تحقيق أي انتصار.
وحسب اغناتيوس، هناك نقطتان بارزتان يمكن استخراجهما من خطاب اوباما: ان الولايات المتحدة ادركت خلال العقد المنصرم انها "لا تستطيع لوحدها فرض الاستقرار في بلدان خارجية”، وان "الولايات المتحدة مستعدة للتعامل مع اي دولة، بمن فيها روسيا وإيران لحل الازمة في سوريا”.
ورأى الكاتب ان بوتين حقق انتصارا لجهة نظرة الدول الاقليمية تجاه ما يجري، محذراً من ان "القوى الاقليمية ستنظر الى الاحداث الاخيرة على انها انسحاب اميركي كامل، على غرار انسحاب بريطانيا المنهكة عام 1971 من قناة السويس”.
الا ان الكاتب اعتبر انه من الخطأ أن ترضخ واشنطن لموسكو، فالتدخل الروسي في سوريا بالتعاون مع ايران، قد يؤجج ما وصفه "بالتمرد السني” اكثر فاكثر، وحذر من تعزيز حالة الفوضى في المنطقة اذا اعتقد فعلاً شركاء اميركا العسكريون – أمثال السعودية ومصر وتركيا و حتى "اسرائيل” – ان واشنطن تتراجع لصالح موسكو.
واقترح الكاتب ان تفرض الولايات المتحدة وحلفاؤها "مناطق آمنة” في شمال وجنوب سوريا، معتبراً ان هذه المناطق الآمنة ستثبت ان الاسد غير قادر على السيطرة على اكثر من نصف الاراضي السورية حتى مع وجود القنابل الروسية، على حد قوله.
كما حثَّ الكاتب الولايات المتحدة لتصعيد المعركة ضد داعش، داعيا إياها إلى زيادة الدعم بشكل طارىء للقوات السورية الكردية والعناصر القبلية السنية المتمركزة شمال الرقة، وخلص إلى أن على بوتين الإدراك بأن الفرصة الحقيقية الوحيدة له بالنجاح هي التسوية الدبلوماسية التي تطلق مرحلة انتقالية نحو سوريا ما بعد الاسد.
بدوره، موقع "ناشيونال انترست” دعا الى التجاوب مع دعوة الرئيس الروسي لانشاء تحالف دولي لمحاربة "داعش”، حيث شددت على الحاجة الملحة لهزيمة العدو المشترك المتمثل بهذا التنظيم، ولفت إلى وجود تطابق في المصالح (بين واشنطن وموسكو) من نواح عدة في محاربة داعش.
وحذر الموقع من ان البديل عن الرئيس السوري في حال سقوطه هو اما داعش او جبهة النصرة، مشيرا الى ان ذلك سيشكل تهديداً اكبر لامن الولايات المتحدة وروسيا مقارنة مع استمرار ما وصفه بأنه "شكل من اشكال الحكم العلوي”، وتوقع نجاح بوتين في هذه المهمة.
وأكد الموقع أن مبادرة بوتين تستوجب الدعم انطلاقا من ثلاث حقائق، وتتمثل الأولى بعدم امكانية هزيمة "داعش” من خلال القوة الجوية وحدها وضرورة القيام بعمليات برية، وتحدث عن رفض الشعب الاميركي ارسال قوات برية وفشل سياسات حلفاء اميركا في إسقاط الاسد.
اما الحقيقة الثانية فتتلخص بأن التهديد الداعشي لمصالح أميركا هو عينه الذي يتهدد روسيا، خاصة في ظل انخراط نحو 1700 مقاتل روسي في صفوف داعش، وهذا ما يفسر التحرك الحاسم لموسكو من اجل الدفاع عن مصالحها مع او من دون موافقة اميركية.
وفيما يتعلق بالحقيقة الثالثة، فانه حتى ولو هزمت اميركا داعش، فان الحرب في سوريا ستستمر في ظل غياب التسوية السياسية، مؤكدة ان الدعم الروسي لصالح الاسد يوفر لبوتين الوسائل لدفعه نحو التسوية.
