الصحافية السعودية البارزة نداء آل سيف تنتقد .. وتخاطب وزارة الحج في بلادها : تعلّموا من خَدَمَة الحسين في كربلاء !
انتقدت الصحافية و الكاتبة السعودية البارزة "نداء آل سيف" التعسف الذي تبديه السلطات الحاكمة في المملكة السعودية ازاء الحجيج ، و طالبت وزارة الحج في بلادها مقارنة اعمالها بما يجري خلال المسيرة الاربعينية المليونية في كربلاء المقدسة ، و كتبت تقول : آن الأوان أن يسحب خَدَمَة زوار الإمام الحسين في كربلاء ، البساط من تحت أقدام حاتم الطائي وغيره ممن اشتهروا بالكرم عبر التاريخ .
و اضافت هذه الكاتبة السعودية تقول : لطالما كان أسم حاتم الطائي مقرونا بالكرم والجود والعطاء بلا حدود .. بيد أن بوصلة التاريخ لابد أن تتغير اليوم ، و الأمثال لابد لها أن تتحول . فعطاء حاتم يتواري أمام عطاء أهالي العراق لزوار الأربعين. لقد شاهد العالم بأسره ، شلالا بشريا جاء من مختلف البقاع و المدن ومن جميع المذاهب والانتماءات والتوجهات ، في زحف مليوني قل نظيره على طريق ”المشاية" كما يطلق عليه ، بين مدينة النجف الأشرف الى مدينة كربلاء المقدسة بالعراق ، إيمانا منهم بأن الحسين للإنسانية كافة ، لا للمسلمين الشيعة فقط .
واردفت هذه الكاتبة العربية : وخلال هذه المسيرة المليونية التي تستغرق العشرة أيام التي تسبق مناسبة أربعين الإمام الحسين ، يصاب المرء خلالها بالعجب والذهول فعلا ، من عمق العطاء والكرم ، الذي هو أشبه بما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر ، والذي لا يمكن وصفه ولا الحديث عنه إلا أن تكون ممن نال شرف المشي للحسين على الأقدام . عندها حقا ستدرك مكانة وعظمة الحسين في قلوب هؤلاء الناس، وستعرف تفسير الزوار في نعتهم لكربلاء بالجنة .
و قالت آل سيف : ما دفعني لكتابة هذه السطور في الحقيقة ، هي صدمة المقارنة ، بين الكرم والسخاء اللامتناهي الذي يلقاه زائرو كربلاء ماديا ونفسيا ، وبين ما يجري في بلادنا السعودية من جفاء لحجاج بيت الله الحرام . فقد حظيت خلال العشر سنوات الماضية بخدمة الحجاج في أكثر من حملة للحجيج ، إلا أنه وعلى النقيض من كل الخدمات المجانية التي يلقاها الزائر الماشي على قدميه بين النجف وكربلاء على مدي ثلاثة أيام أو أكثر والتي تبدأ من الغذاء والسكن والخدمات الصحية ، ولا تنتهي بخدمة تدليك الأقدام وتلميع الأحذية ، لم أجد في مكة المكرمة أكثر من علبة ماء تلقيتها ذات مرة على طريق مني!.
و تابعت آل سيف : الفرق شاسع ولا مجال أصلا للمقارنة ، بين ما يلقاه زائرو كربلاء وزائرو مكة . في الأولي يستجديك الناس طمعا بالتشرف في خدمتك مجانا، أما الثانية فما عليك إلا أن تحمد ربك كي لا تضطر للاستجداء نتيجة الأسعار المتصاعدة صاروخيا عاما بعد عام في السكن والغذاء والنقل.
و استطردت كلامها قائلة : على طريق ”المشاية"، ورغم أنك تسير في طرقات دولة تحولت الى مصاف الدول الفقيرة نتيجة الحرب ، إلا أن رأسك سيصاب بالدوار بمجرد التفكير في عقد مقارنة بينها وبين دولتي العربية السعودية المتقدمة والغنية التي يفدها ملايين الحجاج. ففي عرصات مكة المكرمة وحينما تتعب من السير وأنت متوجه الى أرض مني مثلا ، فلا بديل أمامك إلا أن تجبر نفسك جبرا على مواصلة المسير حتي لو هلكت، كماحدث و يحدث كل عام بينما - وكأبسط خدمة متوفرة على طريق المشاية - فالطريق يعج بمئات المخيمات المجانية والمواكب والتي تتسابق لاستقبال الزائر وتقدم له خدمات الراحة والنوم والغذاء وحتي خدمات التدليك والمساج الطبيعي لمن أعياهم المشي .
