نحن لا نزرع الشوك.. أمريكا تزرعه
ياسر النجار
نعم نحن لا نزرع الشوك، ولا نعادي أحد، ولا نتدخل في شئون أحد من الآخرين، ولأن المنطقة التي نعيشها مستهدفة منذ فجر التاريخ، وربما حتى قبل بزوغه، فإننا في كل فترة زمنية نرى دولة أو مجموعة من العصابات التي تطمع في أرضنا وفي خيراتنا وتأتي لتحتلها وتنهل من خيراتها دون وجه حق، بل والأكثر بجاحة وفظاظة، أنها تريد أن تستعبدنا وتجعلنا تابعين خاضعين خانعين لها، نفعل ما تأمر وليس لنا الحق في الطلب أو حتى مجرد التفكير فيه.
إن هذا ما حدث من الهكسوس والتتار والصليبيين من قبل، وهو ما يتكرر اليوم، ولكن بتكنولوجيا وأسلوب العصر الحديث، فأمريكا تزرع في بلادنا الشوك لنجنيه نحن، في الوقت الذي تجني هي خيراتنا، أمريكا تسعى لاحتلال المنطقة كلها دون أن تجتاحها بقوات عسكرية، فهم يحبون الحياة ولا يريدون خسارة رجالهم في المعارك، ويعرفون أننا لا نتمسك بالحياة كثيرًا، لذا فهي تريد السيطرة على المنطقة بدون اللجوء للحرب، وبكل أسف وجدت الأساليب الناجحة بعيدًا عن الحرب العسكرية، بالرغم من أنها خاضتها في عام 2003، عندما لم تجد غيرها بديلا لتدمير الجيش العراقي الذي كان يؤرقها ويؤرق الكيان الصهيوني وقتها.
أمريكا كيان عدواني محتل يسعى لاحتلال المنطقة العربية كلها، وذلك من أجل الحفاظ على مصالحها في المنطقة، وضمان أمن الكيان الصهيوني المغتصب، والذي ترعى أمريكا بقاءه وتغذيه لكي يستمر وينمو في أرضنا الخصبة، والتي تأتي خصوبتها من غفوتنا وعدم التفاتنا لما يجري، ولكن كيف يمكن أن نلتفت لما يحدث في المنطقة، وما يتعرض له الأقصى والأرض العربية المحتلة من انتهاكات، في ظل ما تعج به بلداننا من صراعات وأزمات واضطرابات، صنعت بتدبير "صهيوأمريكي”، لكي يجبرونا على أن ندفن رؤوسنا فيها، وكأننا ندسها في الرمال، فلا نرى شيئا غيرها.
لقد نجح الأمريكان في استغلال عملاءهم في المنطقة من تيار الإسلام السياسي "ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية”، الراغب في الوصول للحكم بأي سبل ممكنه، معلنين استعدادهم لتقديم أي شيء مقابل هذا الأمر، وليس تيار الإسلام السياسي وحده بل هناك الكثير من ضعاف النفوس، وعبيد المال والمناصب، والذين يبيعون بلدانهم مقابل سعر بخس، دولارات معدودة، فدفعوا لهم مقابل خيانة أوطانهم، فعملوا بكل جهد لنشر الفوضى والعنف وإشعال التوترات في المنطقة.
واستطاعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة من خلال دعمها لتيار الإسلام السياسي في المنطقة، من تحقيق جزء كبير من مخططها في زرع الفوضى والعنف في المنطقة، الأمر الذي يحقق أمرين لها، الأول يتمثل في انشغال كل دولة بشئونها وأزماتها الداخلية، والثاني لجوء الجميع لها لطلب المساعدة والعون للتخلص من المشكلات الداخلية، وهو ما حدث بالفعل من قبل البعض، إلا أنها لم تنجح بعد في خلق دويلات صغيرة في المنطقة، بالرغم من دعمها لقيام دولة بكردستان العراق ودعمها لتقسيم سوريا، وبالطبع هذا الأمر غير معلن.
ولولا وجود قوى وطنية مخلصة ومؤمنة بعروبتها وقوميتها، ومصرة على مقاومة ذلك العدوان "الصهيوأمريكي”، لنجحت واشنطن في تنفيذ مخططاتها الخبيثة، وقسمت المنطقة للعديد من الدويلات الصغيرة، تحت ادعاءات الديمقراطية والحرية، وغيرها من المصطلحات التي تسوقها لنا "كطعم” لكي توقنا من خلاله في شباكها، لكن تلك القوى لن تسمح بمرور مخطط التقسيم، وستقف له بكل حزم وقوة، أيًا كانت التحديات، خاصة بعد أن تمكنت تلك القوى الوطنية في مصر وتونس وليبيا وغيرها من البلدان العربية، من الوقوف في وجه ذلك المخطط ومنع استمرار تيار الإسلام السياسي في الحكم، لوقف ذلك المخطط، وحتى لا تنجح أمريكا في إخضاعنا.
وفي سبيل ذلك بدأنا نرى التوجه ناحية الشرق، للتعاون مع روسيا "العدو اللدود للأمريكان”، حتى يكون لنا إرادتنا وقرارنا المستقل، فروسيا ليست كأمريكا وإن كانت لها مصالح في المنطقة، لكنها تقف بجانب العرب في قضيتهم التاريخية، ونضالهم ضد الاحتلال الصهيوني.