الحج ، عاصفة الموت السعودية .
أحمد الحباسى
اغتال نظام المافيا السعودي بدم بارد ما يزيد عن الألف حاج من حجاج بيت الله و ليس من حجاج السعودية كما يظن البعض ، و رغم محاولة كل وسائل الإعلام السعودية التعتيم قدر المستطاع عن الجريمة و الزعم بمسؤولية الشهداء في هذا الحادث الأليم و الشنيع في ذات الوقت ، فقد كشف العالم الإسلامي حصرا وحشية هذا النظام الصهيوني الآثم و مدى استهانته بمشاعر و أرواح المسلمين ، بحيث تبين أن المليارات الخيالية التي يقبضها هذا النظام سنويا من ملايين الحجاج قد ذهبت إلى خزائن البنوك السويسرية و غيرها دون أن يكلف النظام نفسه عناء تحسين البنية التحتية و السعي لضمان أمن و سلامة الحجاج ، و هو موقف ليس غريبا على نظام متوحش فقد الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية ليدفع ملايين المسلمين في العالم للمطالبة بإعفائه من هذه " المهمة” و تكليف لجنة إسلامية مكونة من كل الدول الإسلامية للإشراف على كل ما له علاقة بالحج .
"أرض الحرم ليست حكرا على آل سعود و لا دولتهم و هي ملك للمسلمين”، …هكذا يوجز الشيخ طارق يوسف ، إمام مسجد أولى الألباب في نيويورك ، موقف الشعوب العربية ، و يضيف ، "إن السعودية قد أثبتت فشلها في تسيير مواسم الحج عدة مرات متتالية ، و أشغال التوسعة هي مجرد خدعة للتغطية على فضائح النظام ، و لذلك يجب أن يتم تسيير موسم الحج من قبل هيئة مستقلة " … هذه هي العناوين الكبرى للفشل السعودي ، و لكن من الثابت أن النظام السعودي قد أظهر فشلا ذريعا في التعامل و سرعة التحرك و القدرة على ضبط الأمور بحيث لا تعرف الدول الإسلامية إلى اليوم الحصيلة النهائية للشهداء ، مما يؤكد الفرضية القائلة بأن النظام قد نقل قواته المدربة و ذات الخبرة للقيام بعاصفة الحزم ضد اليمن مما تسبب في عاصفة الموت في السعودية ، هذا ما يؤكده بعض الحجاج الجزائريون الناجون من هذه المحرقة بأن السبب الرئيسي هو عدم تنظيم حركة مرور الحجاج القادمين من منى و الذاهبين إليها و إغلاق الممرات مما أدى إلى تداخل الحجاج و وقوع الكارثة ، كارثة يؤكد المغرد السعودي "مجتهد” أنها تجاوزت الألف شهيد .
مواقف النظام الدموي التي جاءت بعد المجزرة و من هرم السلطة بالذات أكدت للمتابعين و لعموم الشعوب العربية الحزينة عدم قدرته على التعامل مع الأحداث بشكل مدروس و أثبتت أن الفشل الذهني هو الذي يقود المملكة سواء في سوريا أو اليمن أو مصر أو في السعودية ذاتها ، و لعل أول من كشف هذا السقوط الذهني الذي يعانى منه الملك هو الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل ، يضاف إليه أن تعاطي النظام بفريضة الحج على أساس الإبعاد السياسية بحرمان بعض الدول بعينها مثل اليمن و سوريا و العراق من حقها في الحج يعطى الانطباع بعدم رشد الملك سلمان و هشاشة نظامه الفاسد و يعطى الحق للأصوات المنادية برفع يده عن موسم الحج و عن إدارة هذه المناسبة الإسلامية الجامعة ، لكن من المهم التنبيه أن الأنظمة العربية العميلة الدائرة في الفلك السعودي لا تجرؤ على انتقاد هذا النظام سواء في هذه المجزرة أو في مجازر اليمن و سوريا و العراق و مصر ، بحيث تبقى مواجهة هذا النظام صعبة للغاية في ظل التحالفات المشبوهة و المصالح المتداخلة بين الأنظمة العربية و نظام المافيا السعودي ، و لعل تصريح رئيس تركيا العميل حول نفى مسؤولية النظام عن المجزرة اكبر دليل على هذا التداخل المصلحى على حساب أرواح الملايين من شهداء الحج.
لن يلجأ النظام الدموي السعودي إلى لغة العقل ليطرح على الشعوب العربية بدائل منطقية و لن يدعو الدول العربية إلى طرح مبادرات لفض هذا الإشكال ، فهو يدرك أن "تدويل” ملف الحج بيد منظمة لا تدور في الفلك السعودي أمر غير مقبول لأنه سيرفع عن النظام نهائيا الواقي الديني الذي يلتحف به في كل المناسبات و يحرمه من مليارات الدولار التي يضيفها لمليارات النفط ليمارس بواسطتها سطوته الدموية في العراق و سوريا و بقية الدول العربية ، فضلا عن كون " زيارة” الحجاج الموسمية من شأنها أن تشعر هذا النظام الدموي و لو للحظات ب”شعبيته” خاصة في ظل حالة الكراهية التي تحملها صدور الشعوب العربية لهذا النظام العميل الذي يؤدى دور تفتيت الدول العربية و تقسيمها لصالح اللوبي الصهيوني ، و لعل هذا التدافع لم يكن لتأدية مناسك الحج فحسب بل هو حالة من التعبير العربية المباشرة عن كراهية هذا الشيطان السعودي الذي يستحق رمى الجمرات بتلك الكمية و بذلك الاندفاع و الإصرار الساخط .
لعل حالة التخبط في مواقف المملكة ليست جديدة ، فقد سبق للمملكة أن ارتكبت جرائم مروعة في حق الحجاج الإيرانيين بالذات و لم يجد وزير الداخلية الأمير نايف في تلك الفترة حرجا من الادعاء بكون الحجاج قد قتلوا أنفسهم بأنفسهم – هكذا – ، الأمر نفسه قد تم مع حجاج ليبيا و مصر و اليمن و سوريا و العراق و تونس في أوقات متفرقة بما يعكس الصورة بكون النظام قد "اختلس” الحج ليصنع منه قنبلة انشطارية تؤذى الحجاج و تفرق المسلمين و تقسم مواقفهم ، و لعل الجميع يدركون اليوم لماذا يقف النظام مع إسرائيل في موقفها الرافض لإرجاع القدس الشريف للفلسطينيين و ذلك حتى يتجنب " هروب” الحجاج إلى بيت المقدس و انحسار مداخيل الحج التي يخصصها لقتل الشعوب العربية و افتعال الفتن فيها ، أيضا ، يجب أن نتذكر اليوم تلك العبارة المختزلة الشهيرة التي كتبها مواطنون مصريون على جدران السفارة السعودية في القاهرة يوم 28 نيسان 2012 …” كأن الكعبة الشريفة صارت بتاعة أمهم " ، نعم ، الكعبة الشريفة صارت بتاعة أمهم ، فمتى نتحرك ؟ …