و اضافت ايضا : في طريق المشاية، لست بحاجة الى التنقل بأمتعتك وحاجاتك الاساسية ، فهناك تتوفر كل الخدمات، بل وتصل الى الكماليات في أحيان كثيرة. فعلاوة على المضايف المختصة بتوزيع صنوف الأطعمة والمشروبات الساخنة والباردة طوال المسيرة التي قد تمتد لأكثر من ثلاثة أيام عند بعض كبار السن والمرضي . وعلي مدار ال24 ساعة، هناك مواكب ومضايف تقدم لك خدمات الشحن للهواتف النقالة مجانا وتمنح الزائر خدمة الاتصال المجاني بعائلته في أي بقعة من العالم ، و في ذات الطريق فأن أبسط وأصعب الحاجات ستجد لها أهالي سخروا أنفسهم وأرواحهم وأموالهم وخبراتهم لهذه الخدمة ومن كل بقاع العراق، فهذا الطبيب والاستشاري يقف أمام المفرزة الطبية، التي تقدم خدمات العلاج وتوزيع الأدوية، وذاك الميكانيكي بسط أدواته لتصليح عجلات العربات التي يمتطيها الأطفال الصغار، وعلي الوجهة الثانية ترى من جهز طاولته بمختلف أنواع الكتب والمطويات إيمانا بأن رسالة الحسين شاملة في كل جوانبها، وتري رجال الدين قد نصبوا خيامهم لتقديم الاستشارات والرد على الاستفتاءات الدينية لدي الزوار وتصحيح قراءة السور ولا تتوقف الخدمات على هذا الجانب، ففي طريق المشاية لا تشعر «بورطة» لو اتسخت ملابسك لأي سبب كان، فهناك من يقف مجهزا غسالات الملابس والكي وخياطتها منتظرا للزائر لخدمته!.
و قالت ال سيف : في الزحف المليوني نحو كربلاء رغم الصقيع و البرد القارص والأمطار لست بحاجة الى عمال النظافة، ولا الى البلديات، والسبب يعود أن جميع أهالي العراق ، الغني منهم و الفقير و المتعلم و الأمي تراهم في طريق المشاية يحملون مكنستهم بكل تواضع خدمة للزوار وإيمانا برسالة الحسين .
و تابعت : في طريق المشاية ، كنت أود لو أن أحدا من وزارة الحج السعودية في بلادنا، حضر هذه التظاهرة العالمية السلمية ضد التطرف وضد العنف، حتي يشاهد العطاء الخيالي ويستلهم دروسا في الضيافة والكرم من الأهالي البسطاء الذين لا يتوانون ولو للحظة في تقديم كل ما يمكنهم لأجل الزوار، دون النظر الى قيمته وحجمه. ولك أن تتصور أن هناك من يقف في وسط الطريق فقط ليقدم لك المناديل أو يرش عليك الطيب والعطر بقوله «تعطر يا زائر أنت في الجنة» ، إضافة الى من يقف ويساعد بكلماته القريبة للقلب في التشجيع على المشي والتذكير بالثواب، والأمر ذاته حينما دخلت أحد المخيمات للاستراحة والتي تستقبلك بها السيدات والفتيات اللواتي وهبن أوقاتهن لخدمة الزائرات أسوة بالرجال، تساءلت لماذا في الحج شركات المخيمات تستغل الحاج وتطلب منه تلك الالاف لأجل مكوث في الخيمة محدود الساعات، بينما في حج الحسين فالخيام متاحة ومجانا بالوقت الذي يرغب به الزائر، فأي عطاء هذا وأي مفردات أصف بها هذا الحب ؟.
و قبل ان تنتهي مقالها قالت اي سيف : أسئلة كثيرة دارت بداخلي وتمنيت لو يجيبني عليها أحدا، ألسنا أولي بهذا الخدمات ونحن أغني من العراق بأضعاف مضاعفة؟ أليس الحج هو الفريضة التي أوجبها الله على المسلمين، فكان من الأجدي بنا أن نتفاني في خدمة الحجاج. وكمواطنة، أنتمي لبلاد الحرمين أتمني فعلا أن يكون هناك مشاركة مجتمعية من الأهالي والحكومة في خدمة الحجاج وأن تتاح الفرصة لتقديم العطاء لهم، عساها تكون خير فرصة لتغير صورتنا التي بدأت تتلوث بسواد العنف والتعصب والمجازر التي تتكرر كل عام .
واختتمت ال سيف خطابها قائلة : بعد رحلتي على طريق المشاية بين النجف وكربلاء ، لا أتردد في القول مرة أخري لحاتم الطائي، بأن لا مكان لك اليوم أمام ما رأيناه على طريق ”المشاية"، من عطاء وكرم وأخلاق العراقيين خَدَمَة زوار الإمام الحسين ، فقد فاقوا كرمك بما لا يحويه الوصف .