استراتيجية مقاومة
هيثم الصادق
أثبت تاريخ الشعوب المناضلة من أجل حريتها وكرامتها أن الثورات لا تسير في خط مستقيم، بل وفق تكتيك ذكي يتراوح بين المد والجزر، والشروع والكمون، وفقاً لمتطلبات وظروف كل مرحلة، وتتعدد وسائل النضال الشعبي من الانتفاضة إلى الإضراب والذي يخوضه الأسرى الإداريون في معركة الأمعاء الخاوية التي تفضح الاحتلال، ومن الحجر إلى السكين وسنامتها بندقية الثائر التي حاول عباس بمرسوم "رئاسي” نزعها من يد المقاومة في الضفة على امتداد سنوات.
بيروقراطية عباس التي تسم واقعه كموظف في إطار مشروع الشرق الأوسط الأميركي الجديد المتصدّع، وافتقاده لروح العمل الثوري أوهمته أن حالة الهدوء، التي سادت في الضفة، شهادة نجاح لأجهزته الأمنية وثمرة للتنسيق بينها وبين الاحتلال، لكن الواقع أن هذا الهدوء أسلوب ثوري، في إطار حركة تاريخية تفرض على المقاومة تكتيكا يتراوح بين المد والجزر والتقدم والكمون ثم المباغتة لحماية استراتيجيتها النضالية، ففجأة وبعد سنوات من العمل تحت الأرض يظهر المقاومون أشباحا تهاجم بشكل مباغت حواجز الاحتلال في قضاء الخليل في إبريل الماضي ثم حاجز الأنفاق في بيت لحم امتداداً إلى حاجز زعترة ونابلس وغيرها من المواقع، ثم لتأتي عملية اختطاف الصهاينة الثلاثة في الخليل امتداداً لذلك.
انتصار تكتيكات المقاومة شهادة على التفاف الشعب الفلسطيني حول ثورته وقدرته على اختراق كافة إجراءات الأمن الصهيوني وبالتبعية أمن السلطة التي تحاول اجتثاث جذوة المقاومة لتفرض على الفلسطينيين الذل والخنوع.