حقاً ما الذي نفسره من تدخلات اميركية في الشأن العراقي بغير انتاج نظام يشبه الانتداب الذي أقر قبل قرن وعقد من الزمان بتدخل بريطاني من قبل عصبة الامم الدولية؟ ففي مقابلة مع "ذي ناشيونال" صرح المبعوث الاميركي "توم براك" بان ايران تقدمت وملأت الفراغ في العراق لاننا صنعنا هيكلاً جنونياً جعل "الميليشيات الايرانية" تمتلك نفوذاً يفوق نفوذ البرلمان العراقي، فيما انفقت واشنطن الملايين وامضت عشرين عاماً دون نتيجة تذكر، فالعراق ضروري لاميركا بمقدار 1000%، وما حدث في العراق مثال للاشياء التي يجب ألا نكررها، لقد استثمرنا 3 تريليونات دولار وخسرنا مئات آلاف الارواح على مدار عشرين عاماً وغادرنا بلا اي نتيجة.

وعلى هامش منتدى الدوحة 2025 تحدث "براك" الى التلفزيون العربي انه قد ابلغ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بان الرئيس ترامب مستعد للمساعدة. فالوضع في العراق معقد وصعب للغاية، هذا بعد ان التقى السوداني في الثلاثين من نوفمبر، وألمح براك انه اذا استمرت "الفصائل المسلحة" في نشاطها فان "اسرائيل" ستوجه لها ضربة من دون اخذ إذن من اميركا، فيما ذكر مصدر داخل ادارة الرئيس الاميركي ترامب ان: "اعتقد انه يمكن القول بثقة ان وزير الخارجية ماركو روبيو قد نقل بعض الرسائل الصارمة الى بغداد لتوضيح ان لحظة الاختيار اصبحت قريبة".

ان خطة السلام التي طرحها ترامب واخذ التصريح من مجلس الامن الدولي بان يترأس مجلس السلام للاشراف على ادارة غزة، وباختيار مجموعة تكنوقراط فلسطينية بشرط ان تعمل بعيداً عن السياسة فيما الجهة الفعلية الحاكمة هي غير فلسطينية تقبض على التشريع والتنفيذ والقضاء وكأنها اعادة انتاج لنظام الانتداب، هذه الخطة بمثابة اعلان حرب على جميع فصائل المقاومة من فلسطين الى لبنان واليمن والعراق، وذلك حين يزور وفد الخزانة الاميركية بيروت والطلب باقفال اية مؤسسة مالية او تجارية لحزب الله وفي مقدمتها مؤسسة القرض الحسن. وكان من قبلها قرار لجنة تجميد اموال الارهابيين في العراق الذي يحمل الرقم 61 بتاريخ 28/10/2025 القاضي بتجميد اصول الارهابيين لـ24 كياناً صنفتها كتنظيمات ارهابية وكان من بينها؛ التسلسل ،

18 – حزب الله لبنان بتهمة المشاركة في ارتكاب "اعمال ارهابية".

19 – حركة انصار الله في اليمن "حركة ارهابية" شاركت في اركاب "اعمال ارهبية".

وشملت الضغوط الاميركية في ايلول الماضي باصدار قرار من وزارة الخارجية الاميركية يصنف 4 فصائل عراقية هي : كتائب سيد الشهداء، حركة النجباء، حركة انصار الله الاوفياء، وكتائب الامام علي "ع"، بانها منظمات "ارهابية". فهل كان قرار اللجنة العراقية لتجميد اموال الارهابيين الذي صدر الخميس الماضي قراراً عابراً أو نتيجة خطأ املائي بل كان اختباراً لاستكمال الحصار الذي تشنه اميركا على المقاومة الاسلامية. وبالطبع خرجت مسيرات جماهيرية جابت شوارع العاصمة العراقية وهي ترفع اعلام المقاومة مما يعكس تضامناً شعبياً والتأكيد على وحدة الموقف في مواجهة تهديدات واعتداءات الكيان الصهيوني في المنطقة، فيما امر رئيس الوزراء العراقي محمدشياع السوداني بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين، فعدلت اللجنة قرارها الذي نشرته الجريدة الرسمية واصدرت توضيحاً بشأن ما نشر في جريدة الوقائع.

بالتزامن مع هذه الاثارات افتتح (الاربعاء الماضي) المبنى الجديد للقنصلية الاميركية في اربيل وهي القنصلية الاكبر من نوعها على مستوى العالم. وهو المشروع المعروف بإسم ان سي سي ويغطي مساحة 51 فداناً (206 آلاف متر مربع) ويضم موظفين من 7 وزارات ووكالات اميركية، وتم الافتتاح بحضور "مايكل ريغاس" نائب وزير خارجية اميركا.