kayhan.ir

رمز الخبر: 25560
تأريخ النشر : 2015September07 - 20:18

العرب يذبحون سوريا ويتاجرون بمعاناة أبنائها

راسم عبيدات

عندما تستمع إلى أحد مشايخ ومفتي السلاطين تكاد تشعر بالتقيؤ من رخاصته وتفاهاته وانعدام أي مشاعر بالإنسانية أو الانتماء لديه، سوى أنه بوق وطبل أجوف لمن وظفوه ولقنوه، فهو من شدة "حزنه" و"محبته" و"خوفه" على اللاجئين السوريين ضاقت بهم الأرض بما رحبت بفعل المال النفطي الخليجي المستخدم في ذبحهم وتدمير بلدهم، ولكون من مولوا ذبحهم وتدمير بلدهم، يغلقون الحدود في وجوههم ويمنعونهم من دخول بلدانهم، فلم يبق أمامهم سوى بلدان اوروبا الغربية، تلك البلدان التي لم تسألهم عن دينهم ومذهبهم وطائفتهم، تعاملت معهم كبشر وسمحت لهم بدخول أراضيها ومدت لهم يد العون والمساعدة، وليخرج علينا رجل الدين هذا بالقول بأنه يخشى على هؤلاء اللاجئين من" التنصر". أي شيوخ انتم ؟ لا ترحمون ولا تريدون لرحمة الله أن تنزل...؟

في بداية الأزمة السورية رأينا كيف عملت بعض مشيخات النفط مع ما يسمى بالمعارضة السورية بمختلف مشاربها ومنابتها تكفيرية ودينية وعلمانية على تهجير السوريين قسراً ولخدمة اهداف مشبوهة الى الأردن من اجل تشويه سمعة النظام السوري بأن هؤلاء يهربون من قمع النظام، ووضعوهم في مخيم الزعتري في الصحراء الأردنية، ولكي يذيقونهم كل الوان العذاب والذل وامتهان الكرامة ولكي يعمل القوادون من أجل شراء الفتيات السوريات الصغيرات لإشباع نزوات الاثرياء في "أروع" دعم لللاجئين السوريين.

اليوم عندما نجد البحر يتقاذف جثث الأطفال والنساء السوريات أو الذين تتحلل جثثهم على الحدود أو من يتوسلون نقاط الحدود والعبور الأوروبية المرور والدخول، وهم من دفعتهم غريزة البقاء للهجرة الى بلدان أوروبية غربية في مناظر تثير فينا الكثير من الحزن ومشاعر الإنسانية تجاه أبناء شعب كانت دولته قبلة كل المضطهدين والمظلومين هي من احتضنت ووفرت الأمن والأمان للاجئي شعبنا الفلسطيني ولغيرهم من لاجئي الدول المجاورة. سوريا كانت وستبقى قلعة من قلاع العروبة تدفع الثمن من لحم ومعاناة أبنائها دفاعاً عن أمة يراد لها التقسيم والتجزئة والتفكيك وليعاد تركيبها خدمة لمشاريع استعمارية .

من يذرفون دموع التماسيح ومعهم المعارضة السورية بمختلف تلاوينها ومسمياتها على الشعب السوري، ويدعون لتخليصه من "ظلم" و"قمع" النظام السوري، ويريدون له الحرية والديمقراطية كمفاهيم لم يعرفوا عنها شيئاً في بلدانهم التي هي ليست أكثر من مزارع واقطاعيات لهم ولعائلاتهم المالكة، يعاملون فيها شعوبهم على أساس انهم قطعان بشرية ليس أكثر، ومعهم معارضات جل اهتمامها العيش في الفنادق والمتاجرة بالدم السوري، حيث الخلافات على الأموال والغنائم والامتيازات وسرقة اموال المساعدات الاتية الى اللاجئين السوريين والشعب السوري. تلك العصابات من المعارضة التي دخلت اكثر من مرة في صراعات ومعارك حول الأموال والغنائم والشرعية والتمثيل، والتي لم يكن ولاءها وانتمائها، لا للشعب السوري ولا حريته ولا ديمقراطيته ولا تحسين شروط وظروف حياته الاقتصادية، بقدر الولاء لمن يغدق عليها الأموال والأسلحة من اجل تنفيذ مشاريعه وخدمة مصالحه.