وفي السياق نفسه، رأت الباحثة الاميركية "إيما آشفورد” في مقال نُشر على موقع معهد "كايتو” إن "جذور الخلاف بين الرئيس الاميركي ونظيره الروسي ليس بالاهداف، فإن كلا البلدين يريدان احتواء واضعاف داعش، وكذلك انهاء النزاع في سوريا والعراق”. وانطلاقاً من ذلك، اعتبرت الكاتبة أن "الخلاف يكمن بالوسائل التي يريد الطرفان استخدامها لتحقيق هذه الاهداف”، موضحة أن "روسيا تريد حماية سيادة نظام الاسد، بينما يصر القادة الاميركيون على رحيل الاخير واستبداله بحكومة تضم ممثلين عن المعارضة السورية”.
وحسب الكاتبة، فـ”على ضوء الاتفاق على الاهداف، من مصلحة كلا الطرفين مواصلة البحث في الملف السوري لرؤية ما اذا كان بالامكان التوصل الى أرضية مشتركة، فالتدخل الروسي في سوريا ليس بالضرورة أمراً سيئاً للولايات المتحدة لأكثر من سبب، من بينها ان التدخل الروسي ضد داعش قد يكون فعالاً أكثر من التدخل الأميركي، وذلك لما للروس من جيش حليف موثوق على الارض”.
وتحدثت الكاتبة عن اعطاء كلا الطرفين اشارات حول وجود مرونة دبلوماسية، مشيرة في هذا الاطار الى دعوة بوتين لانشاء تحالف ضد "داعش” على غرار التحالف الذي هزم الحكم النازي في المانيا، والى عدم دعوة الرئيس اوباما "الاطاحة بنظام الاسد” على الفور، بل دعوته لمرحلة انتقالية من أجل انشاء "حكومة سورية أكثر تمثيلاً”.
وفي الختام، رأت الكاتبة أن "غياب الدبلوماسية مع روسيا غير منتج ولا يحل أيّاً من المشاكل، ورجحت بان يؤدي التعاون الروسي الاميركي الى نتيجة ايجابية أكثر من أي مقاربة أخرى”.
مخاطر الحكم لآل سعود
من ناحية أخرى، نشرت صحيفة "الغارديان” البريطانية مقالاً تحدثت فيه عن "عجز الحكام السعوديين في القيام بالتغيير المطلوب بسبب وجود رجال الدين الوهابيين الذين لديهم نفوذ كبير داخل المجتمع السعودي”، معتبرةً أن "نظام آل سعود تسبب بهذا العجز جراء ربط شرعيته السياسية بالتيار الوهابي”، وحذرت من "مصير هذا النظام في حال عدم فك ارتباطه عن التيار الوهابي”.
ومن هذا المنطلق، تطرقت الصحيفة الى ما قام به "الملك سلمان منذ توليه العرش، لجهة صرف أموال الخزينة السعودية وشن حرب لا يمكن الانتصار فيها على اليمن”، كما لفتت المقالة الى "التغييرات التي أجراها سلمان لجهة التعيينات والمناصب”، مشيرة الى أن "هذه التغييرات إضافة الى الكوارث الأخيرة التي حصلت في مدينة مكة المكرمة” تساعد على تفسير أصوات الاعتراض التي تسمع من داخل نظام آل سعود.
وتحدث المقال في هذا الاطار عن دعوة حفيد مؤسس الدولة السعودية الى رحيل الملك سلمان، والى وجود من يدعمه في هذا الإطار.
وبحسب المقال، فإن كل ذلك يسلط الضوء على مشكلة جوهرية في النظام السعودي، وهي أنه "نظام استبدادي لا يحاسب”. ويرى المقال أن القرارات تصدر من الاعلى دون أن تخضع لدراسة أو نقاش وطني، فضلاً عن قمع نشاط المجتمع المدني.