kayhan.ir

رمز الخبر: 2456
تأريخ النشر : 2014June21 - 21:31

البرابرة العرب.. والإعلام والتاريخ.. لماذا كل هذا القتل؟ وماذا بعده؟

حسين حمية

لماذا كل هذا القتل في العراق؟ ما الذي يبرّر هذه المذابح بالأسرى من الجنود والسجناء العراقيين؟ كيف لضابط (مهما كان ثمن خيانته) أن يرمي جنوده، ومن هم رهن إمرته، لتنهش لحومهم الطرية هذه الذئاب المتنكرة بأشكال البشر؟ هل من مشهد يدمي القلوب، أكثر من هؤلاء الشبان الذين كوّموا فوق بعضهم البعض في شاحنات الموت، لتنقلهم إلى الصحراء وأماكن الخلاء، وليقتلوا هناك بطريقة تشيب لهولها رؤوس الولدان؟

لماذا كل هذا القتل؟ وماذا بعده؟ هذه الأسئلة لا ينفع معها دجل الإعلام المتعاطف مع برابرة داعش والبعث العراقي، وهو تعاطف كان أشد مقتا وخزيا من فظاعات هؤلاء المجرمين. لقد كذبت كل التحاليل وكل التفسيرات ولو لتصنع دافعا أو سببا واحدا يبيح سفك كل هذا الدم وإزهاق هذه الأرواح.

كان تيمورلنك، عندما يأمر بقتل الأسرى، ينزوي في مكان كي لا يسمع ضربات دق الأعناق وأنين الموتى، لقد كان تيمورلنك أكثر إنسانية مع ضحاياه من هذا الإعلام السفاح. هو نفسه، هذا الإعلام، يتشفى بالضحية، ويخلق الأعذار لتعذيبها ويلقي عليها مسؤولية ملاقاة حتفها، وبذات الوقت، يشيح بنظره عن الإجرام، هو إجرام تعّرى من كل ستر، ومن كل شريعة بشرية وناموس إنساني.

هو هذا الإعلام، من قام بتلبيد أجواء عيش المنطقة، بمصطلحات مسمومة، لم يكن ينقّب في التاريخ لتنقية أحداث عبرت في الماضي السحيق، لإنشاء وعي متسامح وتصالحي بين الناس، فاقتطف كلمات دون أدنى معرفة بدلالاتها، مثل الرافضة، والمجوس، والصفويين، والفرس، والشعوبية، لإسقاطها بتعسف على الواقع، وشحنه بالتباغض والتناحر.

لقد تم قتل 1700 أسير على المذهب، تم أخذهم بالخدعة والغدر والخيانة، ومعظمهم لم يطو العشرينيات من عمره، ومع ذلك، اراد إعلام البرابرة أن يقفز إلى الضفة الأخرى من نهر الدم، فلم يخجل من سفالته، بأن يتطاول بالزور والبهتان على السيد السيستاني، الذي وقف بفتوى ضد أي تفريغ للمؤسسات الأمنية والعسكرية من العراقيين، بعد أن كادت الشائعات المنظمة أن تفرط العقد البشري لهذه المؤسسات، لجعل العراق مرتعا للخوف والترهيب.

سألوا السيد السيستاني عن تمنعه عن إصدار فتوى ضد غزو العراق في ال 2003، لكن لم يسألوا من اي البلدان (العربية) انطلقت الدبابات الأميركية إلى أرض العراق، ومن أي قواعد طارت منها القاذفات الأميركية، ولم يسألوا رئيس العراق حينذاك، أو قائد جيش العراق، أو ضباط هذا الجيش، ومنهم من شارك بذبح الاسرى في الموصل، لماذا دخل الأميركيون بغداد دون قتال، ولماذا بقيت جسور بغداد صالحة لعبور الدبابات الأميركية.

ها هو التاريخ يعيد نفس المهزلة، يعيدنا إلى يوم اجتاح المغول بغداد وأحرقوها. كل أمم الأرض تسائل وتحاسب حكامها وقادة جيوشها عن الهزائم العسكرية، إلّا هنا، لقد حمّلوا قاضي بغداد ابن العلقمي مسؤولية غزو المغول، وهو قاض يبت في المعاملات والعبادات، وليس في السياسات، في حين تمت تبرئة الخليفة العباسي وقائد جيوشه.. وما شأن القاضي بالحرب؟ وهل من أحد يعرف اسم الخليفة أو قائد جيوشه اللذين خسرا الحرب أمام المغول؟ طبعا لا.. لم يبق سوى اسم القاضي الذي راح مثلا

لماذا كل هذا القتل؟ وماذا بعده؟ لا نفع من هذه الأسئلة، ما دام للبرابرة إعلام.. هو نفسه الإعلام الذي برر قتل الإمام الحسين عليه السلام.. ألم يقل حينها، إنه قتل على سنّة جده صلى الله عليه وعلى آله وسلم.. لم يتغير شيء.