سوريا على سكة الانفراج
جون كيري وعقب لقائه نظيره البريطاني السبت الفائت فجر قنبلة من النوع الخفيف لكنها كانت قوية في الدوي لانه سجل تراجعا مكشوفا فرض على واشنطن نتيجة للمعادلة الجديدة في سوريا التي توجت بالتعاون والتنسيق الجاد بين ايران وروسيا لمحاربة الارهاب في هذا البلد وهذا ما عزز من موقف الرئيس الاسد وجيشه وشعبه اللذين يخوضان حربا شرسة ضد الارهاب منذ اكثر من خمس سنوات. فما قاله وزير الخارجية الاميركي بان "على الرئيس الاسد الرحيل.. لكن توقيت رحيله ليس بالضرورة فورا" هو في الواقع تلويح ببقاء الاسد لان ما قاله لاحقا يفسر ذلك عندما اكد "حان الوقت لانهاء الصراع السوري"، وهو يدرك تماما ان بان انهاء الصراع هو القضاء على الارهاب الذي موله هو وامثاله في المنطقة وان ذلك لن يتم الا بقيادة الرئيس الاسد الذي يقود هذه المعركة منذ خمس سنوات ولحد الان.
غير ان تصريحات فابيوس وزير الخارجية الفرنسي التي كانت مشاركة بلاده لا تقل عن الدور الاميركي في دعم الارهاب في سوريا، تفسر وبشكل اوضح الموقف الاميركي الذي لا يلتبس على احد. فقد قال فابيوس وبالحرف الواحد: "المطالبة برحيل الاسد كشرط يسبق الحل ليس واقعيا". وهذا يؤكد ان المكابرة والصلف الاميركي اللتان سحقت تحت اقدام السوريين والعراقيين هي التي حالت دون ان تعترف اميركا مباشرة بهزيمتها وتذعن صاغرة وبشكل شفاف كما اعترف وزير الخارجية الفرنسي في هذا المجال.
ومهما حاولت الادارة الاميركية ان تغطي على فشلها وهزيمتها في سوريا عبر المناورة في انتخاب الكلمات المنمقة والتمويهية فانها لا تستطيع تغطية الشمس بالغربال. وما ذهبت اليه صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية في التاكيد على ان "الدعم الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية الايرانية وروسيا للرئيس الاسد ادى الى تغيير مواقف الادارة الاميركية ازاء مصير الرئيس الاسد"، يوضح بشكل جلي حقيقة الموقف الاميركي الاخير الذي اضطرت واشنطن اتخاذه حيال الازمة السورية لدرجة اعلنت انها ستنسق عسكريا مع موسكو في محاربة داعش في سوريا وهذا يعني رضوخ الادارة الاميركية للامر الواقع والمعادلة الجديدة التي برزت في سورية نتيجة للتعاون بين ايران و روسيا ونظام الرئيس الاسد في مواجهة الارهاب المصدر دوليا الى سورية.
هذه الاستدارة اللافتة والمفاجئة في المواقف الاميركية والاوروبية تجاه الرئيس الاسد هو اعتراف صريح وشفاف بشرعيته على انه لا يمكن حل الازمة السورية دونه وهذا يمهد الارضية بحصول تطورات كبيرة ستشهده الساحة السورية خلال الاسابيع القادمة في ضوء ماسيحصل من تغييرات مفاجئة في الميدان وفي اكثر من منطقة في سورية.
هذا ما يخص الوضع الدولي المعني بالازمة السورية، اما الاطراف الاقليمية المتورطة في هذه الازمة فهي غارقة في مشاكلها الداخلية مثل تركيا التي هي في بداية الطريق والقادم اصعب واكثر غموضا لما ستؤول عليه التطورات في هذا البلد في ظل الانقسام الداخلي الحاصل بعد الانتخابات. اما الطرف الثاني فهو النظام السعودي الغارق هو الاخر في الرمال اليمنية التي لا يخرج منها سالما وفقا لمراكز الدراسات الدولية والخبراء العسكريين لانها لن يحقق طيلة اكثر من ستة اشهر أي من اهدافه المعلنة سواء انه دمر المدن اليمنية وسفك دماء ابنائها وكذلك حول عدن الى ساحة اقتتال مفتوحة بين انصار هادي والقاعدة و داعش من جهة وقوات الحراك الجنوبي من جهة ثانية وقد بان اليوم عجزه تماما لدرجة انه لا يستطيع ارسال حتى منصور هادي الى عدن لاخذ الصور التذكارية والانكى من ذلك فان اراضيه باتت مفتوحة امام الجيش اليمني واللجان الشعبية. هذا الوضع المزري والشائك والخطير التي تتخبط فيه الاطراف المشاركة في العدوان على سورية اصبحت اليوم عبرة لمن يعتبر.