الصحف الأجنبية: عرش آل سعود في خطر... ولحل دبلوماسي في سوريا
اعتبر صحفيون اميركيون بارزون أن ما يحصل مؤخراً على صعيد المنطقة يفيد بأن الرئيس الاميركي باراك اوباما وافق على تسليم ملفات المنطقة لايران وروسيا، فيما دعا مسؤولون سابقون في ادارة أوباما الى تأجيل البحث في مسألة مصير الاسد حتى وقف النزاع في سوريا.
من جهة اخرى، حذر باحث اميركي معروف من ان ما حصل مؤخراً في مراسم الحج يضع علامات استفهام على شرعية نظام آل سعود كخادم للحرمين الشريفين، فيما سلطت صحف اميركية الضوء على سقوط مدينة قندوز الافغانية بايدي حركة طالبان، ملمحة الى ان ذلك يشكل فشلا للقوات التي تدعمها واشنطن.
سياسات اوباما في المنطقة
رئيس تحرير مجلة "فورين بوليسي”، "ديفيد روثكوف”، علق على تصريحات الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني التي أدلى بها امام عدد من الصحفيين في نيويورك، والتي كشف فيها (وفقاً للكاتب) ان الرئيس الروسي فلادمير بوتين قد اخبره بانه كان قد اطلع الرئيس الاميركي باراك اوباما على خططه التي تقضي بتعزيز التواجد العسكري الروسي في سوريا قبيل التطورات الاخيرة التي حصلت بهذا الصدد.
وتطرق الكاتب إلى اعلان الحكومة العراقية عن التعاون الاستخباراتي مع روسيا وايران وسوريا، ووضع ذلك كله في سياق خطة كبرى من قبل الرئيس الاميركي الذي يسعى إلى منع تورط قواته في المنطقة ورغبته في تحمل جميع الاطراف مسؤولياتهم وقد نجح في ذلك، ولفت إلى الجهوزية التامة لكل من روسيا وايران في الانخراط بالمعركة السورية، مستشهداً بكلام مسؤول اسرائيلي وترجيحه بأن تكون طهران قد ارسلت نحو 1500 جندي الى سوريا خلال الايام الماضية.
من هنا، يستنتج الكاتب بأن الرئيس الاميركي ومستشاريه كانوا يدركون بان الاطراف المرجحة لتحقيق امنياتهم بشأن التصدي لداعش هي اطراف التحالف المكون من روسيا وايران وسوريا والعراق.
من جهته، اعتبر منسق سياسة الشرق الاوسط في البيت الابيض السابق فيليب غوردن ان الانتشار العسكري الروسي في سوريا يدل على ان التقارير التي تتحدث عن انهيار نظام الاسد "ستكون خاطئة على الارجح مجدداً”. وقال في مقالة له نشرت في مجلة "بوليتيكو” ان روسيا وايران "لن تسمحا بسقوط النظام (في سوريا) قبل ان يعتقدوا ان من سيحل مكانه لن يهدد مصالحهما الحيوية”.
وشدد الكاتب على ضرورة اعادة النظر في بعض المسائل المتعلقة بالازمة السورية على ضوء ازمة اللاجئين وتصعيد الدور الروسي، داعياً الى عملية دبلوماسية تجمع كافة الاطراف الخارجية على الطاولة من اجل الاتفاق على تسوية لوقف التصعيد، حتى وان كان يعني ذلك تأجيل مسألة مصير الاسد.
الكاتب، الذي تنحى عن منصبه في شهر نيسان/ ابريل الماضي، اعتبر ان المشكلة الأساس بالسياسة الاميركية في سوريا منذ بدء الازمة هي عدم تطابق الاهداف مع الوسائل؛ موضحاً ان هدف اسقاط نظام الاسد اثبت انه غير قابل للتحقيق عبر الوسائل التي كان الغرب مستعدًا لاستخدامها لتحقيق هذا الغرض. وبحسب الكاتب، لدى الغرب خياران لمعالجة هذه المشكلة: اما تعزيز الوسائل مهما كانت التكاليف والعواقب، او تعديل الاهداف.
وذكّر الكاتب بتجربته في البيت الابيض وفشل خطة تقديم المساعدة العسكرية لما يسمى "المعارضة السورية المعتدلة” خلال فترة وجوده هناك، معتبراً ان الاستعانة بمعارضة تسيطر عليها جماعات مثل داعش والنصرة من اجل هزيمة الاسد مهما كانت الاثمان يعني فقدان رؤية مصالح واهداف الغرب، معتبراً ان هذا النهج "سيؤدي في احسن الاحوال الى تكرار تجربة افغانستان التي اعطتنا طالبان والقاعدة، وفي النهاية احداث الحادي عشر من ايلول”.
