مواقف إيران الاسلامية منهج وليس أقوال
"نرى تباعاً وبأستمرار انجاز الوعود الالهية، فيما التهديدات موجودة دوماً لا شيء جديد ابداً، فمنذ بداية الثورة وهم يهددون الجمهورية الاسلامية لكنها بثباتها استطاعت إحباط هذه التهديدات"، هذه كلمات سماحة قائد الثورة الإمام الخامنئي – دام ظله – في تاريخ 21/8/2006، تعزز منهجية الثورة الاسلامية الايرانية بانها مستندة على مواقف ثابتة لا التصريحات والوعود الخاوية، فعلى سبيل المثال حين يعلن الامام الخميني "رحمه الله" بان احد اهداف الثورة الاسلامية تحرير الارض الفلسطينية فكانت حقاً قضية فلسطين احدى شواغل القيادة الايرانية ومن نقاط البحث المبكرة في مجلس قيادة الثورة في كيفية توفير اكبر قدر من الدعم المالي الثابت للثوار الفلسطينيين. وهذا نهج شوهد في سيرة الامام الراحل حتى في احرج الظروف وهو في المنفى، اذ اتصل مباشرة بالقيادة الفلسطينية وحثها على متابعة الجهاد وعدم التبعية لقوى الاستكبار والرجعية، وتبادل الرسائل مع القيادة الفلسطينية قائلاً في احداها: "ان القضية الفلسطينية كانت شاغلي الاساس منذ كنت في ايران ومازالت تشغلني في المنفى، انطلاقاً من كونها جزء مما تعانيه الامة الاسلامية" فتحولت هذه المناشدات والنصرة الخطابية الى افعال بعد انتصار الثورة الاسلامية، اذ استمرت مواقف الامام الخميني "رحمه الله" المناهضة للصهيونية فاعلن بعد عودته من النفي الذي استمر خمسة عشر عاماً: "اليوم ايران وغداً فلسطين". لتترجم الخطوة الاولى برفع علم فلسطين مكان العلم الاسرائيلي وتسليم الفلسطينيين سفارة "اسرائيل" في طهران، فكانت الدولة الاولى في المنطقة التي تمنح سفارة للثورة الفلسطينية.
وجاءت مواقف سماحة قائد الثورة الامام الخامنئي – دام ظله – تعضد كلماته: "من اجل الوصول لهذا الهدف السامي (تحرير فلسطين) لابد من العمل وليس الكلام ولابد من الجد وليس الممارسات الاستعراضية ... والتدبر لا السلوكيات المتلونة .. فمشروع الجمهورية الاسلامية الايرانية لحل قضية فلسطين ولمداواة هذا الجرح القديم مشروع واضح ومنطقي ... " فعرض سماحته في كلمة بمؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية بتاريخ 1/10/2011 هذا المشروع "ان دعوانا هي تحرير فلسطين وليس تحرير جزء من فلسطين، اي مشروع يريد تقسيم فلسطين مرفوض بالمرة. فمشروع الدولتين الذي خلعوا عليه لبوس الشرعية "الاعتراف بحكومة فلسطين كعضو في منظمة الامم المتحدة" ليس سوى الاستسلام لارادة الصهاينة اي "الاقرار للدولة الصهيونية بالارض الفلسطينية"، وهذا معناه سحق حقوق الشعب الفلسطيني وتجاهل الحق التاريخي للمشردين الفلسطينيين بل وتهديد حقوق الفلسطينيين الساكنين على اراضي 1948، وهو يعني بقاء الغدة السرطانية والتهديد الدائم لجسد الامة الاسلامية وخصوصاً شعوب المنطقة ... فكل فلسطين لكل الشعب الفلسطيني من النهر الى البحر".
هذه المواقف من قبل ايران كلفها الكثير من التضحيات ولعل الانعطافة المفصلية كانت واضحة خلال حرب الـ12 يوماً حين كشر الغرب عن انيابه من خلال الدعم الاميركي الفاضح لـ"اسرائيل" في قصف المنشآت النووية الايرانية في محاولة يائسة للضغط كي تغير ايران من موقفها حيال القضية الفلسطينية ونصرة المقاومين عموماً. فجاء الرد الايراني قاصماً تطبيقاً للمنطق القرآني "وقتل داود جالوت" فمقلاع ابناء الثورة اصاب مقتلة من الصهاينة رغم كل الصراخ والتخريص والتهديد بفرض عقوبات مغلظة لم تفت من عضد الجمهورية الاسلامية حتى صرح العضو البارز في مجلس الامن القومي الاميركي "غاري سيك" خلال رئاسة: فورد، كارتر، ريغان في كتابه "كل شيء ينهار": "لم تمتلك اي دولة الموارد والتسهيلات التي تمتلكها اميركا، وقد حشدت جميع الموارد ضد النظام الثوري الايراني لممارسة اقصى قدر من الضغط في المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والقانونية والمالية وحتى الدينية، ولكن مع مرور الوقت أدرك أن قدرة ايران على الصمود في وجه الضغوط والمشاكل الداخلية والخارجية تفوق التوقعات بكثير".
وستظل هذه المواقف المشرفة لنصرة المقاومين من الامة تورث كابر عن كابر وان اختلفت آليات المواجهة كما تقتضيها الظروف لا بما يحاول ان يمليها الغرب عن طريق ضغوط اكل عليها الدهر وشرب وآخرها تحرك اميركا والترويكا الاوروبية لتقديم مشروع قرار جديد الى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي هو اجراء غير قانوني واساءة لاستخدام الاليات الدولية في فرض الاراء غير العقلانية على الشعب الايراني بتسييس الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين غداً الاربعاء في فيينا.