kayhan.ir

رمز الخبر: 26182
تأريخ النشر : 2015September18 - 21:43

لماذا هذا الضغط المتواصل على المطارات العسكرية في سوريا؟

شارل أبي نادر

يوماً بعد يوم، تتعاظم الحرب التي تُنفذها مجموعات إرهابية مسلحة على سوريا، مدعومة من دول عالمية وإقليمية بالمال والسلاح والإعلام وبتسهيل دخول المقاتلين الاجانب والعرب بشكل مخالف للقوانين الدولية كافة ولقوانين سيادة الدول على اراضيها أو لقوانين الصلاحية الاقليمية.

ويترافق ذلك مع حملات سياسية ودبلوماسية تحريضيّة لإفشال جميع مفاوضات التسويات الداخلية وقطع جميع محاولات الحوار بين الاطراف الداخلية والدولة، وللابقاء على المستوى المرتفع من الضغط الاجتماعي والعسكري ومن الشحن المذهبي القاتل.

تتركز هذه الحرب على اهداف استراتيجية وحيوية طالما لعبت دوراً هامًّا في تحصين المواجهة والمقاومة لدى الجيش العربي السوري، ومن هذه الاهداف نجد المطارات العسكرية المنتشرة في المناطق البعيدة بعض الشيء عن الوسط السوري أو عن العاصمة دمشق، وقد شهدنا مؤخراً سيطرة جبهة النصرة مدعومة بكتائب شيشانية وشركسية وتركستانية على مطار "أبو الضهور" العسكري في الريف الشرقي لمدينة ادلب، والذي كان يُمثّل الموقع العسكري الاخير للجيش السوري في كامل محافظة إدلب الإستراتيجية في الشمال السوري.

وقد تمتّ هذه السيطرة بعد محاولات متكررة امتدت خلال سنتين من الحصار والضغط العسكري ومع استغلال العاصفة الرملية الاخيرة منذ بضعة ايام حيث ساءت الرؤية بشكل تعذّر معه على الطيران تنفيذ طلعات الدعم والمساندة كالعادة لعناصر حماية المطار الذين نفذ أغلبهم انسحاباً واعادة انتشار باتجاه مناطق سورية أكثر اماناً بقيت سرّية وقد وقع عدد قليل منهم في الاسر حيث خاطروا بتشبّثهم بمواقع خلفية لتأمين انسحاب العدد الاكبر من رفاقهم وذلك بعد إخلاء الصالح فقط من العتاد العسكري الجويّ وغير الجويّ .

ترافقت السيطرة على مطار ابو الضهور المذكور مع هجوم كبير نفذه "داعش" على مطار دير الزور شرق سوريا، وقد فشل في تحقيق أهدافه بعد ان حاول التنظيم الارهابي التقدم مع تفجير خمس آليات مفخخة شرق المطار مكنته من الدخول الى بعض مباني كلية الزراعة وكتيبة الصواريخ البعيدتين عن المدارج وعن حظائر الطائرات حيث انسحب الجيش السوري من هذين الموقعين بعد ان تدفّق الانغماسيون اليها مباشرة مع تنفيذ عمليات انتحارية استهدفت السور والمداخل لناحية الشرق .

بالمقابل، يتعرّض مطار كويرس العسكري في الريف الشرقي لمدينة حلب لمحاولات هجومية متلاحقة بهدف السيطرة عليه من قبل "داعش" التي تحاول ايضا وبشكل متواصل السيطرة على مطار تيفور شرقي حمص على طريق تدمر، ولكن تبقى هذه المطارات صامدة وبعيدة عن سيطرة التنظيم انما تتدنى فعاليتها القتالية الجويّة بعض الشيء نظراً للحصار الخانق عليها والمترافق مع تعرضّها لرمايات من أسلحة المدفعية والهواوين بشكل متواصل.

هذه المحاولات الهجومية المتكرّرة على أغلب المطارات العسكرية في المحافظات الشمالية والشرقية السورية، والتي نجحت احداها مؤخرا في السيطرة على مطار ابو الضهور في محافظة إدلب، تأتي في سياق الحرب الضاغطة على الجيش السوري بهدف انتزاع ورقته الرابحة في حربه الدفاعية ضد هؤلاء الارهابيين المدعومين من دول معروفة تجاهر دائما بدعمها هذا دون خوفٍ او خجلٍ او ترددٍ.

وهذه الورقة الرابحة تتمثل في قوته الجوية التي لعبت لغاية تاريخه دوراً اساسياً ومهماً في الدفاع عن اغلب المواقع التي ما زالت تحت سيطرته في كافة المحافظات والمدن السورية بشكل عام، كما وتأتي هذه الضغوط العسكرية المتلاحقة على تلك المطارات بهدف تحييد سلاح الجو السوري الذي له تأثير فاعل في دعم ومساندة الوحدات العسكرية في عملياتها الدائمة لاستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها، وهي تنجح بذلك في اماكن عدة، ما يستدعي من هؤلاء الارهابيين العمل لإلغاء هذه القدرة العسكرية الجوية عبر السيطرة على تلك المطارات او عبر شلّها ووضعّها خارج الخدمة او خارج المعركة .

يبدو ان روسيا قد تنبهت لخطورة وحساسية الضغط على المطارات العسكرية التابعة للجيش السوري وبالتالي قد بدأت تُحَضّر، وفي إطار دعمها العلنّي والصريح للدولة والجيش والشعب في سوريا، لخطة عسكرية استباقية تقضي بتأمين البديل عن هذه المطارات في حال تمت السيطرة عليها من قبل الارهابيين المدعومين من دول فاعلة، فعمدت الى تجهيز وترميم بعض المطارات العسكرية والقواعد البحرية في اللاذقية وفي طرطوس وتحضيرها لتشكل القاعدة لاكثر من رأس جسر جوي أو بحري بهدف تأمين الدعم والمساندة المباشرة للجيش السوري ولمساعدته على التصدّي في هذه الحرب الكونية التي تشن ضده وضد الدولة والشعب في سوريا ،كما وهي حاليا في صدد إكمال نشر منظومة دفاع جوي من طراز( اس اي 22 المعدّلة) وتقول المعلومات ان طواقمها من الجنود الروس قد بدأوا بالتمركز في هذه القواعد حيث سيكونون هم المشغلّين لهذه المنظومة المتطورة .

في النهاية، هل يكون هذا الحراك العسكري على الارض والذي تقوم به كافة اطراف الصراع في حربها على سوريا ضد الجيش العربي السوري وحلفائه من جهة وضد بعضها البعض من جهة اخرى، سباقاً في الميدان لتحصين اوراق التفاوض القوية بالسيطرة على مواقع ومناطق مختلفة حيث على ما يبدو بدأت سيناريوهات الحلول غير الواضحة المعالم تظهر في أفق الشرق الاوسط ؟