kayhan.ir

رمز الخبر: 2579
تأريخ النشر : 2014June23 - 20:33

الأمن الى الواجهة مجدداً: الحقبة الداعشيّة

عاد الملف الأمني الى واجهة الاحداث اللبنانية بعد أشهر قليلة من الاستقرار الهشّ المشوب بالحذر والترقب. وجاءت محاولة اغتيال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لتضع البلد أمام واقع أمني جديد يفرض نفسه على الجميع، وينذر بمخاطر تستدعي جملة من الخطوات السياسية والامنية العاجلة.

غسّان جوّاد


لم تكد قوات "داعش” الارهابية تنهي سيطرتها على بعض المناطق في الموصل وشمال العراق، حتى أعيد خلط الاوراق الامنية والسياسية على مستوى المنطقة، ومن ضمنها لبنان، وذلك بعد فترة قصيرة من المؤشرات الايجابية والمعطيات المتعلقة ببدء "الحوار الاقليمي”، والشروع في تنظيم الخلاف تمهيداً لمرحلة التسويات ورسم مناطق النفوذ و”الاحتكاك الجديدة”.

وفي موازاة هذه التطورات العراقية ببعدها الاقليمي، ارتفع منسوب المؤشرات الامنية الخطيرة في لبنان، ووردت معطيات أمنية "عالية الدقة” عن إمكان استهداف احدى المنشآت في الضاحية الجنوبية لبيروت، أو القيام بعمل ارهابي ضد المدنيّين من مشجعي كرة القدم أثناء انتهاء احدى مباريات "كأس العالم”.

وعليه، تمّ تفعيل الاجراءات في الضاحية ومحيطها، والتحسّب لعمل إرهابي يواكب ما يجري في العراق وسوريا، ويوسّع دائرة المواجهة مع "محور المقاومة” عبر تصعيد الخطاب المذهبي وتسعير الغرائز المذهبية والقيام بعمل "جنوني” يُخرِج الامور عن السيطرة ويدفع بالبلاد نحو الانفجار على الطريقة العراقية والسورية.

رئيس مجلس النواب نبيه بري، وابراهيم هدفان "نموذجيان” لتحقيق "سيناريو الفتنة” ورَبط لبنان كليّاً ونهائياً بـ”داعشية أمنية وسياسية”. وفي المعلومات أنّ عباس أبلغ الى بري ، وقبل انطلاقه نحو البقاع، ضرورة إلغاء "المؤتمر العام الوطني الاختياري الأوّل” الذي كانت حركة "أمل” ستقيمه برعايته في قصر الاونيسكو، لأنّ "معطيات امنية” أفضَت الى امكان استهداف المؤتمر او رئيس المجلس النيابي اثناء وصوله او مرور موكبه في اتجاه قصر الأونيسكو.

اللافت أنّ احدى الصحف اللبنانية نقلت كلاماً ورد في الصحافة الاسرائيلية عن تحضير بعض المجموعات الارهابية في مخيم "عين الحلوة” لعمل إرهابي ضد مدير الامن العام اللبناني.

ولم يمض على نشر المقال ساعات، حتى وقعت محاولة اغتيال ابراهيم بانتحاريّ كان يرصد موكبه ويتجوّل في المنطقة الواقعة بين حاجزي الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي في ضهر البيدر، وعندما شَكّت الاجهزة الامنية بسيارة الانتحاري أوقفته، فسارع الى تفجير نفسه فوراً على بعد 50 الى 100 متر عن السيارة التي كان يوجد فيها ابراهيم.

هذا الكلام "الإسرائيلي” المتزامن ليس بريئاً، وهو جزء من الحرب الاعلامية المواكبة للعمليات الارهابية ومحاولات خلق تناقض بين المخيمات الفلسطينية ومحيطها وتمهيد المناخات والاجواء وشحن النفوس والدفع نحو فتنة فلسطينية ـ لبنانية بعناوين وأسماء لا علاقة لها بالفلسطينيين، وبالقوى الوازنة والفاعلة على الصعيد الفلسطيني في لبنان.

وفي هذا السياق من المفيد الاشارة الى أنّ ابراهيم يضطلع باسم الدولة اللبنانية بدور كبير على صعيد التواصل مع الفصائل والقوى الفلسطينية والتنسيق معها والعمل على خطط امنية وسياسية تمنع الزَجّ بالمخيمات في النزاع الداخلي اللبناني، او استخدامها للعبث بأمن لبنان.

لا شك في أنّ لبنان قد نجا من خطر كبير وعملية "خبيثة” تهدف الى تسريع الفتنة وكشفه نهائياً امام كل المخاطر الاقليمية وربطه بها بنحو لا انفكاك منه على المدى القريب.

المخاطر لم تنقضِ بعد، وحادثة قد تكون فاتحة لمرحلة جديدة عنوانها استهداف الامن السياسي وعودة موجة الاغتيالات، ما يفرض على الحكومة بمجمل مكوّناتها السياسية اتخاذ تدابير استثنائية تحمي البلد في "الحقبة الداعشية”، وتمنع تنفيذ مشاريع اقليمية ودولية في لبنان وانطلاقاً منه.