kayhan.ir

رمز الخبر: 26602
تأريخ النشر : 2015September26 - 20:39

سؤال : هل فشل برنارد لويس ؟ .

أحمد الحباسى

يجمع المتابعون ، ما عدا قلة من مرتزقة الإعلام الفاسد ، على أن السعودية بدخولها في حرب اليمن و مؤامرة ضرب النظام السوري إضافة إلى تدخل مجموعاتها الإرهابية التكفيرية في العراق قد عرت وجهها القبيح و كشفت للعالم مدى تعاونها مع المشروع الصهيوني في المنطقة العربية ، هذا لم يعد خافيا على أحد و كشفته وثائق ويكيليكس الشهيرة ، و بنظرة عامة إلى خريطة المنطقة نلاحظ باندهاش كبير عزلة هذا النظام الدموي و ارتفاع منسوب كراهية الشعوب العربية له و صدور كثير من الدعوات المختلفة المصادر لإسقاطه و لما لا محاكمته من أجل جرائم الحرب التي ارتكبها في اليمن و سوريا و العراق ، بل لعل الجهة الإقليمية الوحيدة التي تفاخر اليوم بعلاقتها بالنظام السعودي هي إسرائيل و هذا في حد ذاته دليل ساطع على عمالة النظام و فشل سياسته الإرهابية .

يؤكد اللواء رحيم صفوي ، أحد كبار القادة العسكريين في إيران " أن الأمريكان قد وضعوا خطة لتجزئة الدول الإسلامية لكي يثبتوا أقدامهم في المنطقة ، مشيرا إلى أن دول سوريا و العراق و لبنان تشكل العمق الاستراتيجي لإيران " ، هذه الخطة الأمريكية لتفكيك البلاد العربية و الإسلامية ليست وليدة اليوم بل تم وضعها في الثمانينات في عهد الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر و تنسب للمستشرق اليهودي الأمريكي برنارد لويس لدفع القوميات و المذاهب المختلفة للصراع فيما بينها و تسهيل عملية التفكيك كما يحصل الآن في العراق ، يقول الكاتب الأمريكي روين رايت في صحيفة نيويورك تايمز " تخيل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بعد تقسيم كل الدول العربية إلى كانتونات متنافرة " … بالطبع الخطة الأمريكية للسيطرة على العالم العربي هي قيد التنفيذ منذ احتلال العراق سنة 2003 رغم بعض العطل الظرفى بسبب المقاومة العراقيـة و خروج القوات الأمريكية سنة 2011 و انتصار تموز 2006 الذي اجبر إسرائيل و الإدارة الأمريكية على إعادة تحيين خطة برنارد لويس .

من السابق لأوانه اليوم أن نتحدث عن نجاح خطة برنارد لويس من عدمه ، فالولايات المتحدة قد رسمت خطة لشرق أوسط جديد و اعتمدت لذلك على حزمة من السياسات تراوحت بين المواجهة المباشرة كما حدث في العراق و استخدام أدواتها الخليجية إضافة إلى تركيا للقيام بنصيب من هذه الحرب بالوكالة ، هذه الحرب الأمريكية لن تقف و ستتلون حسب المراحل و الأحداث الجارية في المنطقة ، وإذا استطاعت مصر الخروج من حربها على الإخوان فستختلف النتائج و الخطط لان مصر لا يمكن أن تكون مستقبلا جزءا من مؤامرة تفتيت الدول العربية و ستسعى لإعادة العلاقات مع سوريا باعتبارها أحد عناصر العمق الاستراتيجي العربي تماما كما يحدث الآن بين تونس و الشام ، من المهم اليوم التأكيد على أن نجاح إيران في حربها "النووية” ضد الدول الكبار و استعادتها لقدراتها المالية المحجوزة بحكم العقوبات الغربية سيمثل عامل قوة للعمق الاستراتيجي العربي بمفهومه الاقتصادي و العسكري خاصة بعد حل الجيش العراقي على يد بول برايمر الحاكم العسكري للعراق و دخوله في حالة تشتت قصوى ، يضاف إلى ذلك ما مثلته المؤامرة على سوريا من فرصة لقوات حزب الله و قوات الجيش العربي السوري "للتعرف” المباشر على حرب العصابات التي طالما تفوقت فيها إسرائيل في حروبها السابقة .

من المعلوم أن إسرائيل ليست بعيدة إطلاقا على ما يحدث في الدول العربية ، لعله من المهم هنا الإشارة إلى دراسة بعنوان " الخطة الصهيونية للشرق الأوسط "للكاتب الصهيوني إسرائيل شاهاك ، دراسة مهمة تؤكد أن إسرائيل قد عملت لتفتيت الوطن العربي باستغلال عاملين أساسيين أولهما اللعب على هذه الخلطة الغير متجانسة المتعلقة بالاختلافات المذهبية و الطائفية و ثانيهما العمل على تفتيت الدول العربية وذلك بعدم السماح بوجود دول مركزية كبرى ، هذه الخطة تم نشرها قبل 3 سنوات من إبرام معاهدة السلام في كامب ديفيد و كان غزو لبنان بداية لتنفيذها الحرفي في حين شكل الغزو الأمريكي للعراق التنفيذ الحرفي للأمنيات الصهيونية لدى الرئيس جورج بوش الابن ، هذه الدراسة تتقاطع تماما مع مؤلف الكاتب اللبناني علي مقلد بعنوان " الحلم الصهيوني و مخططات تقسيم الوطن العربي " و حين يتناول الكاتب مقولة الحاخام فيشمان عضو الوكالة اليهودية " أن أرض الميعاد تمتد من نهر مصر إلى نهر الفرات و تشمل أجزاء من سوريا و لبنان " يدرك المتابع أن خطة برنارد لويس ليست إلا جزءا بسيطا من الخطة الصهيونية لتمزيق الدول العربية .

لا يغفل المتابعون وجود جماعات فكرية تم تبنيها من المخابرات الصهيونية الأمريكية لتشكل معارضة الداخل الداعية للانفصال السياسي و الحكم الذاتي تماما كما يحدث في العراق و لبنان و سوريا على سبيل المثال ، كما أن هناك عملاء و طابور خامس تجنده اللوبيات الغربية للعبث بالسلم الاجتماعية و إثارة الفتن مثل أيمن نور و محمد البر ادعى و عزمي بشارة و فيصل القاسم و أنور مالك ، من المثير للانتباه أن مجلس الشيوخ الأمريكي قد اشترط للتصويت على الانسحاب العسكري من العراق سنة 2007 وجود خطة لتقسيم بلاد النهرين إلى 3 دويلات بما أعطى الفرصة لمسعود البرزانى من استعادة مطالب سابقة باستفتاء لتقرير مصير كردستان ، هذه معطيات مختلفة تؤكد أن خطط البنتاغون و خطط الموساد قد اجتمعت لتنفيذ مخطط مرعب لتفتيت الدول العربية تكون الدول الخليجية أحد أدوات تنفيذه الفاعلة و لكن هذا المخطط يواجه اليوم صعوبات و عراقيل و معارضة متماسكة من حلف المقاومة المسنود من الضمير العربي ، و لعل صمود سوريا طيلة أربعة سنوات كاملة سيشكل بداية انهيار مشروع برنارد لويس و عودة الدب الروسي للمنطقة ليفرض على الصهاينة الأمريكان ركن بقية المشروع إلى لحظات مناسبة ربما لن تأتى أبدا .