الكاتب رأى ان البديل هو تعديل الاهداف، وذلك بناء على الادراك بان وقف النزاع في هذه المرحلة بات مصلحة اميركية ودولية اهم بكثير من اي شيء آخر، مضيفاً ان فرص السلام في سوريا خلال المستقبل المنظور من خلال انتصار عسكري للمعارضة السورية باتت شبه معدومة. كما اعتبر ان وقف النزاع سيتطلب من جميع القوى الاقليمية مثل روسيا وايران والسعودية وقطر وتركيا ودولة الامارات والولايات المتحدة ان تقبل بعدم امكانية تحقيق اهدافهم القصوى.
وقال الكاتب "انه وبدلاً من الاصرار على مغادرة الاسد السلطة على الفور كشرط مسبق لأية تسوية، يمكن لمجموعة اتصالات تقودها الولايات المتحدة ان تبحث في خطوات كوقف لاطلاق النار في مناطق معنية واجراءات لامركزية، تقوي السلطات المحلية وتخرج النظام من بعض المناطق في البلاد، اضافة الى وقف الهجمات الجوية من قبل النظام مقابل وقف الهجمات من قبل المعارضة، وانتخابات في النهاية يمكن للاسد ان يترشح او لا يتشرح فيها”.
ورأى الكاتب ان قبول روسيا وايران بذلك يعني باننا لم نعد نطلب منهما القبول الفوري بانتصار كامل لخصومهما، وانما بخطوات ستساهم بتحقيق هدف الغرب الاساس الذي هو وقف الحرب، وفي الوقت نفسه الحفاظ على مصالحهما التي هي عدم سيطرة المتطرفين والاحتفاظ ببعض النفوذ بالبلاد. كما دعا الى النظر في المبادرة التي قدمتها ايران لحل الازمة في سوريا، والتي تشمل وقفا لاطلاق النار والاصلاحات الدستورية واجراء الانتخابات.
ازمة الشرعية السعودية على ضوء مأساة مراسم الحج
من جهة ثانية، رأى الكاتب الاميركي المعروف "بروس ريدل” في مقالة له، نشرت على موقع معهد "بروكنغز”، ان المأساة التي حصلت في مراسم الحج تشكل تحدياً لهيبة الملك سلمان. وقال الكاتب ان "وقوع هذه المأساة، في اعقاب حادثة سقوط الرافعة، يطرح تساؤلات عما اذا كان آل سعود يتحملون مسؤولياتهم ويقومون بواجباتهم بالشكل المطلوب لخادم الحرمين الشريفين”.
وحسب الكاتب، فان هذه المأساة تضرب شرعية العائلة الملكية السعودية في الصميم، حيث ان ضمان سلامة الحجاج هي المسؤولية المركزية لدى الحكام في مكة والمدينة، مرجحا بأن تؤثر هذه المأساة الانسانية على السياسات الداخلية المعقدة في العائلة الملكية، حيث ان حاكم مكة هو الامير خالد بن فيصل، نجل الملك السابق الذي يتولى المسؤولية الادارية عن الحج. بينما ولي العهد محمد بن نايف ايضاً يتحمل مسؤولية في مراسم الحج كوزير للداخلية.
سيطرة "طالبان” على مدينة قندوز في افغانستان
في سياق منفصل، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز”، تقريرا حول سقوط مدينة قندوز الافغانية بايدي "حركة طالبان”، فاعتبرت ان هذا التطور قد اعطى "طالبان” جائزة عسكرية وسياسية تتمثل بالاستيلاء على مدينة افغانية كبرى، و هو ما لم تتمكن من تحقيقه منذ عام 2001.
وتوقعت الصحيفة بأن يهيمن هذا الملف على الشهادة التي سيدلي بها بعد أسبوع أمام الكونغرس قائد القوات الاميركية في افغانستان، جون كامبل، معتبرة ان هذا التطور جاء نتيجة انهيار القوات الامنية الافغانية التي دربتها الغرب، اكثر مما هو جراء هجوم كبير شنته "طالبان”، ورأت ان سقوط قندوز، شكل تحدياً مباشرا لضمانات المسؤولين الاميركيين والافغان بان قوات الامن قادرة على الامساك بأهم مدن البلاد.
صحيفة "واشنطن بوست” نقلت من جانبها عن وكالة "اسوشييتد بريس”، بأن الجيش الاميركي أعلن شن غارة جوية على مدينة قندوز شمال افغانستان بعد ان استولى عليها عناصر حركة "طالبان”. وفي تقرير مختصر لفتت الصحيفة الى تصريح للمتحدث باسم القوات الاميركية وحلف الاطلسي في افغانستان، قال فيه ان الغارة الجوية نفذت "من اجل القضاء على التهديد الذي يطال القوات”.
كما نقل التقرير عن متحدث باسم الشرطة الافغانية في المنطقة ان القوات الافغانية بدأت عملية على جبهات عدة محطية بقندوز من اجل محاولة استعادة المدينة، مشيرة إلى ان قندوز هي المدينة الاولى التي تسيطر عليها حركة "طالبان” منذ ان اطيح بحكمها اثر الاجتياح الاميركي عام 2001.