kayhan.ir

رمز الخبر: 216352
تأريخ النشر : 2025November18 - 20:15

تواطؤ دولي لوصاية اميركية على غزة

 

 واخيراً ضمنت اميركا الشرعية الدولية باستصدار قرار من مجلس الامن الدولي، بعد ان انقلب ترامب على ما اتفق عليه مع العرب بمجرد ان اجتمع الى رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو فعدل الخطة دون الرجوع الى دول عربية واسلامية مثل مصر والسعودية وتركيا وباكستان واندونيسيا التي بقيت مقترحاتهم ومشاريعهم حبيسة في دُرج المكاتب. ومع ذلك اصدرت هذه الدول بياناً تشيد بالمشروع الاميركي وتدعو الى اقراره، معتبرة خطة ترامب تعبير عن جهد صادق وتوفر مساراً عملياً نحو السلام والاستقرار ليس بين الفلسطينيين و"اسرائيل" فحسب بل بالنسبة للمنطقة ككل.

وما كان اعتراض مصر والاردن ابتداءً لخشيتهما من ان تكلّف القوة الدولية بمهام قسرية (نزع السلاح) قد تجعلهما طرفاً في الصراع وتُعرض قواتهما للخطر. اما بالنسبة للجانب الروسي فمشروعه اصلاً مستوحى من مشروع القرار الاميركي ولم تطالب المسودة الروسية سوى ان يحدد الامين العام للامم المتحدة خيارات لقوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة.

اذن "مجلس السلام" الذي حصل على موافقة 13 عضواً في مجلس الامن الدولي (الاثنين 17 نوفمبر)، وامتنعت روسيا والصين عن التصويت دون الاعتراض واستخدام حق النقض، هو تفويض لنشر قوة دولية، اذ تسعى واشنطن لتشكيل قوة استقرار دولية "ISF" تهدف بشكل رئيس الى نزع سلاح المقاومة، وادارة الوضع الامني في القطاع، وهو ما يتوافق مع المطلب الاسرائيلي بضمان "غزة منزوعة السلاح"، لا تشكل تهديداً وهو الشرط الاساس لـ"اسرائيل" بالقبول في الخطة اذ تضمن لها مرونة في العمليات العسكرية ضد البنية التحتية للمقاومة مثل الانفاق حتى بعد نشر القوة. فيما ترى حماس وبقية الفصائل الفلسطينية في نزع السلاح ونشر قوة دولية لتنفيذه تجريداً للمقاومة من حماية الشعب الفلسطيني وهو ما يشكل خطاً أحمر بالنسبة لها. كما ان العفو المذكور في الخطة لعناصر حماس بالتخلي عن السلاح يمنح القوة الدولية تفويضاً صريحاً من خلال هذا البند بتدمير ومنع اعادة البنية التحتية العسكرية لحركات المقاومة وهو ما يشمل الانفاق، ولذا اعتبرت حماس هذه الخطة بفرض الوصاية الاميركية على غزة وهو ما لا يلبي الحقوق والمطالب الفلسطينية وتعبر بوضوح حيادها للطرف الاسرائيلي.

حماس التي استعادت حضورها الواسع في الشارع منذ وقف اطلاق النار، ولمس سكان غزة تغيراً في الوضع الامني الداخلي بعد انسحاب الاحتلال وعودة مقاتلي حماس الى مراكزهم الاعتيادية بتسيير دوريات امنية في الشوارع لمنع الجرائم وملاحقة العصابات وتوزيع عادل للمساعدات بعيداً عن النهب الممنهج قبل ذلك.

فالاستطلاع الذي اظهره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية يفيد بان 51% من سكان غزة قد عبروا عن مواقف ايجابية تجاه اداء حماس، كما ان 41% قد قالوا انهم سيدعمون حماس في اي انتخابات مقبلة، هذه الحقائق لا تليق للجانب الاميركي الصهيوني لاسيما بعد ان خرجت الملايين من الشعوب في العالم للشوارع وللساحات لتقول لا للابادة ولا لسياسة التجويع ولا لتطبيق نهج التطهير العرقي، فصب القرار الدولي هذا لصالح "اسرائيل" اذ لم يتم عزلها ولا مقاطعتها عالمياً ولم يتم محاسبة مجرمي الحرب من رأس الهرم نتنياهو حتى اصغر جندي، فالجريمة بحق الشعب الفلسطيني هي جريمة بحق الانسانية جمعاء. كما وشجع القرار الاممي الكيان الصهيوني على ممارسة عدوان آخر، مثل اغلاق المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل – وهو احد اهم المعالم الدينية والاسلامية في فلسطين -، في محاولة لبسط السيطرة الكاملة على المسجد وتحويله الى كنيس يهودي ضمن سياسة تهويد ممنهجة تستهدف الحرم الابراهيمي ومحيطه. وهو المشروع الذي قدم في الكنيست، وحظي بتوقيع عشرات اعضائه من الائتلاف الحاكم بزعامة نتنياهو، ويدعو الى فرض السيادة الاسرائيلية وانشاء ادارة خاصة تتولى الترميم وتسهيل وصول المستوطنين، اضافة الى نقل ادارة المكان الى مجلس مستوطنة "كريات اربع".

ان كل تدخل اميركي في شؤون المنطقة يصب لصالح "اسرائيل" وان كان ظاهره مساع للسلام واحقاق الحقوق الانسانية، وهذا ما اشار اليه الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في كلمة القاها اول امس خلال احتفال لتكريم الشهداء، قائلاً: "ان الوصاية الاميركية على لبنان خطر كبير جداً، وهذه الوصاية لا تعمل من اجل استقرار لبنان، فاميركا معتدية وراعية للعدوان الاسرائيلي ... فالاميركيون هم الذين خربوا لبنان .... العملة انهارت بسبب اميركا والبنوك افلست بسببها، ومنعت وصول الكهرباء من مصر والاردن وعطلت النفط من خلال طريقة العمل واستدراج العروض ... اذا اردت ان تعرف اكبر المصائب الموجودة في لبنان؟ فتش عن اميركا .... ".