عراقجي: ايران اقوى بكثير مما كانت عليه قبل حرب الـ12يوما
*الاعداء فشلوا في تحقيق ما أرادوه من خلال تدمير برنامجنا النووي عبر القوة العسكرية
*لا يمكن أن يحقّق طرف ما عبر المفاوضات ما عجز عن تحقيقه في الحرب
*الدبلوماسية ما زالت الحل النهائي لتسوية الخلافات بالالتزام بمعاييرها وضوابطها
*لا سبيل لحل القضايا مع إيران إلا من خلال الدبلوماسية ولغة الاحترام والكرامة
*الكيان واميركا لم ينجحا في بلوغ أيٍّ من أهدافهما في العدوان على ايران بل واجها الهزيمة
طهران-ارنا:-اكد وزير الخارجية على أن للمفاوضات والدبلوماسية قواعدَ وأسسا، موضحا ان الدبلوماسية مازالت قادرة على الاستمرار، وما زالت الحل النهائي لتسوية الخلافات، ولكن يجب الالتزام بمعاييرها وضوابطها ومبادئها.
و خلال جلسة نقاشية متخصصة في المؤتمر الدولي حول "القانون الدولي تحت الهجوم؛ العدوان والدفاع"، رأى وزير الخارجية عباس عراقجي، أن الهجوم الصهيو-امريكي العسكري الأخير على إيران، والذي كان في الواقع هجوما على الدبلوماسية أيضا، كان من جهة بمثابة أول صاروخ أطلقته الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي يضرب طاولة المفاوضات الإيرانية- الأمريكية.و من جهة، أظهرت هذه الحرب أنه لا سبيل آخر سوى الدبلوماسية.
وأشار وزير الخارجية الى أن الهدف الذي سعى إليه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة من هذه الحرب لم يتحقق، وقال: "لم ينجحا في بلوغ أيٍّ من أهدافهما، بل واجها هزيمة واضحة. فإذا كان هدفهما القضاء على البرنامج النووي الإيراني، فإن هذا الهدف لم يتحقق. لقد قلتُ مرارا انه قد تُدمَّر المنشآت وتُهدم، لكن لا يمكن تدمير تكنولوجيا التخصيب وعلومه بالقصف، والأهم من ذلك أن إرادة الشعوب لا تُهزم ايضا بالقصف الجوي.
ومضى يقول انه على الرغم من تضرّر المنشآت النووية، الا ان هذه التكنولوجيا ما زالت قائمة، بل إن إرادة ايران وشعبها أصبحت أقوى من ذي قبل. موضحا ا نه حاليا بدأت مطالبات جديدة للمفاوضات مجددا.معتبرا ان هذا أمر طبيعي؛ لأنهم فشلوا في تحقيق ما أرادوه من البرنامج النووي الإيراني عبر القوة العسكرية. مؤكدا على ان هذا بالضبط ما كان يتم التشديد عليه مرارا وتكرارا ، ان الملف النووي الإيراني لا يُحل عسكريا وقد جرّبوا ذلك، وتأكدوا أن هذا الحل ليس بالحل الصحيح.
وشدّد عراقجي على أن للمفاوضات والدبلوماسية قواعد وأسسا، وقال: "لا يمكن أن يحقّق طرف ما عبر المفاوضات ما عجز عن تحقيقه في الحرب، ثم يفرض شروطه على الطرف الآخر. إن الخطوة الأولى في الدبلوماسية والمفاوضات هي أن نعترف ونقبل حقيقة ان المفاوضات تختلف عن الإملاءات والاكراه والضغط بالقوة. ففي المفاوضات، يجري الحديث عن مقايضة ومنافع متبادلة. لا يمكن لطرف واحد أن يحصل على كل ما يريد. يجب أن تستند المفاوضات والدبلوماسية الى أسس معقولة ومنطقية، وأن تُجرى بجدية وصدق".
وأكد وزير الخارجية: "إذا توفّرت هذه الشروط للمفاوضات، فإن الجمهورية الإسلامية قد أثبتت دوما أنها مستعدة دائما للتفاوض. نحن لم نترك طاولة المفاوضات في أي وقت؛ بل كان الطرف المقابل دائما هو من يخون المفاوضات. "
وبيّن انه في الاتفاق النووي عام 2015، تفاوضت الجمهورية الإسلامية الايرانية بحسن نية، ووقّعت الاتفاق بحسن نية، وطبّقته بحسن نية. لكن الولايات المتحدة، من دون أي مبرر، وفي الوقت الذي كانت إيران ملتزمة تماما بجميع تعهداتها، انسحبت من الاتفاق بلا سبب، وخانت الدبلوماسية والاتفاق ذاته الذي كان ثمرة للدبلوماسية، وكان العالم كله قد احتفل به في عام 2015.
