التصدي للارهاب فرض التناغم الدولي
واخيرا نزل السلطان بن السلطان طيب رجب اردوغان الرئيس التركي من برجه العاجي وقبل ببقاء الرئيس الاسد وكانه للتو فوضه الشعب السوري في هذا الامر. والجميع يتذكر ان الرجل كان اشد المعاندين لبقاء الرئيس الاسد بل واشد المتحمسين لرحيله وكاد ان يقسم بانه سيصلي في المسجد الاموي بدمشق واذا به فجأة ومن دون مقدمة نسف كل ما قاله في الماضي. وكأن الوصفة السحرية للرئيس بوتين حولت مزاجه ليلتحق بنادي المتراجعين عن مواقفهم تجاه الرئيس الاسد والتي شنتها واشنطن عبر تصريحات الوزير جون كيري. لكن الظريف في الامر ان الرئيس بوتين لم يخيب آمال اردوغان اذ استغل وجوده في موسكو ليصحبه لافتتاح مسجد في موسكو عسى ان يحقق بعض ما تمناه في الصلاة بالمسجد الاموي بدمشق.
انطلاق قطار التراجع الذي نعتبره مذلا ومخزيا لانه لا يترافق مع اعتراف بالذنب والخطيئة، كشف حقيقة هامة بعيدة عن اذهان الناس والتي يعلمها الراي العام الاسلامي والعالمي لكن عادة ما تنطلي على الكثير من العوام وسط الشعوب بان دولها دول مستقلة وصاحبة قرار وارادة وسيادة وطنية واذا في الموقف من سوريا تتضح الامور على حقيقتها وتؤشر الى ان هذه الدول مجرد ذيول تتبع اميركا حيث مادارت وجهتها هي تدور معها. ولو لا التنسيق التام والجاد بين محور المقاومة للتصدي للارهاب في سورية ودخول روسيا على الخط مباشرة لما شهدنا هذه التحول الكبير في المواقف الدولية والاقليمية.
فبعد التراجع الاميركي جاءت تصريحات الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته فابيوس "بان الرئيس الاسد جز من الحل ثم تعاقب على ذلك هاموند وزير الخارجية البريطاني بمضامين قريبة من ذلك. ولم تتأخر المستشارة الالمانية انغيلا ميركل من الركب لتصب بدلوها بان "الرئيس الاسد جز من الحل وليس المشكلة" وهكذا فان سلسلة التراجعات باتت امرا طبيعيا ومستمرا لانهم ايقنوا انهم بمواقفهم العدائية والشخصية للرئيس الاسد غذوا الارهاب ونشروه في كل مكان باسم "الثورة السورية" وها هو اليوم اصبح وبالا عليهم ويهددهم في عقد دارهم لكن ما سيلاحقهم هو لعنة التاريخ والاجيال القادمة بانهم كانوا شركاء في الارهاب والويلات والمآسي التي تحملتها شعوب المنطقة ومنها التشريد والتهجير الذي نشهده اليوم الى اوروبا ان سلموا من ابتلاع بحر لهم.
واستمرارا للالتحاق بنادي المتراجعين ادلى المستشار النمساوي بدلوه امس على ان الرئيس الاسد هو جز من الحل في الازمة السورية ثم تبعه وزير الخارجية الاسترالي والحبل على الجرار. ان سلسلة التراجعات الغربية والاقليمية هذه وان عرت مواقفها في نشر الارهاب تحت يافطة محاربة الارهاب لكنها سجلت حقيقة للتاريخ بانها ومن المعيب عليها ان تقول يوما بانها دول مستقلة تملك قرارها واستقلالها وان كان ذلك نسبيا لكنها خضعت للضغوط والابتزاز واذا ارادت يوما ان ترفع رأسها عاليا فلتحتذي بالجمهورية الاسلامية في ايران التي طاطأ لها الجميع ليس لاقتدارها وقوتها بل لاخلاقياتها ومصداقيتها واعتزازها باستقلال قرارها الوطني الذي لا يصدر الا من طهران.