قضية فلسطين في مهب الريح
محمود الشيخ
منذ وقع اتفاق اوسلو وحتى اللحظة التى نعيش تزداد بل تتعمق اسباب تصفية المسألة الفلسطينية او على اقله دحرها الى عشرات السنين،وبالتالي فقدان الأمل في وصول شعبنا الى حقوقه المشروعة،والإنتهاء منها كقضية شعب لتصبح قضية مواطنه وحقوق مدنية نكافح كشعب لنطالب بمساواتنا بالحقوق المدنية مع شعب اسرائيل ان اتفقنا انهم شعب.
وما يزيد الطين بلة اننا لسنا ابناءا لدولة الإحتلال بل ابناء لسلطة هشة يتحكم في مصيرها الإحتلال الإسرائيلي يستخدمها للحفاظ على امنه من جهة ويكرس احتلاله من جهة اخرى،واعتبارها امام العالم انها سلطة شعب يحكم نفسه بنفسه،ليس له حقوق لدى دولة الإحتلال وان ما وصل اليه الشعب الفلسطيني من حقوق التصرف ضمن اتفاق اوسلو الظالم،الذي لعب دورا في دحر القضية الفلسطينية عشرات السنين وانهك قواه السياسية،ومزق وحدتهم،يتكىء عليه الإحتلال للمضي قدما في استمرار احتلاله ومسمرته،وزيادة نهبه ومصادرته للأرض،وتوسيع مستوطناته وزيادة حجم ونسبة المستوطنين،في الضفة الغربيه،وتطوير اشكال التعديات على شعبنا الفلسطيني،من قتل وتدمير وهدم البيوت،مع ارتفاع منسوب الكراهية لدى اليهود والجيش على الشعب الفلسطيني،حتى باتت عمليات قتل الشباب اسهل بكثير من قتل اي كائن حي على وجهة البسيطة،دون رادع ولا محاسب وحتى غير معاتب.
وتتجرأ اسرائيل بفعل مجموعة اسباب وقعت منذ توقيع اتفاق اوسلو على الإقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك،اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين،وليس على اقتحامه فحسب بل السعي الحثيث لتقسيمه،ليكون جزء مهم من مساحته لليهود يؤدون فيه شعائرهم الدينية،كما الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل اقتسموه مع المسلمين في الوقت والمساحة.
صحيح ان اسرائيل دولة عدوانية وتوسعية اطماعها ليس لها حدود انما ما دفعها ولا زال يدفعها للقيام بهذه الأفعال سواء مصادرة الأراضي ونهبها،او هدم البيوت وقتل الشباب،واستمرار حملات الإعتقال وطرد اهالي القدس وهدم بيوتهم وازدياد حجم التعديات على الشجر والحجر،وضرب الإقتصاد الفلسطيني وتعميق المشاكل الإجتماعية وعدم الإكتراث بالسلطة الفلسطينيه بل عدم احترامها واحترام دورها،بل مطالبتها القيام بدورها المنوط بها والمتعلق بالتنسيق الأمني،حفاظا على امن اسرائيل اما امن شعب فلسطين فلا علاقة لهم به، في نفس الوقت اسرائيل غير مكترثه بمختلف القوى السياسيه،التي اعمدت نفسها ثقافة اوسلو واعتبرته طريقا للوصول الى حق الشعب الفلسطيني معتمدين المفاوضات خيارا استراتيجيا دون استناده الى اي شكل من اشكال المقاومه،مع بقاء القيادة السياسية اسيرة الراعي الأمريكي لذلك بات شعارها السياسي محبط وغير فاعل وكسيح،مع تبلور ثقافات انقساميه،وفؤوية،شديدة الحساسية مثلما تبلورت ثقافات تطبيعية،اعتبرت ان القضية الفلسطينية بعد اوسلو غدى حلها قاب قوسين او ادنى.