واكمل ان هذه المرة أيضا، برزت هذه الخيانة بشكل أسوأ، من خلال شنّ هجوم على إيران. لم تتهرب ايران من الدبلوماسية، بل كانت أمريكا والدول الغربية هي التي سعت دائما لفرض رغباتها خلال المفاوضات.
وعلاوة على ذلك ، استطرد عراقجي معتبرا ان الدبلوماسية مازالت قادرة على الاستمرار، وما زالت الحل النهائي لتسوية الخلافات، بشرط الالتزام بمعاييرها وضوابطها ومبادئها.
وردا على سؤال حول ماهية المشهد العام لإيران ومنطقتها وعلاقتها بالعالم في الظروف التي تلت الحرب الصهيو-امريكية عليها، قال وزير الخارجية:"أمّا بشأن المستقبل، فأنا أرى مستقبل الجمهورية الإسلامية الايرانية في المسار الذي بدأناه في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، مستقبلا واعدا وإيجابيا جدا. من واقع الأمر أننا استطعنا تجاوز حرب شديدة وقاسية بنجاح كبير."
واكد عراقجي: "حربنا كانت دفاعا عن أنفسنا في مواجهة هجمات الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وبمشاركة عدد كبير من الدول الأخرى التي لا أريد ذكر أسمائها، لكن بعض هذه الدول اعترفت بأنها ساعدت قوات الكيان الإسرائيلي احيانا في الدفاع واحيانا اخرى في الهجوم. والاهداف التي وضعوها في هذه الحرب لم تُحقَّق بأيّ شكل من الأشكال."
وأشار رئيس الى أنه في الأيام الأولى من الحرب، طالبوا إيران بالاستسلام المطلق دون شروط، وقال:"لكن في اليوم الثاني عشر من الحرب، أرسلوا رسالة يطلبون فيها وقفا فوريا لإطلاق النار دون شروط. وكان ذلك لأنهم فشلوا تماما في تحقيق أهدافهم."
وتابع : بينما وفي المقابل نجحت إيران في اليوم الأول من الحرب خلال ساعات قليلة في تجهيز نفسها للدفاع وتقديم مقاومة قوية جدا، وقد اكتسب هذا الدفاع يوما بعد يوم أبعادا أقوى. وإذا تكرّرت الحرب مستقبلا، فسنكون أقدر وأقوى من ذي قبل على المواجهة، وهذه القدرة نفسها تشكل عاملا رادعا ضد اندلاع حرب جديدة.
وأردف: "نسمع أحيانا أن الأجواء الإيرانية كانت تحت سيطرة الطائرات الصهيونية، لكن لا يُذكَر الجانب الآخر: أن أجواء الكيان الصهيوني كانت أيضا في مرمى الصواريخ الإيرانية. ففي الأيام الأخيرة من الحرب، عملت هذه الصواريخ بقوّة وفعالية ودقة مذهلة، لدرجة أن الكيان الصهيوني لم يجد أمامه سوى طلب وقف إطلاق النار فورا ودون شروط."
وأكّد: "لقد تجاوزنا هذه الحرب بنجاح. التكنولوجيا النووية التي سعوا لتدميرها لا تزال قائمة. كما ذكرتُ سابقا، حتى لو دُمِّرت المنشآت والمعدات، فسيُعاد بناؤها؛ المهم هو إرادة الشعب الإيراني والتلاحم الوطني الذي استهدَفوه ولم ينجحوا في كسره. أمام هذا العدوان، وقف الشعب الإيراني أقوى وأكثر وحدة ودعما للحكومة والنظام."
وأوضح وزير الخارجية: "اليوم، بعد مرور بضعة أشهر على حرب الـ12 يوما، أؤكد بثقة أننا من حيث القوة الدفاعية أصبحنا أقوى بكثير مما كنّا عليه قبل ذلك. لقد أعدنا بناء قدراتنا بالكامل. استخلصنا من هذه الحرب دروسا وعبرا كثيرة."
