kayhan.ir

رمز الخبر: 26920
تأريخ النشر : 2015October02 - 20:49

بعد التراجع الأميركي: النهضة التونسية تغيِّر موقفها من النظام السوري

روعة قاسم

انقسم التونسيون مع مشروع الفوضى الأمريكي المسمى "ربيعًا عربيًّا”، شأنهم شأن غالبية الشعوب العربية إلى مؤيد لهذا المشروع، ورافض له تماهيًا مع محور الممانعة في المنطقة. وقد ضمَّ المعسكر المؤيد جلَّ التيارات الدينية سواء كانت إخوانية أو سلفية، ومن ذلك حركة النهضة ذات الجذور الإخوانية وبعض الأحزاب العلمانية على غرار حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يرأسه المنصف المرزوقي، الرئيس المؤقت السابق، فيما ضم المعسكر الثاني أغلب الأحزاب العلمانية سواء كانت ليبرالية أو يسارية وكذا التيارات القومية الناصرية والبعثية على وجه الخصوص وبعض الإسلاميين المستقلين.

وانعكس ذلك على الموقف من سوريا حيث عبَّر الفريق الأول بقيادة حركة النهضة والمرزوقي، ومنذ البداية، عن عدائه للنظام السوري واعتبر ما يحصل في بلاد الشام ثورة شعبية على الرغم من أنهار الدماء التي سالت على يد التكفيريين المدعومين من الحلفاء الخليجيين لهؤلاء، واحتضن هذا الفريق الذي كان يقود البلاد مؤتمرًا تآمريًّا، ادعى ضيوفه أنهم أصدقاء سوريا وذهبوا إلى حد قطع العلاقات مع دمشق، ضاربين عرض الحائط بكل التاريخ والروابط التي تجمع الشعبين الشقيقين، وبالعلاقات المتطورة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا بين البلدين. فيما كان الفريق الثاني يطالب في مظاهراته الهادفة إلى إسقاط حكم النهضة والمرزوقي بإرجاع العلاقات مع سوريا والوقوف معها في مصابها باعتبارها آخر قلاع الممانعة في البلاد العربية حتى أن قائد السبسي وعد في حملته الانتخابية بإرجاع العلاقات مع سوريا بمجرد نجاحه في الوصول إلى كرسي الرئاسة وهو ما حصل لاحقا وإن بخطوات بطيئة، كما يدعو هذا الفريق وإلى اليوم إلى محاكمة الأئمة المحسوبين على التيارات السياسية الدينية الذين حرضوا الشباب التونسي على القتال في سوريا من خلال فتاوى تعتبر تدمير دولة شقيقة جهادا في سبيل الله.

تونس وسوريا

طي صفحة الماضي

ومع حفاظ الفريق الثاني على مواقفه المساندة لسوريا ونظامها منذ البداية، بدا وكأن الفريق الأول قد بدأ تدريجيا بتغيير مواقفه تماشيا مع ما يحصل على المستويين الإقليمي والدولي. فقد فاجأ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الجميع بإعلانه بأن الأسد ليس عدوا بعد أن نعته في وقت سابق بـ”السفاح” وأنه يدعو إلى عقد مؤتمر عربي للمصالحة يحضره الأسد وذلك لتجاوز الخلافات وطي صفحة الماضي.

كما تنصل صهر الغنوشي، وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام من قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق حين كان وزيرا للخارجية وحمل مسؤولية ذلك لرئيس الجمهورية المؤقت السابق المنصف المرزوقي. وأكد في حوار لصحيفة محلية بأن ما أطلق عليه "مؤتمر أصدقاء سوريا” رفضت خلاله تونس تدخل القوى الأجنبية عسكريا في سوريا وهو ما أثار حفيظة وفد دولة خليجية عبرت لاحقا عن غضبها من الموقف التونسي.

واقعية سياسية

ويفسر البعض هذا التغير المفاجئ في موقف قيادات حركة النهضة بالتبعية إلى جهات خليجية غيرت بدورها موقفها تناغما مع الغرب، باعتبارها وكيلا له في تنفيذ مشروع الفوضى في المنطقة. كما يفسره البعض الآخر بواقعية الحركة في التعامل مع الأحداث الإقليمية والدولية وهو ما ميزها طيلة السنوات الماضية عن بقية الحركات الإخوانية في مختلف بلدان العالم الإسلامي وجعلها تحافظ على تموقعها في الحكم رغم الهزات التي عرفتها الساحة السياسية التونسية.

ويبدو التفسيران قريبين من الواقع باعتبار أن الحركة عرفت بتماهي مواقفها مع هذه الأطراف الخليجية وببراغماتيتها وتقديمها لتنازلات جنبت تونس الفوضى والحرب الأهلية التي عرفتها دول عربية أخرى شملها ما يسمى "الربيع العربي”.