على نفس الصعيد رمت القيادة من وراء ظهرها اي شكل من اشكال المقاومة اكانت شعبية اوغيرها مع تدني حجم الهجوم السياسي والدبلوماسي على اسرائيل في العالم وكأن القيادة ترجف يدها وتتوسل ان لا تلوموني عندما تتخذ اي قرار يتعلق بموضوع الهجوم السياسي، في الوقت الذى سيطر على سلطة اتخاذ القرار فئة لها مصلحة حقيقية في عدم التصادم مع اسرائيل شكلت هي الأخرى عائقا امام اي حالة كفاحية ونضالية لتعزيز سلطتها التفردية في اتخاذ القرار،ومن اجل ذلك عملت على تهميش دور ( م.ت.ف ) بل انهائه فباتت بحكم الهيئة الميتة والمشلوله،تعززت مكانة السلطة على حساب مكانة (م.ت.ف ) فبدل ان تكون السلطة اداة كفاحية بيد شعبنا الفلسطيني،اصبحت اداة تخدم امن اسرائيل، ولا يعمل احد من القوى السياسيه او القيادات على تحويل دورها وتعزيز مكانة ( م.ت.ف ) وشجعت التطبيع ولم تدعوا الى مقاومته او الى مقاطعة للمنتج الإسرائيلي،بل دعت بحياء الى مقاطعة منتج المستوطنات. تبع ذلك تهميش دور القوى السياسية على اختلاف حجمها ومكانتها حتى باتت هي الأخرى لا دور ولا مكانة لها وغدت اسماء على الجدران بلا فعل ولا قوة تستخدم هي الأخرى للتصفيق والتهليل والتكبير.
وغدى الفعل اليومي لأفر اد محدودي العدد هم اصحاب القول والفعل وما تبقى دورهم تصفيقي لا غير وما تقدم ترك اثرا نفسيا كبيرا على جماهير الشعب الفلسطيني وباتت محبطه ويائسه فاقدة الثقة بالسلطة والقوى السياسية وباتت الجماهير واقفه على الرصيف متفرجه كغيرها تلعن الزمان الذى وصلت اليه ولذلك شعبنا يساهم هو الأخر في انهاء المسأله الفلسطينية او دحرها دون ان يدري بفعل سكوته على قيادته وعلى مختلف اشكل الفساد الذى استشرى في السلطة والأحزاب السياسية ومختلف مؤسسات المجتمع المدني التى لعبت هي الأخرى في تبديد حلم شعبنا واعادة تشكيل ثقافته وضرب بنيتها التى ساهمت في تحقيق نجاحا عظيما في الإنتفاضة الأولى،وسكوت شعبنا على الفساد اعطى تلك الفئة مجالا واسعا ولا زال لزيادة فسادهم وانتشاره وضرب اي شكل من اشكال المقاومة او اعاقتها ومنع تطورها،وانشغلت القياده في الصراعات الداخلية وادارة الإنقسام واخيرا الإنشغال في الصراع على الرواتب،فلو تحرك شعبنا الفلسطيني ضد الفساد والفاسدين لتغير الحال وبقيت القضية الفلسطينية في قمة وهجانها ولمعانها،وبذلك تكون قوانا السياسية المصابة بحالة من الكساح الفكري والسياسي والميداني وشعبنا مساهمين بشكل وباخر في تبديد حلم شعبنا ودحر قضيتنا.
وطبيعي لا ينكر احد الوضع العربي له تأثير كبير على قضيتنا انما التأثير الأكبر على قضيتنا هو دورنا نحن شعب فلسطين وقواه السياسية،التي اعتمدت امريكا وسيطا ونحن نعرف من هي امريكا واعتمدنا دول الخليج الفارسي ادوات امريكا في المنطقه حليفا ونحن نعرف من عمالتهم لأمريكا وتواطئهم مع اسرائيل. ان استمرار شعور القيادة الفلسطينية بالعحز السياسي،وعدم قيامها وبشكل جدي بلملة صفوف شعبنا، وبقاؤها اسيره للدور الأمريكي،وخوفها من انضمامها للمؤسسات الدوليه باعتبارها دولة وعدم تهديدها دولة الإحتلال في قضايا جرائم الحرب،وعدم اتخاذها قرارا واضحا وصريحا بمقاومة التطبيع وقرارا بمقاطعة المنتج الإسرائيلي لتحويل الإحتلال الى احتلال خاسر،واستمرار اعتمادها المفاوضات خيارا استراتيجيا لحل المسألة الفلسطينية،واستمرار اعتمادها ثقافة اوسلو التى مزقت وحدة شعبنا السياسية واتاحت فرصة لتمزيق وحدتنا الجغرافيه.
فان بقي هذا اسلوبها لن يكتب لقضيتنا غير اما دحرها عشرات السنين او تصفيتها،وتحويلنا الى مواطنين من الدرجة الألف،نطالب بمساواتنا بالحقوق المدنية مع غيرنا من ابناء دولة الإحتلال.