التواطؤ الاميركي مع داعش!!
مهدي منصوري
قد يكون العنوان مستغربا لمن يقرأ هذه المقالة الا ان معطيات ومجريات الاحداث ليست القريبة الان في العراق بل انه ومن الواضح والمتيقن لدى الجميع ان تنظيم القاعدة هو صنيعة اميركا وبامتياز خاصة وان نمو حالة الوعي الاسلامي التي اخذت تغطي المنطقة وبدأت تمتد لتصل الى اوروبا بحيث أحست الادارة الاميركية على الخصوص من خطر الاسلام القادم والذي سيهز عروش عملائها وكذلك سيضع مصالحها في دائرة الخطر، لذلك ابتدعت اسلاما جديدا لتشويه صورة الاسلام الحقيقي الذي لاقى قبولا واسعا لدى مختلف الطبقات الاجتماعية في العالم، لذلك فانها اوجدت البديل وهو الاسلام الاميركي الذي تمثله القاعدة من اجل تشويه الصورة في الاذهان من خلال مااوكلت اليها المهمة للقيام باعمال اجرامية من قتل وذبح وتدمير لكل ما يمت الى الحضار والمدنية بصلة كل ذلك من اجل ان تشوه صورة الاسلام هذا من جانب، ومن جانب آخر اطلقت عليهم صفة الارهاب لكي يسمح لها هذا العنوان ان تتمدد وتبسط سيطرتها في المنطقة تحت لافتة محاربة هذا الارهاب من خلال وكان لها ما ارادت خاصة بعد ان قدمت بعض الدول المتحالفة معها كل الامكانيات التي سمحت لها باحتلال العراق وافغانستان والتي كانت كارثة كبرى على هذين البلدين، وبعد افول نجم القاعدة نجد ان واشنطن استمرت في دعمها للارهابيين من خلال وليدها الجديد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام " داعش" اذ نقلت وكالة "وورلد نيت دايلي" الأميركية عن مسؤولين أردنيين قولهم أن أعضاء تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية في العراق و الشام" المعروف بـ"داعش" سبق لهم أن تلقوا تدريبات عام 2012 من قبل مدربين أميركيين يعملون في قاعدة سرية بالأردن. وأشار المسؤولون بحسب الوكالة، إلى أن عشرات من أعضاء التنظيم تدربوا في تلك الفترة كجزء من مساعدات سرية كان يتم تقديمها للمسلحين الذين يستهدفون سوريا، و أن تلك التدريبات كانت تهدف إلى قيام المسلحين بعمليات مستقبلية في العراق.
وسبق للوكالة الأميركية أن كشفت في شهر شباط عام 2012 عن أن أميركا وتركيا والأردن، يديرون سويا قاعدة تدريبية للمسلحين السوريين في بلدة "الصفاوي" الأردنية التي تقع بالمنطقة الصحراوية في شمال البلاد، ولذلك نجد ان واشنطن قد كشفت عن وجهها القبيح وبصورة فاضحة بأنها تدعم الارهاب وتسانده وبكل قوة ومن دون استحياء .
ولكن ولما لم تجر الرياح بما لا تشتهي السفن وانقلب السحر على الساحر وتمكنت القوات السورية وبمساندة الشعب ان تدحر هذا الارهاب وان تضعه في الزاوية الضيقة، ومن دون ان يحقق لكل الاطراف الداعمة ما كانت تصبو اليه، نجد ان واشنطن ومن خلال تصريحات أغلب مسؤوليها وعلى رأسهم اوباما وخوفا من هذه المجاميع الارهابية لذلك تداعت بالمطالبة بتقديم السلاح لها من اجل استمرار الازمة السورية رغم ان كل الاطراف الدولية كانت تدعو لاخماد هذه النار التي ان استمرت فانها ستصل شرارتها اليهم.
ولا يخفى ايضا ان انهيار الارهابيين واندحارهم في سوريا تطلب ايجاد البديل لهذه المجاميع خوفا من عودتها الى البلدان التي جاؤوا منها لذلك فانهم دفعوا بهم الى الاراضي العراقية عسى ولعل ان تكون البديل او الارض الامنة لاستمرار تواجدهم مستغلين بعض الاختلافات السياسية في هذا البلد والذي كان سببها طبعا هي السياسة الاميركية التي جاءت بهذا اللون من الوضع السياسي ابان تواجدها على الارض العراقية لاستمرار بقائها فترة اطول.
وبعد خروج القوات الاميركية من الاراضي العراقية وبالصورة التي تمت بها ومن دون معالجة حقيقية للوضع السياسي والامني وبشكل يضمن القوة والقدرة للقوات العراقية على الامساك في الارض وبسبب التدخل الاقليمي السلبي في الوضع العراقي والذي جعله غير مستقر تتقاذفه الولاءات مما سهل عما آلت اليه الاوضاع اليوم.
ولكن السؤال المهم هنا اذا كانت اميركا تربطها مع العراق اتفاقية امنية استراتيجية، الا ينبغي لواشنطن ان تمارس دورها المطلوب منها فيما اذا تعرض هذا البلد الى أي خطر داهم؟ الا اننا نجد وللاسف الشديد ان واشنطن وبعد ان تعرض العراق الى هجمة شرسة من قبل الارهابيين بحيث هدد استقراره وامنه قد تعاملت مع الوضع ببرود قاتل ولم تتخذ ولحد هذه اللحظة أي موقف حازم في مواجهة الارهاب والارهابيين، الا اننا نجد انها اخذت تتجه اتجاها مختلفا يقوم على اصدار التصريحات التي تتبنى عن تدخلها في الشأن السياسي الداخلي والذي هو ليس من شأنها ولايعنيها وذلك برسم خريطة جديدة لتشكيل الحكومة القادمة وغيرها من القضايا والتي لم تكن لها اولوية في الوقت الحاضر، مما يعكس ان خلق الازمة الحالية هو بدفع من واشنطن ومن يتحالف معها من بعض الدول الخليجية وبعض السياسيين الداعشيين من اجل ان يفسح لهم المجال بالتدخل المباشر في فرض شروطهم لتحقيق مايصبون اليه والذي لم يتمكنوا من الحصول عليه في الانتخابات التشريعية الاخيرة.
الا ان الشعب العراقي الواعي لم تنطل عليه هذه اللعبة ولايمكن لواشنطن او أي كان ان يقفز على الاستحقاقات الانتخابية او ان يرسم خريطة جديدة له لانه هو القادر على ذلك ولذلك جاء رده قاسيا على واشنطن وحليفاتها طالبا منهم النأي بانفسهم عن هذا الموضوع وتركه هو وحدة الذي يقرر من يكون رئيس الوزراء لا ان يفرض عليه ومؤكدا ايضا انه لن يكون بعد اليوم عبدا او مطيعا لارادة أي أحد.