اليمن : الصورة و ما وراء الصورة …
أحمد الحباسى
صور المذبحة في اليمن تفضح زيف الحملة الإعلامية السعودية التي تصف حملات القصف الجوى اليومي بعمليات جراحية نظيفة تستهدف مناطق و أهداف عسكرية معينة ، و ليست هذه المرة الأولى التي تفضح فيها الصورة ” اليمنية” زيف ادعاءات الإعلام السعودي المنافق ، و كما في الحالة الصهيونية تماما يتجاسر نظام المملكة على الادعاء باحترام حقوق الإنسان و تجنب قصف المدنيين ، بل يذهب الإعلام في المملكة بأن أي خطأ هو أمر شاذ و لا يعكس السلوك الحقيقي للجيش السعودي تماما كما يقول جيش ” الدفاع” الصهيوني عند كل غارة تستهدف الشعب الفلسطيني بما يؤكد تطابقا تاما بين العقيدة القتالية للجيش السعودي و الصهيوني و هو الأمر الذي لفت انتباه كثير من المحللين و المتابعين منذ بداية حملة عاصفة الحزم السعودية في اليمن .
من الحظ السىء للشعب اليمنى أنه لا يواجه فقط هجوما عسكريا وحشيا و نازيا بكل المقاييس مما يسمى بدول التحالف الذي تقوده السعودية و هجوما إعلاميا غير مسبوق من المنظومة الإعلامية الصهيونية يدار من غرف المخابرات الصهيونية ( قناة العربية – المستقبل – الجزيرة – قناة فرانس 24 الفرنسية على سبيل المثال ) ، فهو يواجه صمت المجتمع الدولي المؤتمر بأوامر اللوبي الصهيوني في العالم ، و يواجه انسلاخ ما يسمى بالقاعدة المثقفة العربية عن واقع ما يحدث في الأمة العربية ، يضاف إليه أن الثورة اليمنية قد أحدثت زلزالا في دول الخليج و باتت الشعوب الخليجية بين خيار الانخراط فيها أو الابتعاد عنها قدر المستطاع تجنبا لما أفرزته الحالة الليبية من صراع دموي و حرب أهلية ، لذلك فان المطلوب اليوم من وسائل الإعلام اليمنية على وجه التحديد ووسائل الإعلام الشريف في العالم أن يوظف الصورة في مواجهة الهمجية و الوحشية السعودية و أن تكون هناك عملية توثيق لما يحدث حتى يمكن للمهتمين بهذا الشأن السعي إلى فضح عورات هذا النظام و مساءلته قضائيا أمام المحاكم الدولية المختصة .
لقد خصصت الولايات المتحدة الأمريكية كامل ” طاقمها” الإعلامي منذ بداية الحرب على العراق و الانتقال إلى سوريا و ليبيا و تونس و مصر و اليمن للتعتيم على الجرائم العسكرية و الإرهابية المرتكبة ضد الشعوب العربية ، و يعلم الجميع أن عملية غزو العراق من طرف القوات الأمريكية قد تمت في شبه تعتيم تام و الآن يتم كشف ما حدث من انتهاكات أمريكية فاقت الخيال ، و بما أن ما يحدث في اليمن يعادل ما حدث في العراق من استعمال للأسلحة المحرمة دوليا و من قصف للمدنيين و من انتهاك للقانون الدولي في خصوص سيادة الدولة فان المطلوب من كل اليمنيين على حد سواء هو السعي بكل الطرق لنقل صورة الأحداث الدموية للعالم ، و كما تسعى السعودية أو لنقل النظام الصهيوني ليبذل جهدا يجند له أفضل العقول و تخصص له الموازنات اللازمة من اجل "تجميل” صورة الجريمة العسكرية السعودية فان كامل هذا المجهود يمكن نسفه في لحظة معينة من خلال صورة على جهاز هاتف نقال قد لا يتجاوز ثمن بعض الدولارات.
صورة الطفل السوري الشهيد الذي لقي حتفه قبالة السواحل الأوروبية مزقت صمت المجتمع الدولي الأسير لضغوط اللوبي الصهيوني و كشفت للعالم فضائع وحشية الجماعات التكفيرية الإرهابية السعودية في سوريا و التي دفعت الآلاف للهروب في كل الاتجاهات بحثا عن ملاذ آمن ، صورة الشهيد الفلسطيني محمد الدرة الذي مزق رصاص الاحتلال جسده منذ سنوات لا تزال تختزل وحشية العدو الصهيوني و تعرى هوية هذا الكيان الملعون ، و لان وحشية العدوان السعودي لا تقل قبحا عن الوحشية الصهيونية أو تزيد ، فلا بد أن ينقل الشعب اليمنى للعالم بالصورة أن لم يكن ممكنا بالصوت و الصورة هذه المجزرة التاريخية التي أريد لها أن تقتل ثورة شعب ، و تنصب عميلا على حضارة دولة مثل اليمن ، و لان الصورة رسالة ذات مضمون موجهة من مرسل إلى مرسل إليه فلا بد أن تكون مختزلة و معبرة عن حقيقة الجريمة السعودية المرتكبة في حق الشعب اليمنى .