وسائل الاعلام غربية وعربية: سوء إدارة السلطات السعودية للحج وراء فاجعة منى
* تجاهل ورفض السلطات السعودية إجراء تحقيق في كارثة منى لأنها تدرك تقصيرها في ذلك
* تحميل الحجاج مسؤولية ما حدث في منى يؤكد سوء إدارة المعنيين والسعي لإخفاء دورهم في وقوع الكارثة
كيهان العربي - خاص:- أجمع الحجاج الجزائريون العئدون من الديار المقدسة وهم يحملون عبء النكبة والمآسي والفجاعة التي ألمت بالحجيج هذا العام راح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف شهيد وجريح ومفقود حتى الآن بسبب عرقلة مسيرة حشود الحجيج نحو الجمرات في اليوم الاول من عيد الأضحى المبارك لمرور موكب ولي ولي العهد محمد بن سلمان، أجمع الحجاج الجزائريون الذين وصلوا أمس الاربعاء مطار "هواري بومدين" الدولي بالعاصمة الجزائرية، معظمهم على "رعب المشهد الذي رأوه" في منى بمكة المكرمة، مشيرين الى أن "مخيم البعثة الجزائرية كان بالقرب من الطريق التي حدثت بها الكارثة".
وبحسب الحجاج العائدين، فإنه "رغم إيمانهم بالقضاء والقدر، فإن سوء التنظيم كان وراء التقاء أفواج الحجيج من اتجاهات متعاكسة ما أدى الى التدافع".
وقال الحجاج إن ما آلمهم كثيرا "منظر جثث الحجاج فوق بعضها البعض وإلى وقت متأخر من مساء يوم الحادث، ثم رؤية الجرافات وهي ترفع الجثث".
وبعد مضي عدة أيام على هذه الحادثة الأليمة ما تزال الحكومة السعودية تواصل إخفاءها حقيقة ما جرى في منى ذلك اليوم، وترفض الكشف عن ملابسات هذه الحادثة التي هزت وجدان شعوب العالم أجمع، وعن العدد الحقيقي لضحايا هذه الفاجعة الكبرى الذي من شأنه تسكين آلام ذوي الضحايا والمفقودين في هذه الفاجعة. فيما الأصوات الداعية لإنتزاع إدارة الحرمين الشريفين من يد آل سعود آخذة بالتصاعد اسلامياً ودولياً لسوء إدارتهم وعدم كفايتهم.
هذه الحقائق لم تتمكن من إخفائها حتى وسائل الاعلام الغربية التي تبيع على الدوام اقلامها وضمائرها للبترودولار السعودي، حيث لم يستطع المال السعودي هذه المرة من إسكاتها وحرفها عن مسارها، حيث بادرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية الى توجيه أصابع الاتهام واللوم للحكومة السعودية وقالت في مقال لها: إن السلطات السعودية تتجاهل إجراء تحقيق في كارثة مشعر مني لأنها تدرك تقصيرها في ذلك، على الرغم من محاولتها إلقاء المسؤولية على عاتق الحجاج الذين تتهمهم بعدم الإنضباط.
وأرجعت وسائل الإعلام الإيطالية ما حدث في منى في عيد الأضحي هذا العام لقلة تدبير الحكومة السعودية وعدم تحملها مسؤولياتها. حيث خصصت معظم القنوات التلفزيونية والإذاعية الإيطالية سواء الحكومية منها أو الخاصة جزءاً من أخبارها لتغطية هذه الفاجعة وعرض مشاهد مما حدث ذلك اليوم.
بدورها حملت وسائل الإعلام الفرنسية الحكومة السعودية مسؤولية فاجعة منى واتهمتها بعدم الإدارة الصحيحة لمناسك الحج وقامت القنوات التلفزيونية الفرنسية ببث مشاهد لهذه الحادثة وتخصيص جزء من برامجها الحوارية والتحليلية لمناقشة وتحليل هذه الفاجعة وأسباب حدوثها.