أين هم علماء السلاطين المرفهين ، المنعمين الذين يفتون على مقاسات وطلب زعمائهم؟ والذين سمعناهم أكثر من مرة يطالبون حجاج بيت الله الحرام بالدعاء علناً على النظام السوري وحزب الله و إيران، والذين أفتوا بالاستعانة بالأجنبي من أجل احتلال ليبيا وتدميرها، وكذلك طالبوا أمريكا التي تقف خلف المشروع الاستعماري المعادي للأمة العربية، أن تقف موقفاً "مشرفاً" الى جانب الشعب السوري.

لم نسمع منهم كلمة واحدة بحق من ذبحوا الشعب السوري ويتاجرون بمعاناته، من خلال ما ضخوه من مليارات الدولارات لتدمير سوريا وقتل أبنائها وتشريدهم، بمطالبتهم باستيعاب اللاجئين السوريين في بلدانهم، والعمل على مساعدتهم وتوفير العيش الكريم لهم هؤلاء الذين نعرف جيداً مدى حقدهم على سوريا، حيث أن الرئيس السوري وصفهم بأنهم أشباه الرجال إبان الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على حزب الله ولبنان في تموز /2006، ففرائصهم المرتعدة، وتآمرهم على المقاومة، دفعهم لدعم وتأييد العدوان الإسرائيلي على لبنان، واليوم يريدون أن ينتقموا من سوريا قيادة وجيشاً وشعباً، وعلماؤهم وشيوخهم المسبحين لا بحمد الله، بل بحمد الدولار، يصمتون على جرائمهم صمت القبور، حيث مسلسل القتل اليومي بحق فقراء اليمن من قبل ما يسمى بطيران التحالف العربي ذلك الطيران الذي لم يكن في يوم من الأيام جزءاً من معارك الشرف والدفاع عن مصالح الأمة وكرامتها وسيادتها الوطنية ،وتحديداً عندما كان الطيران الإسرائيلي يلقي بحممه وقنابله المحرمة دولياً على بيوت الصفيح التي تأوي لاجئي مخيمات شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.

هؤلاء لم تحركهم جثث أطفال ونساء سوريا التي تقاذفها البحر على شواطئه، ولا الجثث المتحللة على حدود الدول الأوروبية، وأصابهم الخرس والطرش، ولم نسمع بفتاويهم التي تطالب حكامهم باستضافة هؤلاء اللاجئين، الذين أرادوا لهم "الحرية " والديمقراطية" تلك الشعارات والمفاهيم التي يرددونها كالببغاوات في أحاديثهم عن حقوق الإنسان في سوريا.

إن هذا الغرب " الكافر" أكثر إنسانية ورحمة منكم بحق هؤلاء اللاجئين، فهو على الأقل يستقبلهم من منطلقات إنسانية بغض النظر عن دينهم ويوفر لهم متطلبات الحياة، ومن ثم يجد لهم العمل ويعمل على منحهم حق الإقامة بعد عدة سنوات، وشعوبهم تحركت مشاعرها وإنسانيتها عندما رأت صور الطفل السوري الذي تقاذفته الأمواج جثة هامدة، وخرجت جماهيرهم في مظاهرات غاضبة ضد العنصرية، مطالبة حكوماتهم باستقبال اللاجئين السوريين دون قيود او عوائق، فأين أنتم من اعماكم بريق الدولار والدينار عن قول كلمة الحق؟؟ هؤلاء هم من العرب السنة وليسوا شيعة أو خوارج ..؟ تنصبون من أنفسكم محامين ومدافعين عن العرب السنة وأنتم أول من يساهمون في ذبحهم وتهجيرهم.