وتابع: "تعرفنا على نقاط ضعفنا وعلى نقاط ضعف العدو، كما فهمنا جيدا نقاط قوتنا ونقاط قوة الآخرين. وبالتالي، إذا اندلعت حرب مماثلة مرة أخرى، فسنكون قادرين على المواجهة بشكل أفضل وأقوى من ذي قبل، وهذه القدرة بحدّ ذاتها هي ما يردع العدو عن شنّ حرب جديدة."
وأضاف عراقجي: "السبب الذي دفع الأعداء لبدء حرب الـ12 يوما كان خطأ في الحسابات؛ فقد اعتقدوا أن إيران غير مستعدّة للدفاع عن نفسها، لكنهم اكتشفوا على أرض الواقع أن هذا الاعتقاد خاطئ. ونحن اليوم أقوى مما كنّا عليه حينها، ولا شك أن هذا الاستعداد القوي يُعد أهم عوامل منع تكرار الحرب. وإذا كرّر العدو تجربته الفاشلة السابقة، فلن تكون النتيجة سوى فشل متكرر."
واكما انه "في الوقت نفسه، نجحنا في إحياء العديد من قدراتنا الدفاعية والتقنية. ومن ناحية أخرى، فمنذ أكثر من 40 عاما، تتصدّى الجمهورية الإسلامية الايرانية للعقوبات، وتشق طريقها عبرها. لا أقول إن العقوبات لا تكاليف لها أو لا تُسبب مشاكل؛ بل إنها بالتأكيد تفرض تكاليف كبيرة وتخلق تحديات جمّة لنا ولشعبنا، لكنها رغم ذلك لم تستطع كسر إرادتنا أو تقييد قدراتنا."
لا سبيل لحل القضايا مع إيران إلا من خلال الدبلوماسية ولغة الاحترام والكرامة
وفي معرض حديثه، ذكر عراقجي: كل من يزور إيران اليوم في الظروف الحالية، وفي اللقاءات التي أجريها، يبدي الاشخاص اعجابهم وانبهارهم من تمكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية من مواصلة طريق التنمية والتقدم بعد 40 عاما من العقوبات الأمريكية.
والمح وزير الخارجية :"نعم، هناك مشاكل اقتصادية، ولا أنكرها. والحكومة تعمل جاهدة بكل إمكاناتها لمواجهة هذه التحديات. ونحن نمتلك القدرة على إيجاد طريقنا عبر هذه الصعوبات، وأعتقد أننا حتى الآن قدمنا أداء ناجحا في هذا السياق."
وأكمل: "يجب أن تدرك الولايات المتحدة والقوى الأخرى أن هناك طريقا واحدا فقط لحل القضايا مع الجمهورية الإسلامية الايرانية الا وهو طريق الدبلوماسية واعتماد لغة الاحترام والكرامة. إذا تحدثوا مع الشعب الإيراني بلغة الكرامة والاحترام، فسيُجيبهم بنفس اللغة".
وبيّن: لقد أثبتنا ذلك بوضوح خلال مفاوضات الاتفاق النووي بين عامَي 2013 و2015؛ إذ حين تحدّثوا معنا باحترام، أجبناهم باحترام، ودخلنا في مفاوضات ناجحة لأنه تم مراعاة مبادئ التفاوض . أما إذا تحدّثوا مع الشعب الإيراني بلغة أخرى، فسيُجيبهم بنفس اللغة، وهو ما جرّبُوه أنفسهم خلال حرب الـ12 يوما."
وختم عراقجي قائلا:"على صانعي القرار أن يدرسوا التجارب التاريخية ويستفيدوا منها لرسم مسارات المستقبل. أمامنا اليوم تجربتان واضحتان من الماضي الحديث: الأولى تجربة مفاوضات عام 2015 التي أدّت إلى اتفاق احتفل به العالم ككل كإنجازٍ دبلوماسي كبير، قبل أن تخونه الولايات المتحدة لاحقا."
وتابع : اما الثانية تجربة الحرب الأخيرة، حين ردّ الشعب الإيراني بنفس القوة التي وُجِّهت إليه، ورأى الجميع نتائج هذا الرد. هاتان التجربتان الآن أمام أعين الجميع. وعلى من يريد التفاعل مع إيران أن يختار أيّهما يريد أن يجعله معيارا لتعامله. ونحن مستعدّون لمواجهة أي من الحالتين."