kayhan.ir

رمز الخبر: 25496
تأريخ النشر : 2015September06 - 20:58

وماذا لو تخلّى الأسد عن إيران وروسيا؟

سامي كليب

منذ بداية الحرب في سورية، يطرح المحللون سؤالا، لكثرة ما كرروه صدَّقوه: هل تتخلى إيران وروسيا عن الرئيس بشار الأسد؟ عاد الأسد للمرة الألف ليؤكد في مقابلته اللافتة مع الزميل عمرو ناصف عبر قناة المنار على صلابة العلاقة مع الدولتين. سبقه الى ذلك المسؤولون الروس والإيرانيون في تأكيد الأمر نفسه. لا بل ان الروس تعمدوا التذكير بذلك في أثناء استقبالهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. لكنْ فالج لا تعالج، ثمة من يستمر بالسؤال عما إذا كانت إيران وروسيا ستتخلّيان عن حليفهما السوري؟

حسنا ماذا لو طرحنا السؤال بالعكس؟ ماذا لو تخلى الأسد عن إيران وروسيا؟

لو يفعـلُ لربما فرشت له أميركا السجاد الأحمر، وأرسل الأطلسي كل طائراته يقضي على خصومه من داعش والنصرة وصولاً الى الجيش الحر وكل المعارضة، ولفتح الخليج كل خزائنه وأغدق الأموال..الخ. مجرد الإعلان عن زيارة اللواء علي المملوك الى السعودية كاد يقلب المعادلات. مجرد الحديث عن اقتراب عودة السفير المصري الى دمشق، يكاد يقلب المعادلات. لكنَّ الواقع غير ذلك.

عرفت سوريـة، في عهـدِ حافظ الأسد ثم في عهـد بشار الأسد، مئات العروض الأميركية والغربية والخليجية للابتعاد عن إيران. كانت استراتيجية الأسد الأب مختلفة، عرف كيف يتحالف مع طهران الامام الخميني، ويلعب دور الوسيط بينها وبين العرب. حفظت له إيران ذاك الدور الهائل، وأدرك العرب، لاحقاً، انه كان على حق، حيث جنّبهم ويلات تلك الحرب. وحين جاء بشار الأسد، عرف ان التحالف مع إيران له ثمن باهظ، لكنْ لا مفرَّ منه للإبقاء على توازنٍ، يمنع الرياح الغربية من العصف بالدور السوري، ولأنه اقتنع بان إسرائيل لا تفهم الا بمنطق القوة، كما قال مرة في القمة الشهيرة حول غزة، ومع ذلك فهو لم يقطع مع الخليج ولا مع تركيا، بل على العكسِ، تماماً: عزّز العلاقات الى اقصى حد.

إيران احتاجت سوريـة بقدر حاجة سوريـة اليها او ربما أكثر، والرئيس فلاديمير بوتين أدرك انه بلا سوريـة لا مجال لدور روسي في المنطقة. لو تخلى الأسد عن الحليفين لما كانت إيران في وضعها الحالي تفاوض وتربح مع الغرب، ولما استطاع بوتين ان يلعب ورقة دولية هائلة جعلت كل القادة العرب يتقاطرون الآن الى موسكو بعد اقتناع اميركا بان روسيا وحدها قادرة على تحريك المياه الراكدة في سورية.

يجب ان نفهم ان روسيا وإيران وسورية مثلث قوي بأضلاعه الثلاثة، لا يستطيع أي طرف ان يتخلى عن الضلعين الآخرين، تماما كما لا يستطيع أي طرف أن يقول انه بفضله صمد الآخرون. هي معركة واحدة، اما يربحها الثلاثة او يخسرونها سويا. يبدو الان ان الرياح الدولية تميل الى صالحهم حتى ولو ان الثمن السوري كان باهظا جدا، لا بل أكثر مما تخيله العقل.

لم يتخلَّ أيّ من الأضلاع الثلاثة عن المثلث في أوج القلق والهجوم الغربي والعربي والتركي والإسرائيلي الكبير، فهل يتخلّون الآن؟

لا بد من قصر نظر للتفكير بهذا الاحتمـال.