واعتبرت القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني حادثة منى أنها الحادثة الأسوأ التي يشهدها موسم الحج خلال الخمس وعشرين سنة الأخيرة، فيما انتقد البروفسور كيت ستيل المتخصص في علم نفس الجماعات الكبيرة في جامعة متروبوليتان مانشستر ادعاء وزير الصحة السعودي بان الحجاج هم سبب وقوع هذه الفاجعة وقال: لا أحد يستطيع وصف حجم تعجبي من تصريحات خالد الفالح وزير الصحة السعودي والتي حمَّل خلالها الناس مسؤولية ما حدث في منى وذلك لأنه من المسلَّم به أن سوء الإدارة هو ما تسبب بوقوع هذه الكارثة.
وفي تصريح للتلفزيون البريطاني قال جون رودي أستاذ علم النفس في جامعة ساسكس البريطانية: في جميع الحوادث التي يصاب خلالها مجموعة كبيرة من الناس تكمن المشكلة في سوء إدارة هذه المراسم، وإلقاء اللوم على الناس ما هو إلا التهرب من المسؤولية وإلقاء التقصير على عاتق الآخرين.
كما انتقدت وسائل الإعلام البريطانية تصريحات خالد الفيصل أمير مكة المكرمة والتي حمل خلالها الحجاج الأفارقة مسؤولية ما حدث في منى واعتبرتها تصريحات عنصرية.
في هذا الاطار انتقد الكتاب والصحفيون الجزائريون احتكار العائلة السعودية المالكة للبقاع المقدسة التي تعتبر - حسبهم- 'وقفا على الأمة الإسلامية جمعاء'، للدعاية لنفسها، وتخصيص أروقة للملوك والأمراء دون سائر المسلمين.
واعتبر الكاتب الجزائري 'إسماعيل القاسمي الحسني' أن تصريحات المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية 'منصور تركي' أن مرور موكب شخصية هامة لا علاقة له بكارثة تدافع منى لأن مثل هذه المواكب لها طرقاتها'، دليل إدانة إدارة تنظيم الحج السعودية، وليس تبرئة.
واستحضر الكاتب في مقاله الذي عنونه 'كنت شاهدا في منى… حج VIP قتل ضيوف الرحمن مرتين'، حين حج في 2006، وشاهد بأم عينه كيف تسبب 'غلق جسر الجمرات في اليوم الثاني من أيام التشريق لتمكين أحد الملوك العرب من رمي الجمرات في تدافع أدى الى مقتل أكثر من 300 حاج'.
وتحت عنوان 'كانوا يتدافعون' كتب الدكتور مخلوف عامر' مقالا في الموقع الإلكتروني نفسه اعتبر فيه أن القول بأن تدافع الحجاج هو سبب الكارثة 'يعني مبدئيا تنصل حكام آل سعود من مسؤولياتهم، رغم أنهم هللوا كثيرا لموسم الحج هذا العام، وبشروا المؤمنين بأنه سيكون أفضل تنظيما وأكثر أمانا'، معتبرا أن 'هذا مفهوم بسبب تورُّطهم في اليمن وفي سوريا قبلها وخوفهم من عمليات إرهابية محتملة'.
وأضاف الدكتور مخلوف عامر أن القول بأن الحجاج يتدافعون 'يخفي في طياته شتيمة لهؤلاء الحجاج. فهم يحكمون عليهم بأنهم همج أو حيوانات أو أنهم- في أقل تقدير- نوعٌ من البشر لا سبيل الى تنظيمهم'.
أما الكاتب الصحفي 'سعد بوعقبة'، فكتب في صحيفة 'الخبر' الجزائرية غير الحكومية يقول: إن 'السعودية لم تفعل شيئا لتطوير مرافق الحج، ولكن العالم الإسلامي لم يفعل شيئا أيضا نحو حكام السعودية لإجبارهم على فعل ذلك'.
وأضاف سعد بوعقبة أن 'هذا البلد الذي يجمع من العالم الإسلامي سنويا ما يعادل 14 مليار دولار لم ينجز ما يستحق الحديث لتوفير راحة الحجاج في منى'، مستطردا أن 'الأسوأ من هذا أن الأمراء السعوديين عندما يحجون ويذهبون مع ضيوفهم الكبار لرمي الشيطان يقتطعون جزءا من المكان لمرور (V.I.P) لرمي الشيطان، ويحدث التدافع ويحدث الموت'.