رأي الوطن : اللاجئون وتخبط أوروبا بآلاف منهم!
لم تستطع الدول الأوروبية وهي تشاهد صورة الطفل السوري ايلان ميتًا على الشاطئ إلا أن تعيد حساباتها مع اللاجئين باعتبارها قيمة على مسألة حقوق الإنسان وما شابه .. وبعدما اكتشفت أن هنالك ما يقرب الثلاثة آلاف قتيل من أولئك اللاجئين أكثرهم غرقًا، أقبلت فرنسا وألمانيا على إعادة النظر بمواقفها السابقة المتأرجحة بين قبولهم وبين رفضهم، إلى البحث في مسألة قبولهم على أراضيها.
من المؤسف أن أوروبا ـ بكل تاريخها وقدراتها ـ تاهت وتخبطت في مسألة اللاجئين منذ أوائل بداياتها، وخصوصًا إيطاليا والمجر، علمًا أن إيطاليا تعاني من انخفاض عدد سكانها وهي بحاجة لليد العاملة، أما المجر فرغم أنها كانت الممر إلى ألمانيا، فهي لم تستوعب تلك الحركة المكثفة منهم، إلى أن ظهر لها أن اللاجئين لهم وجهتهم المحددة، وهي ألمانيا التي ربما بعد دراسات مستفيضة ثبت لها حاجتها لكل لطالب لجوء، فعدد سكانها اليوم يتجاوز 82 مليونًا سيصبح عام 2030 ستة وخمسين مليونًا، أي بنقص شديد لا يمكن تعويضه إلا بتقبل هؤلاء الهائمين على وجوههم، وربما أكثر منهم، حيث ستفتح تلك المبادرة الألمانية إلى زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين إليها بنسبة كبيرة، فيما تتقبل أستراليا كل من يفكر بالسفر إليها مهما كان العدد.
التخبط الأولي الذي وقعت فيها أوروبا قاطبة من أعداد اللاجئين، قابله في لبنان والأردن وحتى تركيا، أعداد غفيرة تتجاوز الخمسة ملايين في البلدان الثلاثة .. فلبنان الذي لا يتجاوز عدد سكانه الأربعة ملايين يوجد لديه أكثر من مليوني سوري، وفي الأردن أكثر من مليون ونصف .. وهي أرقام فلكية مؤثرة جدا في حياة البلدين وفي قدراتهما المحدودة، وخصوصًا في لبنان. ويبدو أن الذي لعب دورًا في تقبل هذه الأعداد، الإحساس بالقرابة، وبمفهوم وحدة الدم والأرض والتراب، بل يقولون إن شعبًا واحدًا يعيش في دولتين هما سوريا ولبنان. لذلك لا حرج على الأعداد الكبيرة التي باتت تعيش، سواء في بيوت أو مخيمات، وهي تتوالد باستمرار إلى الحد الذي قيل إن عدد المواليد الجدد يتجاوز الأربعين ألفًا في لبنان وحده.
الآن يمكن القول إن أوروبا تقريبًا تشعر بالعار إن هي لم تجد حلًّا لهذه المشكلة الإنسانية، وخصوصًا بعدما تناولت كبريات الصحف الأوروبية البُعد الإنساني لها، ويعتبر الأوروبيون أنهم وصايا على حقوق الإنسان، وبالتالي من الواضح أن قوانين وقرارات ستصدر بحق هؤلاء اللاجئين التائهين في دنيا الله الواسعة، بعد تعريض أنفسهم للموت المؤكد، كل رحلة بحرية من رحلاتهم التي قاموا بها، أدت إلى غرق كثيرين، ويبدو أن معظم تلك الرحلات تتم عن طريق تركيا تحديدًا، وعبر سماسرة الموت الذين لا يهمهم النتائج المأساوية التي وقعت فيها تلك الرحلات الفظيعة.
من الواضح أن أعداد اللاجئين ستزيد، وأبطالها من سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان، من تلك البلاد المعذب أهلها والذين سوف تكشف لهم أوروبا بعد حين حسن الاستقبال لهم، رغم أن بعض دولها يرغب بالمسيحيين منهم، فيما يرغب آخرون بالأكراد، وقلة منهم لا يرغب بمسلمين خوفًا من الحالات الداعشية وما شابهها .. أما لبنان فقد أغلق أبوابه بوجه أي سوري جديد، وربما الأردن أيضًا، فيما ظلت تركيا على سماحها لمن يريد الهجرة غير الشرعية خارج أراضيها أيضًا.